[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

عبدربه في مرمى المؤتمر!!

منذ الإعلان عن المبادرة الخليجية بصيغتها النهائية (21 إبريل 2011م) بدأ الحديث الجاد عن طبيعة الدور المستقبلي الذي سيقوم به عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية، وذلك بالنظر إلى أن المبادرة قد نصت على أن يقدم الرئيس استقالته خلال ثلاثين يوماً ويسلم صلاحياته لنائبه.

ومع خروج علي عبدالله صالح من اليمن للعلاج في السعودية (4 يونيو 2011م) وجد عبدربه نفسه أمام اختبار حقيقي، حيث فرضت عليه الظروف أن يبدأ بشكل فعلي في ممارسة مهامه كنائب للرئيس وقائم بأعماله خلال فترة غيابه، ليس بالضرورة 100% ولكن بالقدر الذي تسمح به الظروف وبما يجعله يشعر أنه يدخل مرحلة جديدة مختلفة عما كان عليه وضعه ودوره خلال الفترة (94 - 2011م).

وهكذا تعامل الناس وتعاملت الدول الأخرى وسفراؤها مع عبدربه منصور كرجل أول في ظل الغياب القسري لصالح (4 يونيو -23 سبمتبر 2011م) برغم كل العراقيل التي حاول حزب المؤتمر وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية من أفراد العائلة وضعها أمامه.

وجاء قرار مجلس الأمن رقم 2014 (21 أكتوبر 2011م) ليؤكد أن عبدربه منصور يسير بخطى ثابتة نحو الوصول إلى الكرسي، حيث نص ذلك القرار على دعوة صالح إلى التوقيع على المبادرة الخليجية في أسرع وقت وبدون تردد. ولذلك بدا حفل التوقيع على المبادرة وآليتها التنفيذية في الرياض (23 نوفمبر 2011م) كمحطة فاصلة في تاريخ العلاقة التي جمعت بين صالح ونائبه عبدربه، حيث أصبح النائب في هذه اللحظة رئيساً فعلياً وبقي للرئيس صفة الاسم كدلالة شرفية لمدة تسعين يوماً فقط.

ولاشك أن عبدربه منصور هادي قد واجه خلال الفترة الماضية سيلاً من العراقيل وأساليب التحريض والتهديد المبطن والصريح. ولم تكن إساءة أحد قيادات حزبه له في اللقاء التشاوري (31 ديسمبر 2011م) إلا تعبيراً واضحاً عن حجم الضغط النفسي الذي مارسه التيار المتطرف داخل المؤتمر الشعبي ضد عبدربه، وهو ما يعني أن هذا التيار سيواصل حملة التهديد والتحريض خاصة مع اقتراب موعد 21 فبراير، وربما تأخذ تلك الحملة أشكالاً أخرى بعد ذلك التاريخ.

وبإمكان أي متابع أن يلحظ طبيعة التفكير والنقاشات التي أخذت تُطرح على مستوى قطاع واسع من أعضاء المؤتمر، فعندما تقابل أي صديق مؤتمري وتتبادل معه التحايا تجده يسألك «هاه كيف الأمور؟» فتقول له «الحمدلله الأمور ماشية». وهنا يبادر للسؤال المهم: «هل تعتقد أن الانتخابات الرئاسية ستنجح؟» فتجيب عليه: «أكيد». فيقول لك «أيش دليلك»؟ فتجيبه: «أن عبدربه مرشح توافقي وبالتالي فإن جميع الأحزاب ستدفع بأعضائها وأنصارها للمشاركة الفاعلة والتصويت وسيعملون على إنجاحها». وهنا تسمع حُكماً مسبقاً غريباً يقول: «لكن المعارضة -يقصد أحزاب اللقاء المشترك- لن يصوتوا لعبدربه؟» فتجيب: «بالعكس، المعارضة هم أول من طالب بتسليم السلطة له، وهم أول من أعلن ترشيحه، وموضوع إنجاح هذه الانتخابات هو أمر يهم كل القوى السياسية لأن شرعية المرحلة هي مطلب الجميع». ويعود هذا الصديق ليؤكد تشكيكه بقوله: «هم إذا صوتوا سيصوتوا له من أجل إنهاء عهد علي عبدالله صالح، لكنهم سينقلبوا على عبدربه بعد ذلك، فالمعارضة لا تريد عبدربه، هم يريدوا أن يسيطروا وأن يكون الرئيس منهم».

وبالتأكيد فإن هذا الحوار مع الصديق المؤتمري يعطي مؤشرات قادمة. وما أعلنه الرئيس صالح يوم خروجه الأخير للعلاج في أمريكا (الأحد 22 يناير 2012م) في إطار التذكير بانتخابات 1999م هو إشارة لبعض الأساليب التي سيعمل المؤتمر على استخدامها للتشويش ضد عبدربه بصورة مباشرة وغير مباشرة، وذلك لخلق أجواء من الشك بينه وبين مختلف القوى السياسية ولعرقلة الوفاق الوطني وإفشاله.

ولأن التيار المتطرف في المؤتمر الشعبي العام لن يستطيع تعطيل الانتخابات الرئاسية المبكرة، بحكم ترابط التعهدات المحلية والإقليمية والدولية على إنجاحها، لذلك سيحاول هذا التيار بالتحالف مع بعض التيارات الأخرى التي أعلنت بصراحة موقفها الرافض لهذه الانتخابات، وذلك بالعمل على إثارة البلبلة وتفجير بعض الصراعات والمشاكل هنا وهناك لإيجاد حالة من الإرباك على أقل تقدير.

وما يبدو من كلام صالح وكلام بعض الكوادر المؤتمرية، فإن أول معلومات حول سير الانتخابات تقدم إلى عبدربه (يوم 21 فبراير) ستقول له إن أحزاب اللقاء المشترك لم تصوت لك ولم تدفع بأعضائها وأنصارها إلى صناديق الاقتراع، وستعزز هذه المعلومات بمعلومات أخرى تقول: إن كل ما حدث من فوضى أو مشاكل أمنية خلال ذلك اليوم سببها أعضاء أحزاب اللقاء المشترك. وهكذا فالأجهزة الأمنية بصيغتها المؤتمرية بارعون بهذه الأساليب وليست جديدة بالنسبة لهم، والجديد هو ما سيُبنى على هذه الأساليب من مواقف تستهدف إدخال عبدربه منصور هادي في دوامة الخصومة مع مختلف القوى السياسية بصورة مبكرة وإيجاد حواجز وعوازل نفسية بينه وبين الآخرين، وذلك من أجل تهيئة الأجواء لبناء شبكة جديدة من القوى المتنفذة حوله مستقبلاً.

وفي هذا السياق فإن محاولة اغتيال الأستاذ علي العمراني وزير الإعلام (31 ديسمبر2011م) ثم القيام بمحاصرة وسائل الإعلام الرسمية والعمل على إعادة إصدارها بصورة بلطجية، هو جزء من الألاعيب الأمنية في إثارة الزوابع وخلق حالة من الاستنفار العام والإرباك المقصود، وهذه الأحداث بقدر ما هي رسالة لقوى الثورة ظاهرياً، فهي في الأساس رسالة موجهة لعبدربه منصور هادي، لأن الانتخابات الرئاسية هي محور المتغيرات الجارية ونجاحها يعني نجاح الرجل في إنهاء عهد سلفه، وبالتالي اكتمال شرعيته للدخول في المرحلة الجديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى