[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

إيران... والأسد الكيميائي!

هل اقترب النظام السوري من استعمال الاسلحة الكيميائية لحسم المعركة انطلاقاً من حلب، وخصوصاً في ظل الحديث عن حشده 30 ألف جندي ومئات المجنزرات تمهيداً لاقتحام المدينة وهو ما دفع البعض إلى التحذير من حصول أمّ المذابح هناك؟

ما يدفعني إلى طرح هذا السؤال ليس الحشد العسكري ولا عجز النظام عن السيطرة حتى الآن، بل ذلك التحذير المثير الذي وجهته إيران إلى حليفها الاسد عندما قال علي أكبر صالحي إن استخدام الاسلحة الكيميائية سيؤدي إلى فقدان مشروعية النظام كله و إلى نهاية كل شيء.

كان في وسع إيران المنغمسة في الصراع العسكري إلى جانب الاسد ان تبلغه التحذير سراً ومباشرة دون الحاجة إلى الاعلان عنه من محفل دولي، وعندما تزامن الاعلان مع التحذير الذي وجهته روسيا إلى حلف شمال الاطلسي من مغبة التدخل في سوريا، بدا وكأن النظام الذي عجز عن حسم معركة حلب منذ تموز الماضي والذي وصلت الانقسامات إلى داخل صفوفه الحيوية في القرداحة، كما تردد في اليومين الماضيين، يمكن ان يقوم فعلاً بهذا الامر.

ما يزيد من هذه المخاوف قول اللواء المنشق علي سيلو المسؤول السابق في ادارة الاسلحة الكيميائية لصحيفة "التايمس"، ان مناقشات جدية جرت حول استخدام الاسلحة وشملت كيفية استخدامها والمناطق التي تستهدفها: "ناقشنا ذلك كخيار أخير في حال فقد النظام مثلاً السيطرة على منطقة مهمة مثل حلب"!

لكن رغم التآكل المطّرد في بنية النظام واقترابه المتزايد من الانهيار ولو بعد أشهر أو حتى سنوات، فانه يعرف ان إقدامه على هذا الأمر يعني انه صنع حتفه الفوري بيديه، ولهذا فان تحذير علي أكبر صالحي يمكن ان يكون مرتبطاً بضرورات إيرانية أكثر منها سورية، بمعنى ان طهران تعمدت ان تبرز ومن نيويورك، وجهاً مسؤولاً وعاقلاً كمقدمة للبحث عن مخارج تساعدها في تجاوز أزمتها الاقتصادية، التي بلغت ذروتها بعدما واصلت العملة الإيرانية سقوطها وباتت على عتبة انهيار كارثي يهدد استقرار النظام، وخصوصاً مع الصدامات التي حصلت بالأمس مع الشرطة في طهران وبدء اضراب تجار المحافظات الجنوبية والغليان في سوق العملات.

وفي ظل الحديث عن اضطرار إيران إلى دفع عشرة مليارات دولار حتى الآن لدعم نظام الأسد، ومع التلويح الغربي بمروحة جديدة من العقوبات الاقتصادية التي ستزيد من خنق الاقتصاد الإيراني، من الطبيعي ان تبدأ البحث عن بدائل في سوريا وربما عن لغة تصالحية مع الغرب الذي يعجبه تحذيرها الأسد من استعمال الاسلحة الكيميائية. ثم ان النظام الإيراني يعرف جيداً ان "الثورة الخضراء" التي سبق له ان قمعها لم تمت وان الأزمة الاقتصادية الخانقة قد تؤدي إلى هبوب رياح "الربيع الإيراني" مجدداً!

زر الذهاب إلى الأعلى