[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

ثورة ملهمة لإعادة الحياة

أعادت الثورة الشبابية السلمية الروح لليمن واليمنيين ، مانحة إياهم فرصة تاريخية استثنائية لتصحيح مسار الحياة السياسية والاجتماعية التي قام النظام الحاكم بتخريبها وتعطيلها واختزالها في شخص رأس النظام ومجاميع المقربين والمنتفعين منه على مدى ثلث قرن مضى كان مليئا بالصراعات السياسية والطائفية والجهوية.

كرس صالح ونظامه وجودة وهيمنته على مفاصل ومجريات الحياة السياسية والحياة العامة اعتمادا على ثنائية المال والعسكر، التي جعلها أدوات أساسية لشراء الو لاءات، ومواجهة خصومه وكسر إراداتهم وطموحاتهم السياسية والاجتماعية، وذلك عبر إشعال الصراعات والحروب القبلية وإذكاء نيرانها،لإشغال تلك القوى عن مراقبة الهدر السياسي والاقتصادي للمنظومة الحاكمة، التي تم تكريسها لتعزيز هيمنة رأس النظام وأقاربه ورجالاته على مفاصل البلاد، ومقدراتها الاقتصادية.

اتسمت فترة حكم صالح بالعمل على تقوية وتعزيز التناقضات والاختلافات الاجتماعية والثقافية والسياسية، وإفراغ القيم الاجتماعية والسياسية والثقافية للقوى السياسية والتقليدية من محتواها القيمي، من أجل ضربها وإضعافها، ومن أجل تحقيق تلك الأهداف قام صالح بعقد سلسلة من التحالفات الوقتية القصيرة مع عدة مكونات أساسية سياسية واجتماعية في المجتمع، وفق إستراتيجيتي (فرق تسد) و( العصا والجزرة).

اشتغل صالح ونظامه بمحاولة مسخ الهوية اليمنية وتشويه الذات الشخصية لليمنيين، عبر تسويق المجتمع اليمني كمجتمع بدائي متخلف وعدائي تسوده الانتهازية والهمجية، وساهم في تعزيز الصراعات البينية وزيادة مساحة الصراع على الهامش، بينما استأثر هو ومشروعه الخاص المرتكز على تفتيت القوى السياسية المعارضة لمشروع التوريث، أو الوصول لسدة الحكم ولو كان حتى عبر الأدوات الديمقراطية التي يدعي ممارستها ودعم آلياتها الشكلية، وكانت النتيجة هي المزيد من إحكام القبضة الأمنية والسياسية والاقتصادية لمنع حدوث أي تحولات جذرية حقيقية للتغيير والمشاركة الايجابية.

تحاول الثورة الشعبية والشبابية السلمية تجاوز جميع المعوقات والتناقضات التي حاول النظام تكريسها عبر سنوات حكمه الطويله، التي صنعت فجوات عديدة ومعقدة بين اليمنيين، ومن أجل تجاوزها كان لا بد من ثورة حقيقية تبدأ من أسفل الهرم الاجتماعي والسياسي وليس من قمة الهرم، لاجل أحداث تحول حقيقي في بنية المجتمع، تتعدى التغيير السياسي المحدود في رأس النظام، وتسهم في ترميم ماأفسدته سوء ممارسات النظام في علاقة اليمنيين وبعضهم البعض، واعادة ثقة الناس بأنفسهم وقدرتهم على المشاركة الايجابية في بناء البلد، واعادة الاعتبار لكل القيم السياسية والاجتماعية والثقافية التي حاول النظام تشويهها واستخدامها كأدوات للصراع والتناحر.

أظهرت الأشهر الماضية قدرة اليمنيين على الصمود بشكل أسطوري، في وجه نظام لا يألوا جهدا في تعريض اليمنيين لكل صنوف القهر والعقاب الجماعي، مستخدما كل وسائل العنف والقتل والتجويع في محاولة بائسة لقهر الثورة واخضاع الثوار، لخروجهم السلمي للساحات والميادين من أجل استراد حقوقهم، وإصلاح ماافسدته منظومة الحكم الفاسدة من طغيان واستبداد.

أعادت الثورة لليمنيين الثقة بقدرتهم على التغيير والصمود، ومثلت مناسبة هامة لاكتشاف المغالطات والأكاذيب المفتعلة حول صورة اليمنيين امام العالم الخارجي، وكشفت أن الفروقات والاختلافات والصراعات بين اليمنيين ماهي الالعبة قذرة وكاذبة مارسها صالح للاستمرار في الاستحواذ على السلطة ونهب مقدرات البلاد.

الثورة مشروع منجز وباتت مكسب لكل الشعب لن يتنازل أي أحد عنه حتى إجتثاث النظام الفاسد ومحاكمة كل رموزه وجميع من تواطأ معه في جرائمه ضد شباب الثورة وفي حق كل ما هو جميل في هذا البلد.

زر الذهاب إلى الأعلى