[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

سوريا ضحية الموقف الدولي!

في إيران كان دور «البازار» قوياً في اسقاط نظام الشاه الذي عرف من تجارب تاريخية كيف غير الكثير من السياسات والقرارات بتحالف المال مع المؤسسة الدينية، والشاه كان أحد الضحايا عندما فكر بإنشاء شركات كبرى تنهي قوة البازار، فسارعوا بإسقاطه..

«البازار» السوري الذي اشتهر أخذ نفس الدور بإسقاط الحكومات بتحالف مع العسكر عاكس التوقعات بأن أصبح رافداً لحكومة الأسد، ويرجح البعض أن الوجوه التقليدية الدمشقية والحلبية التي كانت تسيطر عليه، حل بديلاً عنها تجار الطائفة، وهم بالعقيدة والوجود متشابكون مع بقاء النظام، وأحد روافده الأساسية، ومن بقي من الوجوه القديمة لا يشكلون المعيار الذي يقلب السلطة بسبب ضعفه عما كان في السابق..

تبقى القوى الأخرى الجيش الحر، والمعارضة في الداخل والخارج، لم يرسموا اتجاهاً يندمجون مع بعضهم لمواجهة بطش النظام، وقضية التعويل على مشروع «أنان» حلم يستحيل تطبيقه إلا بذراع قوة تغير مسار تفكير النظام وتجبره على التنازل، وأمام المواقف المائعة من أعضاء مجلس الأمن، وقدرة حكومة الأسد على التلاعب بالمواقف سواء عربية أو دولية، وهي ماهرة بذلك إذا ما استندت على قوى كبرى وإقليمية، ستبقيها على نفس المواقف..

استمرار القتل لن يتغير، والمهلة التي تنتهي خلال يومين لن تعمل على زحزحة موقف الأسد وآلته العسكرية الجهنمية، وقد قرأ الاتجاهات الدولية، وعرف أنها تمنحه مهلاً مستمرة ولا يهمها مضاعفة أعداد الضحايا، لكن الرأي العام العربي والعالمي، واستمرار المعارك غير المتكافئة، وزيادة الضغط الاقتصادي الذي استنزف موارد الدولة، عوامل أساسية في تغيير مسار القوة..

تركيا التي بدأت مواقفها ساخنة ونارية، أخذت تسير باتجاه الدبلوماسية المرنة، وقراءتها الأخيرة للأوضاع السورية تتطابق مع دول حلف الأطلسي إن لم يكن تم تنسيق بينهم (وبان كي مون) يتحدث لغة أسلافه من جلسوا على كرسي أمانة الأمم المتحدة بإعلان الأسف، ولعله يدرك أن من يقتل لا يهمه عواطف الآخرين وتنديدهم، طالما هو من يأخذ زمام المبادرة ويطوعها لصالحه..

الشعب السوري لا يطلب حسنات، بل يطلب موقفاً أخلاقياً يتناسب مع نظم حماية الإنسان وحقوقه، وخلق المبررات والمخاوف من تطور الأحداث لو سلح الجيش الحر هي ذرائع منحت الأسد فرص العمل الإجرامي، وصادقت على أقواله أن ما يجري في دفاعه محاربة عصابات إجرامية وأعضاء من القاعدة، بينما المتضرر ممّا يجري ليس المسلمون العرب بل كل مكونات الشعب السوري من مسيحيين وأكراد، وحتى علويين، بالتالي الأمر يأتي وكأن السلطة تملك صكاً كونياً ومقدساً على بقائها حتى لو ذهب الملايين من الشعب السوري، وهذا يدركه من يضعون القرار وينفذونه، لكن دماء السوريين لا تهمهم إذا كانت المصالح تأخذ بحساباتها موازين المكاسب والخسائر، وروسيا والصين وجدت في موقفهما قوة دفع في التدخل في العديد من القضايا الساخنة باعتبار الفرص متاحة بكسر احتكار الغرب إدارة الصراع العالمي والتكسب منه.

زر الذهاب إلى الأعلى