[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

قراءة في دلالات مسيرة الحياة

حملت مسيرة الحياة معها جملة من الدلالات المهمة يمكن عرض أبرزها في الأتي:

* هي المسيرة الأولى في تاريخ اليمن وربما تمثل سابقة عالمية لكونها حدث نوعي متميز تكتسب به صفة العالمية , وستتصدر قاموس النضال السلمي ضد الحكم الاستبدادي باعتبارها فعل أسطوري يستحق الإعجاب , وسيُكتب لها الولوج في سطور التاريخ العالمي مقرونة باسم الطاغية صالح وعائلته , وهذا أمر سيشكل انزعاج شديد لصالح وعائلته , فهذه المسيرة النوعية وضعت وشما تاريخيا , كختم عالمي لملف عائلة صالح الذي أراد الخروج المشرف , ولا شرف بعد هذا الوشم.

ولهذا يعتبرها صالح وعائلته نسف للمبادرة الخليجية لكونها أفرغت الخروج المشرف شكليا من مضمونه الشكلي , وأصبح خروج مختوم بوشم مسيرة الحياة الرافضة للبقاء العائلي والمطالبة بالمحاكمة , بهذه المسيرة حُكم على صالح وعائلته الخروج المذل ليس من السلطة بل من الحياة كلها , من ينتسب لهذه العائلة سيلاحقه العار في كل بقاع الأرض.

* مرور المسيرة بسلام من تعز إلى اب وذمار حتى مشارف العاصمة واستقبالها بحفاوة بالغة على امتداد خط سيرها كل ذلك يعكس ضيق الشعب لبقاء صالح وعائلته حتى وهم خارج السلطة لما نال الشعب منهم من ويلات فما الاستقبال الحافل الا رسالة تأييد لمحاكمة القتلة والمجرمين الذين استباحوا المحرمات وتجاوزوا كل القيم وعبثوا بكل شيء, ورسالة مفادها يا صالح لا مكان لك بين اليمنيين لا أنت و لا عائلتك ولا حاشيتك.

* تزامن إعلان صالح عن خروجه من اليمن مع وصول المسيرة يؤكد ان المسيرة عززت قناعة كل الأطراف خصوصا الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ان بقاء صالح وعائلته سيعيق أي تحول نحو الاستقرار وسيعمل على تعزيز استمرار الفوضى في البلاد, فلن ينعم الناس بالراحة ما دام كابوس صالح يعبث هنا وهناك ويحاول التدخل وإرباك الأوضاع كلما خطت عملية التغيير خطوة نحو المستقبل , فمادام صالح يتململ ستظل لغة الثورة ومنهجية التثوير هي الفعل السائد في أوساط الشباب وقوى الثورة.

* المسيرة جاءت لتأكد ان الشعب لم يسئم النضال وان لديه القدرة والطاقة الكامنة لمواصلة درب التحرر , ولن يتوقف أو يستكين حتى يبلغ مقاصده , تلك الطاقة المتجددة تقطع حبال الوهم لدى لصوص الثورات الذين يراهنون على فتور الهمة الثورية ويترصدون حدوث حالة استرخاء وجمود ليتسللوا كلصوص ليل ادهم فيقلبون البساط لصالحهم هؤلاء ليسوا قوى محلية فقط بل أيضا قوى خارجية لا تروق لها مفردات الثورة والتحرر.

* في المسيرة إشارة أو رسالة تجدد معنى الزحف وتبعثه من جديد , ولكنه ليس زحفا من ساحة التغيير بل زحف من ربوع اليمن قاطبة إلى حيث يتمترس بقايا النظام العائلي إلى قلب قصورهم المشيدة , فيما لو استمروا بعبثهم وتمنعهم عن الإذعان لإرادة الشعب الجامعة والمجتمعة على رحيلهم , فلا خيار أمام الجماهير حينها سوى الزحف إلى العاصمة واستكمال ما فشلت المبادرة في تحقيقه.

* المسيرة رسخت عرفا ثوريا ووطنيا جديدا فسنشهد مسيرات مماثلة إلى عدن لتعزيز الوحدة الوطنية وإحياء روح التآخي الذي مزقه فساد الحكم العائلي , وربما نشهد زحوف أخري لحل قضايا أخرى في صعدة وغيرها انه زمان الحل الجماهيري بأعرافه وتقاليده الجديدة.

* جسدت المسيرة نموذج كرة الثلج كفعل ثوري مؤثر , فالمسيرة خرجت من تعز بعدد متواضع لكن تلك النواة الثورية تعاظمت واتسعت , فحيثما مرت المسيرة زاد زخمها واتسعت رقعتها , وحين وصلت إلى مشارف العاصمة كان حجمها مذهلا , ومرعبا لخصوم الشعب , وهذا الأمر قد يتكرر ضمن عملية تثوير منظمة وبصورة اكبر مما تم , اذ لابد لكل مرحلة نضالية من فعل ثوري متجدد وموازي لحجم التحديات.

* عززت المسيرة عمليا ان قوى الثورة وان اختلفت فيما بينها الا انها لا تتآمر على بعضها البعض ولا تفرط في جزء منها , و تسمح بالاعتداء على أي مكون من مكوناتها , وتلك رسالة مفادها , ان على الجميع ان يدرك ان ثورة التغيير قد كنست الماضي بكل قيمه الفاسدة وأساليبه القذرة , ففي ظل التغيير يكون الاختلاف مصدر للإثراء يصنع التنوع الايجابي , ولا يفسد الحياة بل يمدها بالطاقة المتجددة عبر الحراك المستمر.

زر الذهاب إلى الأعلى