[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الحكمة يمانية

لليمن مكانة خاصة في قلوبنا جميعاً نحن العرب، ونتمنى من خالص قلوبنا جميعاً أن يعود “اليمن السعيد” سعيداً كما كان في سالف الأيام بحكمة أهله اليمانية.

قال العرب من الشعر ما يجعل منهم أهل الشعر بحق، وقيل الشعر في كل المعاني والأغراض، وما زال جل هذا الشعر خالداً إلى أيامنا، فهذه معلقات العصر الجاهلي، نقرأها ونحفظها إلى أيامنا هذه، واشتهرت قبيلة كندة بالحكمة وهي من أعرق القبائل اليمنية، موطنها حضرموت وفيها بيت الملك وسادت حقباً من الدهر، لم تعبد في الجاهلية الأصنام ولم تقسم بالأزلام، وفدت وفودها على الرسول (صلى الله عليه وسلم) طائعة مسلمة، وقال فيهم (ألا أخبركم بخير قبائل العرب ؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: السكون سكون كندة).

عرف المقنع الكندي محمد بن ظفر بن عمير بن.... ابن معاوية بن كندة وينتهي نسبه إلى يعرب بن قحطان، بالمقنع بسبب تلثمه خوفاً من العين لفرط جماله وبهاء حسنه، وهو شاعر من العصر الأموي، ويمتاز شعره برصانة الأسلوب وانتقاء الألفاظ والمفردات الشعرية بعناية فائقة، ولا يكاد يخلو كتاب من كتب الأدب المشهورة من قصيدته ذائعة الصيت التي يرد بها على بني قومه حينما عاتبوه على كثرة إنفاقه والاستدانة في سبيل ذلك:

يعاتبني في الدَّيْن قومي وإنما
ديوني في أشياء تكسبهم حمدا

ونشأ المقنع كريماً، فكان متخرقاً في عطاياه، سمح اليد بماله، لا يرد سائلاً عن شيء حتى أتلف كل ما خلفه أبوه من مال، وأحب ابنة عمه عمرو فخطبها إلى إخوتها، فردوه وعيّروه بتخرقه وفقره وما عليه من الدين؛ فقال هذه الأبيات:

ما قلّ مالي إلا زادني كرماً
حتى يكون برزق الله تعويضي

والمال يرفع من لولا دراهمه
أمسى يقلب فينا طرف مخفوضِ

ها هو ينفق ماله من شدة كرمه، بل ويستدين ليقضي حوائج الناس، وما أجملها من فلسفة ونظرة حياتية نحتاج إليها كثيراً في أيامنا!

أسدُّ به ما قد أخلّوا وضيّعوا
ثغور حقوق ما أطاقوا لها سدّا

فما زادني الإقتار إلا تقرّبا
وما زادني فضل الغني منهم بعدا

وإن الذي بيني وبين بني أبي
وبين بني عمي لمختلف جدا

أراهم إلى نصري بطاءون هم
دعوني إلى نصر أتيتهم شدّا

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى