[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

افتتاحية الخليج: ما يحتاج إليه اليمن

بعد التوقيع على المبادرة الخليجية في الرياض في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، من قبل أطراف الأزمة في اليمن لنقل السلطة، تفاءل المراقبون خيراً في أن يكون التوقيع خطوة في الطريق الصحيح لمعالجة الأوضاع التي يكابدها اليمنيون منذ بدء الأزمة قبل نحو عام .

وزاد التفاؤل بتحرك مساعي التسوية السياسية مع تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة المعارضة، وتشكيل لجنة الشؤون العسكرية، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة من المقرر أن تجرى بعد شهرين، إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن بعض القوى السياسية لايزال يراهن على معالجة الأزمات بمزيد من التوترات، والأحداث المؤسفة التي وقعت السبت الماضي في المسيرة الراجلة القادمة إلى صنعاء وراح ضحيتها 13 من الشباب، ترجمة حقيقية لهذه المخاوف .

اليمن يعاني في الأصل منذ ما قبل اندلاع ثورة الشباب المطالبة بالتغيير، وزادت هذه المعاناة أكثر بعد مرور 11 شهراً على اندلاعها، مع ما خلفته من مخاوف حقيقية على مستقبل البلد واستقراره، والأهم أمنه الغذائي، وجاءت الأرقام التي تتحدث عن وقوع أكثر من أربعة ملايين يمني تحت طائلة الجوع العام المقبل، إذ يأكلون وجبة كل ثلاثة أيام، لتدق ناقوس الخطر من أوضاع أسوأ في حال استمر أفرقاء الحياة السياسية في تبادل الاتهامات والاتهامات المضادة ونسوا معالجة الأوضاع الإنسانية التي تتدهور كل يوم .

لقد أفرز الصراع السياسي الممتد أشهراً عدة، أزمة إنسانية عميقة، بدا فيه اليمن كأنه يتجه نحو “النموذج الصومالي”، وهو ما حذر منه مؤخراً عدد من منظمات الأمم المتحدة المعنية بمتابعة الكوارث الإنسانية، وصار لزاماً على المسؤولين اليمنيين في السلطة والمعارضة مساعدة بلدهم عوضاً عن التفرج عليه وهو يغرق تدريجياً في أزمات متفرعة حتى لا يأتي اليوم الذي يبكون فيه على “اللبن المسكوب” .

يحتاج اليمن إلى عقلية مختلفة تدير المستقبل عوضاً عن العقلية التي أدارت الماضي وتدير الحاضر، عقلية تنبذ “الثأر السياسي” وتتبنى عوضاً عنه “الثأر من السلبيات والأخطاء والعثرات” التي جثمت على جسد الدولة اليمنية منذ ثورتها قبل خمسين عاماً وحتى اليوم .

خطاب التصالح مطلوب اليوم في البلاد أكثر من أي خطاب آخر، خطاب تعلو فيه مصلحة اليمن على مصلحة الأحزاب والأفراد مهما كان دورهم، فاليمن فوق المصالح الشخصية، والأولى أن يتفهم اليمنيون أوضاع بلادهم الحرجة ويعملوا على تجاوزها بأقل الخسائر الممكنة حتى لا تدخل البلاد في دوامة من الأزمات لا تنتهي .

زر الذهاب إلى الأعلى