[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

افتتاحية الخليج: اليمن وتجاوز حقول الألغام

على الرغم من أعمال العنف، والقلق من تمددها إلى مختلف مناطق اليمن، تبدو القيادة السياسية عازمة على تجاوز حقول الألغام المزروعة في طريق إعادة تطبيع الأوضاع المحتقنة منذ أكثر من عام ونصف العام، وأمامها فرصة لإعادة الأمور إلى نصابها من خلال إعمال القانون واستخدام المساعدات التي تحصل عليها من الدول المانحة، سواء في مؤتمر المانحين الذي عقد مطلع هذا الشهر في العاصمة السعودية الرياض، أو في مؤتمر “أصدقاء اليمن”، المقرر عقده أواخر الشهر الجاري في مدينة نيويورك الأمريكية لمعالجة الأوضاع الاقتصادية المختلة في البلاد .

يدرك اليمنيون أن لا طريق إلى استعادة الأمن المفقود منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، سوى التعاون بين الأطراف والمكونات السياسية كافة . وعلى الرغم من المناكفات السياسية والحروب الكلامية بين هذه الأطراف، فإنها تدرك أن العودة إلى الوراء لا يمكن السماح بها لا داخلياً ولا خارجياً، فالمجتمع الدولي وجد الوصفة المناسبة لمعالجة الأزمة المستفحلة في البلاد ولن يسمح بعودة تفجرها من جديد . وقد أبلغ مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر الأطراف كافة بهذا الفهم الدولي لأزمة اليمن .

من دون شك، فإن اليمنيين وحدهم القادرون على إيجاد الطريق الأنسب للانطلاق نحو مستقبل ونظام أفضل، ولعل الحوارات التي تدور في الداخل بمشاركة الأطراف السياسية تمهيداً لعقد مؤتمر الحوار الوطني المقرر في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، أكبر دليل على استشعار هذه القوى خطورة تراجع العملية السياسية في البلاد، بما يعني ذلك من عودة للأزمة إلى مربع الصفر وخروج البلاد إلى الانهيار .

تحتاج المرحلة المقبلة من الفعاليات السياسية والاجتماعية في اليمن إلى خطوات شجاعة، وإلى ضرورة اعتراف كل طرف بالآخر وعدم المراهنة على القوة، سواء كانت عسكرية أو حزبية أو قبلية، فالجميع في مركب واحد، وعلى الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني أن يمهدا الأجواء لإجراء حوار لا يستثني أحداً، حوار يتفق عليه كل اليمنيين ويعملون على تطبيقه من أجل تجاوز حقول الألغام التي تم زرعها خلال العقود الخمسة من الصراعات، أي منذ اندلاع ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر في شطري اليمن، إذ لم يحصد البلد سوى الخسائر تلو الخسائر، وقد حان الوقت ليعيد السياسيون الاعتبار إلى أرواح الشهداء الذين سقطوا في سبيل رؤية يمن جديد قادر على أن يكون رافداً مهماً في جسد الأمة العربية المهددة بالتمزق والتشتت .

زر الذهاب إلى الأعلى