[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

اليمن.. رئيس جديد وأزمات قديمة

بعد 33 سنة من حكم علي عبدالله صالح توجه اليمنيون إلى صناديق الإقتراع لإنتخاب المرشح الوحيد التوفيقي عبد ربه منصور هادي الذي كان نائباً للرئيس علي عبدالله صالح .ولقد بلغت نسبة المشاركة نحو 60 % أي ما يعادل ستة ملايين و186 الفاً و 773 صوتاً من اصل نحو 12 مليون ناخب رغم دعوات المقاطعة التي صدرت عن الحراك الجنوبي وعن الحوثيين .وبذلك اصبح هادي الرئيس الجديد بعد اندلاع ثورة اصلاحية اثمرت عن نجاح المملكة العربية السعودية في التوصل إلى صياغة حل يقضي بتنحي علي عبدالله صالح وأنتخاب نائبه مكانه بصلاحيات كاملة بعد ان كان في موقعه كناية عن مسؤول دون مسؤوليات . وأنتخاب هادي ليس نهاية لأزمة ، بل بداية لأزمات متعددة ستواجه الرئيس الجديد وأغلبها موروث من العهد السابق أو امتداد له . ومن هذه الأزمات المنتظرة :

1- رحيل علي عبدالله صالح لا يعني رحيل من كان يدور في فلكه في السلطة حيث لا زال هؤلاء في مواقعهم القيادية والذين من غير المعروف بعد إذا كانوا سيسمحون للرئيس الجديد بتجديد هيكليات الدولة أم سيواصلون تلقي الأوامر من الرئيس السابق رغم ان الرئيس الجديد هو ابن العهد البائد . وهل المعارضة ستتقبل أي استمرارية للنظام السابق أم ستتحرك مجدداً عبر اللجوء إلى الشارع.

2 – ما ان تم البدء بالتحضير لأنتخاب الرئيس هادي حتى علت مجدداً اصوات الحراك الجنوبي المشككة بجدوى استمرار اليمن موحداً والداعية إلى الإنفصال عن الشمال والعودة إلى تأسيس دولة مستقلة . وكان قادة الحراك الجنوبي قد اعلنوا الهدنة اثناء الثورة على علي عبدالله صالح ريثما يتم اسقاطه على ان يعودوا مجدداً إلى المطالبة بالإنفصال . ولقد لوحظ بشكل واضح مدى تأثيرهم في مجريات الإنتخابات فبلغت المشاركة في عدن 50% وما بين 30 و40% في باقي مناطق الجنوب.

3 – عمد الحوثيون إلى تجميد مطالبهم اثناء الثورة ، ولكن مع البدء بالتحضير للإنتخابات اعادوا إلى الواجهة حراكهم المناهض للسلطة تحت شعار المطالبة بدور اساسي لهم في بنية الدولة الجديدة من منطلق انهم يعتبرون انفسهم مهمشين ، ومناطقهم تفتقر للحد الدنى من التنمية ومن المشاريع الحيوية . وبدا مدى تأثيرهم من خلال نتائج الإنتخابات حيث بلغت نسبة المشاركة في صعدة حوالي 50% بينما كانت النسبة اقل في باقي قرى صعدة التي يسيطر عليها الحوثيون . مما يعني انهم يعتبرون انفسهم غير معنيين بمجريات انتقال السلطة ولا بنتائجها.

4 – ما ان تم انتخاب الرئيس هادي حتى بادر هذا الأخير إلى مطالبة المجتمع الدولي بتقديم مساعدات عاجلة إلى اليمن لتأمين احتياجات الناس من المواد الأولية الأساسية وخاصة المحروقات والمواد الغذائية والأدوية الأمر الذي يعكس حجم الأزمة المعيشية التي يمر بها اليمن دون التغافل عن الأزمة الإجتماعية الخانقة حيث يعم الفقر والبطالة وأنعدام وجود بنى تحتية حديثة ومتطورة.

5 – بات تنظيم القاعدة يحتل موقعاً هاماً على خارطة اليمن خاصة وأنه استفاد من فترة اندلاع الثورة وإنشغال القوى الأمنية بالنزاعات الداخلية ليتمدد في أكثر من منطقة حيث اقدمت عناصره على السيطرة على مدينة رادع وأعلنت ولادة إمارة اسلامية تمهيداً لبسط نفوذها على كامل التراب اليمني . وتم ذلك وسط صمت عربي ودولي حيث لم يحرك احد ساكناً بإستثناء القبائل والعشائر اليمنية التي دخلت في مفاوضات مع تنظيم القاعدة واقنعته بالتخلي عن مدينة رادع والإنسحاب منها بعد الموافقة على شروطه التي ترفض عودة السلطة الشرعية إلى المدينة وتسليمها إلى اشخاص محايدين لإدارة شؤونها . وما ان انسحب تنظيم القاعدة من رادع حتى اعلن بعد ايام قليلة سيطرته على مدينة أبين . ورغم ان الرئيس الجديد وعد بالقضاء على تنظيم القاعدة في اليمن إلا انه لم يتطرق إلى أي خطة مرسومة بهذا الشأن.

6 – يعاني الجيش اليمني من تمزق كبير حيث هناك فرق موالية للنظام السابق وأخرى موالية للمعارضة وقد جرى بينها صدامات وحروب . وبالمحصلة فإن ما ينتظر الرئيس الجديد سيكون شاقاً ومعقداً وصعباً على الحل على المدى القريب ، وهذا ما يبرر تساؤلات عن مدى قدرة النظام الجديد على المواجهة ، ومدى قدرة المعارضة على القبول بالأمر الواقع قبل ان تعود إلى الشارع.

رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي

زر الذهاب إلى الأعلى