[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

جانب من معادلة الواقع العربي اليوم

جزء كبير من المشكلات التي تعاني منها المجتمعات العربية اليوم , فيما يمكن وصفه بالواقع المرير والمتردي , والذي عمقت منه الأحداث الأخيرة وتفاعلاتها في المنطقة العربية , وما آلت إليه من التشرذم والاختلاف والتفكك والفرقة والصراع , وغير ذلك من الإشكاليات المزمنة التي يعيشها الشعب العربي ... انتظارا للمجهول ..... – يمكن للإنسان العاقل والباحث المتجرد – أن يصل إلى تحديد عدد جم من الأسباب والظروف التي خلفت هذه الأجواء المتوترة , والتي أصبحت على درجة من الإبهام , والباحثة عن تفسيرات واقعية لما آلت إليه الأمور من ترد واضح ومعاش , وما ستؤول إليه في المستقبل القريب والبعيد .

وفي تصوري أن من أهم تلك الأسباب وما يعزز من بقاء الأسباب الأخرى لهذا الواقع المؤلم .. ما تعرضت له شعوب المنطقة من إرهاق وإنهاك كبير عن طريق ما يمكن تسميته ب " عملية التسييس الجماعي " , وأعني بتعبير التسييس الجماعي .. إقحام الجماهير , وكل فئات الشعب بالممارسة السياسية , وفي ذلكم نوع من الإفراط والمغالاة , والتجاوز لعملية الوعي العام بالقضايا السياسية , ويندرج ذلك ضمن مخطط مشبوه يهدف إلى تخطي حدود التوعية والوصول بالناس إلى الاحتراف الجماعي للسياسة ... ولما كان هذا الأمر ليس متعذرا .. فان أعراض وعلامات الإرهاق والإنهاك قد وجدت طريقها سهلا وميسورا في قطاعات كبيرة من الشعب العربي .

وإلا ما معنى أن ترى وتعايش واقعا فيه ... مسئولون في الدولة يؤثرون مصالحهم السياسية والحزبية على مصالح البلاد والعباد ..ولا يعرفون ولا يقدرون أي قيمة للمسئولية ؟ !! .

وما معنى أن تلاحقك لعنة السياسة .. وتجبرك على تحديد مسارات حياتك ...وتتحكم في علاقاتك بالآخرين من حولك ؟!..

وما معنى أن ترى وتعايش واقعا فيه ... شبابا جامعيا معول عليهم صنع المستقبل , وقد حولوا فصول الدراسة إلى متاريس واستحكامات حزبية على مدى سنوات تحصيلهم العلمي ؟ .!!

وإذا ما رأيت من لا يرعوي حين ..تقول له اتق الله ...تأخذه العزة بالإثم فاعلم أن هناك خللا .. ما .!!

وإذا ما رأيت الناس من حولك في العمل وفي المجلس وفي الشارع وفي المسجد وفي المدرسة وفي كل اتجاه ... وحتى عن قرب أذا ما رأيت الجدة والأم والزوجة والأخت ... كلهم يهذرون في أحداث السياسة بتسطيح وقشورية ....و إلى درجة التشنج أحيانا .. فاذا رأيت كل ذلك هنا وهناك فاعلم .. أن " التسييس الجماعي " قد أخذ مداه وتمكن , واتخذ له مجرى إلى كل مفاصل المجتمع والدولة ... وبالتالي فانه المرض الذي يسري سريان النار في الهشيم ... ليفتك بكل المقومات المجتمعية , وينال من وحدة الشعوب الوطنية , ويمهد للفرقة والاختلاف وربما الاحتراب والمواجهة ...والذهاب إلى المجهول ...!

فكم هي ...الحاجة ماسة .. اليوم ..لتحمل المسئولية الفردية والجماعية , ومن خلال العلماء والنخب وكل الحريصين على مستقبل هذه الأمة , كما أنها مسئولية الجميع كل في موقعه ومحيطه ...في إخراج الجماهير التائهة والغافلة والمستغفلة ..من الشرك الذي أوقعت فيه , ومن هذا النفق المظلم بأوضح الرؤى , وبأقل الخسائر , وعلى كل هؤلاء أن يدركوا مدى حاجة المجتمعات العربية اليوم قبل الغد إلى تحديد الجرعات العلاجية اللازمة والعاجلة لتغذية الإنسان العربي بقدر معقول من التوعية الفكرية والعقائدية ... بلا إفراط ولا تفريط .. وبالقدر المناسب من الإدراك والوعي بقضايا الأمة الأساسية والمصيرية , وهكذا في جوانب الاقتصاد والاجتماع .. والإنتاج .. ومختلف جوانب الحياة .

على أن أهم تلك المعالجات هي الجرع الإيمانية التي تعيد صياغة حياة الإنسان العربي ..وفقا لما يؤمن به من القيم والمثل الدينية والأخلاقية , وتعزز لديه احترام حقوق الآخرين المادية والمعنوية , وأهمية فضيلة الرجوع إلى الحق ..وأنها خير من التمادي في الباطل , والتزود من كل ما سبق لرحلة الحياة الأخرى ..في تمثل القيم الإيمانية , وتقوى الله ,...والاستعداد للقاء الملك الديان سبحانه وتع إلى ... القائل في محكم التنزيل ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) صدق الله العظيم .

وبالمناسبة لا بد من التنبيه إلى أن أي اختلال في تلك الجرعات .. معناه الإبقاء على أسباب المرض .. واستفحاله .

وعلى انه مهما كانت الاجتهادات في هذا السبيل ... فلا بد أن يتم حصر كل الاجتهادات في إطار حديدي من الترابط والإصرار على إفشال مخططات أعداء الأمة .. تلك المخططات التي قرأت تاريخ الأمة العربية قراءة جيدة .. فوجدت فيه من الثغرات ما مكنها من التسلل إلى قلاعها وحصونها .. والعمل على هدمها وتحطيمها .

فهل نعي حجم وخطورة هذه المخططات .. ونكافحها بالنضج والفهم والإدراك .. آم نظل نستسلم للطفولية والسذاجة والمراهقة السياسية ..لنحقق لكيسنجر وأمثاله تطبيق نظرياتهم علينا ..!!

زر الذهاب إلى الأعلى