[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

علي ورحلة البحث عن لقب

1
ذهبتُ اليومَ إلى السفارة اليمنية ، بواشنطن ، لأتفقدَ ماذا يمكن أنْ يكونَ قدِ اختفى منها ؛ بعدما رأينا جميعاً كيف اختفتِ الأشياءُ من قصر الشعب في صنعاء . وسألتُ نفسي هل يمكن أنْ يختفي شيئاً منها ؟ .. لأنَّ عهدي برجل كعبدالوهاب الحجري ألا يقوم بهذه الأشياء الصغيرة !..

هممتُ بالدخول .
ترددت للحظات .
تملكني إحساس غريب مِنَ البكاء .. ولست أعلم سببا لذلك .
هدأت للحظات ..
وجازفتُ بالدخول .
قابلتني السكرتيرة المغربية الطيبة التي أعرفها وأسناني لم تتساقط ، وشعري لم يَبْيَضُ . عميدةُ سكرتيرات السلك الدبلوماسي في واشنطن . وربما تكون السكرتيرة الوحيدة في العالم ، التي ورثت هذا المنصب ، لثلثِ قرن ، كما ورث عليٌ اليمنَ لثلث قرن ! وربما تورث منصبها هذا لأبنائها من بعدها بعد أن تُعْطَ الحصانة ؛ في يومٍ ما ، لو ثار الموظفون يوما على عبدالوهاب الحجري الذي رضع منصب السفير مُذْ كان مُقْمِلٌ بالحوي !..

2
اختفتْ صورةُ الرئيس " علي الزيبق " ، وظهر إبن هادي في مكانه !.. فرحتُ كثيراً ؛ وقلت في نفسي " .. السفارة حق إبن هادي " !..
وكانَ ظني في محله.. ووجدتُ أنْ عهدي بالسفير هو ذاك لم يتغير . فكل شيءٍ كما هو . كما عهدته .. غير موجود ! .. وعدا " عبدالحفيظ الشهاري " ، و " وائل الشهاري " الرائعَين .. و " علي الصلاحي " الرائع - الذي غادر في مهمة خاصة ، قبل دقائق من دخولي - هم الذين يحسُّ المرء لديهم ، بدفءٍ يمانيٍّ حبيب . والمعتَّق يحي الإرياني في مكانه قد ذَحَّلْ وهو في الصندوق وحين رأيته عرفتُ أننا بحاجة إلى مبادرة !

تذكرتُ أين كانت صورة التيس .
وقفتُ أمام صورة إبن هادي ..
وتمتمتُ بكلمات ..
فبكيتُ !..

3
هما حالتان ..
لا ثالث لهما ، عنده !
إما أنْ يكونَ المواطن اليمني علي عبدالله صالح ، قد وصلَ إلى قناعةٍ حقيقيةٍ بأنَّ الدورَ إنتهى ؛ وأن يدعَ الأشياءَ ، حولنا ، تسيرُ وِفْقَ ما يريده الناس ؛ وبالتالي يكون قد أعفى نفسه مغبةَ الظعينةِ والإنتقام ؛ ويكون قد أعفى الناسَ ، حمائلَ الشكوى ، والأنين والتألم، والتأزم ، والعتاب ، والخصام ؛ ويكون قد أعفى العالم من مِنْ أصابع الإتهام . وهو إنْ يفعل ذلك ، يكن تيسا حصيفاً ؛ ورجلا حكيما يريدُ أنْ يعتذرَ لنفسه ، أولا ، وللناسِ ، ثانيا ، عما حدثَ بالبلاد ، وجرى للعباد ، بسببه ، وفُجْر خصامه ، وفحش جهالته المتسلطة .

4
وهو إنْ يقُمْ بذلك ، يكفِّرْ عن خطايا كثيرةٍ ، قدِ ارتكبها في حقِّ أرضه ، وناسه . بل أنَّ تلك الحصافة ، والحكمة ، قد تمتدُ إلى أنْ يشاركَ الهدوءُ والسكينةُ عنده - إنْ كانَ بقي شيءٌ في تَنَكَةِ رأسه - مكانةً تقيمه ، وترفعهُ إلى مصافات الطيبين ، والوكلاء العارفين ، والأولياء الصالحين - وهذه استحالة !.. خاصةً بعدما رأيناهُ في مسجدِ الشهداء ، يستقبلُ مريديه من الدراويش ، والدرويشات ؛ وأنْ يعطيه اليمنيون لقبهُ الذي يستحقهُ ( حجة الله علي عبدالله ) عن قناعة إذا وجدوه بتلك الحصافة ، والحكمة ، والإنزواء التَّعَكُّفِي ، والإنطواء التَّصَوُّفِي ؛ إدراكاً من نفسه ، على نفسه ، يهذبها لتستقيم ، ويعلمها لتستبين ، ويخذل إبليس ولو لمرةٍ واحدة .
هل يمكن أن يكون هذا !

الشيطان طرد أبانا آدمَ مِنَ الجنَّة ؛ أفيكون هذا الرَّجُل مَنْ يطرد الشيطانَ من جَنَّةِ اليمن ! أم أنهُ هو هو نفسه الشيطان الذي طرده الله ؛ فحلَّ علينا هنا !.. وربما يكون تفسير الحديث ( إذا كثرتْ الفتن فعليكم باليمن ) يحمل المعنى الآخر السلبي - أي إذا كثرتْ الفتن فعليكم باليمن لإنَّ الفتن مكمنها هناك بِحِدْفْ علي عبدالله صالح !..
واللهِ لم أعدْ أعلم من الأمر شيئاً !

5
وإما أن يكونَ الأمرُ كله على غير ما زعمتُ وقلتُ آنفاً . وكأنما هو يريدُ أن يلعبَ لعبةَ السياسة كمعارض ! ليس لدي مانع ؛ ولكن عليه أنْ يتعلمَ ، أولا ، القراءة والكتابة . وبعد ذلك لا مشكلة ألبتة ! فإنَّ الوقتَ قد حانَ أنْ يرتاح ، وأنْ يُرحْنَا من مصائبه ، وقلاصاته ، وقواريره ، وتليفونات آخر الليل ، وبراميلِ النفايات النووية .

6
وأنْ يتابع دراساته العليا ، في التاريخ ، في جامعة الصهير من بعيد " شاهر عبدالحق " بالحبشة حتى يثبت أن بلقيس ليست يمنية ! ولا تستغربوا أبدا إذا ختم دراساته بتلك الأطروحة .. فهو الذي خرب على اليمنيين حياتهم .. ولن يعكرَ إبليسُ في بلقيس !

وإذا لم يفعل بالأولى ليلقَ لقبَهُ مِنَّا ب ( حجَّةً الله )؛ وأرادَ أن يلعبَ الثانية .. تلك اللعبة - لعبة المعارضة ونص الحاكم وبأموالنا المنهوبة والمحصنة - بإلهام الإنتقام المحبوس بداخله ؛ فلن يكونَ تيساً فقط ، بل تيسا وصُعْبِيَّاً ! .. وليستحقَّ بذلك مِنَّا لقبَ الألقاب كلها .. ( لعنة الله ) !

وسامحونا !

زر الذهاب إلى الأعلى