[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

العاصمة صنعاء وبلاط لويس السادس عشرَ

علي صالح كرس في ثلاثة وثلاثين عاماً نهجاً بالتحكم في اليمن من خلال مجموعه من الادوات (العاصمة والمال والوظيفة العامة والعسكرة وافساد النخبة والتعليم والقيم).

وللذين ينظرون ويتطلعون اليوم نحو العاصمة بانها ستنتج حلولاً في المدى القريب اقول بصراحة: لا تبالغوا في الآمال، فالعاصمة وان كان (واجبها المكاني والوظيفي) ان تقي البلد وتعصمها من الشرور مثل اي عاصمة في أي دولة الا ان الوضع في عاصمة اليمن مثير للمشكلات اكثر من كونها عاصمة مبادرة في الحلول.

صالح وعفشه وبلاطه وأدوات تخريبه وهدمه كلهم متواجدون في العاصمة في الوقت الراهن يشدون آزر بعضهم، يخططون ويدبرون للاعمال القذرة.. وما جرى قبل يومين في وزارة الداخلية والمالية وما ينوون فعله في بعض المؤسسات الأخرى لم يعد خافياً على احد بالداخل والخارج.

والعاصمة التى يحكم منها الرئيس وحكومته والنخبة والاعلام والسفارات هى اليوم في حاله من البؤس والظلام تشبه بلاط لويس السادس عشر بعد الثورة الفرنسية لأن ملك فرنسا كان قد عمد في 25 عاماً من فترة حكمه على إفراغ المقاطعات الفرنسية من كل الرجال المؤثرين والتجار والمثقفين وبنا لهم بلاطاً للعيش.. باريس تحت سمعه وبصره واغدق عليهم كل الملذات حتى حولهم إلى مسوخ بشرية.

وحين داهمتهم الثورة وهم مستكنون خانعون خاضعون، كانت تنقصهم لحظة الثورة وعنفوانها وطهرها وتضحيات الثوار من اجل فرنسا حرية الشجاعة كي يعترفوا ان ملذات البلاط واخلاق الملك المنحلة قد أكلت ما تبقى لهم من أخلاق النبلاء وقيم الوطنية حتى وهذه النخبة وقد تمسكت بقيم (النفاق والخداع والغدر والتفاهة) في العمل السياسي وكأنها اخلاق السياسة في لحظات الطهارة الثورية فيما كانت في حقيقة الأمر لا تعدو عن كونها أخلاق الملك الفاسد ونخبة البلاط المنحلة.

نقول هدا التشبيه وان كان فيه قسوة في الوصف لان عيون اليمنيين وتطلعات الثوار وهم بالملايين في الداخل والخارج يتابعون ما يحدث في صنعاء وما سيعمل الرئيس والحكومة وقيادة المشترك واللجنة التنظيمية لساحة التغيير في صنعاء ولهم كل الحق في ذلك، لكن حتى وان افترضنا أن لدى المعنيين الصدق والحماس فان ذلك لا يكفي.. أقولها بصدق "ما تعمل المرة الحِنك في البت العطل".. كما يقول المثل اليمنى الشهير.

عاصمة الدولة صنعاء ندعي أنها مشكلة في ظرف التحول الثوري الراهن وستبقى كذلك لفترة ليست بالقصيرة وبناء السلطة الجديدة التي تلبي مطالب الثورة من العاصمة وهى بلاط مغتصب من الحاشية والعائلة أكثر إشكالية لأكثر الناس تفاؤلاً .

ولا نقول ذلك الآن بمناسبة ما جرى لوزارة الداخلية وما قد يجري قلناه في أغسطس العام الماضي 2011، في نقاشات ووثائق التحضير لإعلان المجلس الوطني لقوى الثورة ولذا عمد البعض من القيادات إلى إجهاض فكرته وتحنيط ميلاد المجلس حتى اللحظة، ونقولها اليوم بعد مرور عام مرة أخرى: لن تبنى سلطة جديدة تتفق مع مطالب الثورة واليمنيين إلا من المحافظات.

ونزيد إن هذه لحظة زمنية مناسبة للتأسيس الجديد للسلطة في الواقع تقوم على الشراكة والمسؤولية والمواطنة المتساوية وأننا على علم بان هناك من سيكابر ويصم أذنيه مثل المريض الأخبل.. لكن ما يدور في العاصمة من مظاهر في زمن الثورة والتغيير من هذه اللقاءات وموائد الإفطار الفضائحية وتمركز مسلحي العائلة وحلفائهم بالعاصمة هي تجليات البلاط لا تجعل من بناء السلطة المحلية خياراً ترفياً؛ بل الخيار الأوحد.. بل إنها قد فتحت بجد أبواب النقاش حول نقل العاصمة..

*الأستاذ محمد يحيى الصبري القيادي في التنظيم الوحدوي الشعبي الناضري واللقاء المشترك.
*مشاركة في مقابلة مفتوحة بمنتديات "المجلس اليمني" بالاتفاق مع الكاتب.

زر الذهاب إلى الأعلى