إذا كان الإصلاح متخلفاً يبقى الحوثي متخلفاً وعنصرياً أيضاً. لكن الإصلاح تقدم كثيرا جراء صيغته الحزبية على الاقل؛ وبالمقابل : لايزال الحوثي يترسخ في فوبياه العجيبة من السياسة.
والمعلوم انه بالسياسة فقط يمكن لنماذج الغلو أن تنحسر رويداً رويداً . كما يبدو العجيب في هذا السياق أن السلفيين (في اليمن ) قرروا خوض الغمار السياسي؛ بينما لا يزال الحوثي غير مهيأ إلا للعكس. بالتالي فإن استمرار الصيغة الانغلاقية التي يعمل بها الحوثي ستجرفه إلى ما هو أسوأ من الاصطدام بالمجتمع مستقبلاً . بل لعل التجربة الحزبية هي من جعلت الاصلاح يخوض اختبارات جادة من ناحية طريقة التفكير والتعايش والتعامل المباشر مع المجتمع بمختلف احزابه وأنماط توجهاته الفكرية والسياسية، إضافة إلى تبنيه رؤى ومفاهيم حقوقية ونضالية سلمية الخ الخ.
كذلك فإن الاصلاح صار يرحب بالمنافسة الديمقراطية منذ فترة طويلة مايعني انه قطع شوطا مهماً في مكافحته لجانب كبير من تخلفه . في حين ان الحوثي -بخطابه العصبوي الاهوج المتمسك باصطفائية آل البيت وأحقيتهم في ادارة شؤون المجتمع خلافاً لغيرهم -يضع نفسه بمواجهة أزمة حرجة مع اليمنيين نظرا لعدم استيعابه متغيرات العصر واستمراره في تكريسه لجوهر تخلفه فقط.
صحيح أنهما- أي الحوثي والإصلاح - يشتركان في المنطلق الديني رغم اختلافهما بالطبع ؛ إلا انه ليس من مصلحة البلد الدفع بالاصلاح إلى مربع ماقبل التنظيم السياسي.
والمقصد انه من غير المعقول الحياة وفق إرادة التخلف المؤسفة . كما ان الرهانات التي يفرضها العمل البرامجي من شأنها وحدها ترقية عمل الأطر السياسية عاجلاً أم آجلاً، خصوصا من ناحية قيامها بالمناقدات والمراجعات والتجاوزات والتطورات المفروضة الخ الخ.
المهم: خايف واحد من الجانبين مثلاً يقول لي “ اسكت ياكافر”!
وبالمحصلة؛ يبقى السؤال قائماً لجميع القوى الدينية بدون استثناء: ترى متى سيتوقف الشأن الفقهي ونهتم بالإنسان كمواطن كما بمتطلبات التنمية والشراكة التي يحتاجها الوطن الآن فعلاً نحو وطن مستقر وناضج يتكيف تماماً مع متطلبات حلمنا الجمعي النموذجي بالدولة المدنية؟