[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

حتى لا ننسى: ثورة كرامة

مخطئ من يرى ان ثورة اليمن هي فقط تأثر بثورتي تونس ومصر، قد يكون ذلك صحيحاً من جهة، ولكن للثورة في اليمن أسباب ودواعٍ كانت كفيلة بإقامتها عاجلاً أم آجلاً، سواء بثورات عربية متزامنة أو بدونها.

الثورة في اليمن كانت قوة غضب كامنة في أعماق نفوسنا لو اتيح لها الخروج حينها لأحرقت الأخضر واليابس.

كانت تقوم في اعماقنا الف ثورة وثورة حين نرى الحزن في أعين أباء لا يستطيعون توفير لقمة عيش كريمة لأطفالهم،حين نرى النائمين على الأرصفة، حين نرى المتسولين يملأون الشوارع، حين يعجز طالبٌ عن توفير مستلزمات دراسته، حين يأخذ غيره مكانه في منحة دراسية أو فرصة عمل لأن مؤهله ابن مسؤول أو لان معدله محسوب بالدولار.

كانت تقوم في داخلنا الف ثورة وثورة ونحن نسير تائهي الدروب لا حاضر يسعدنا، ولا مستقبل نأمله، حين نرى طوابير العاطلين، وآلاف المرضى، وفقراء لا يمكن إحصائهم كانت تقوم في داخلنا ألف ثورة وثورة حين وحين وحين ولا نستطيع حصراً لصور الظلم التي عشناها ونعيشها داخل هذا الوطن المقهور.

لم تكن ثورتنا ضد نظام عائلي فحسب كما يردد البعض مؤخراً، بل هي ضد الظلم، والقهر، والبطالة، والاحتكار، الغش، الرشوة، الغش، الاستلاب ضد كل فساد وجور مهما كانت صورته واينما كان مصدره، لم تكن ثورتنا إلا ثورة كرامة.

ثورتنا ضد عائلة استأثرت بكل خيرات البلد، وجمدت مسيرة التنمية فيه، ضد تاجرٍ محتكرٍ مرابٍ، و شيخ ناهب، ومسؤول فاسد، ضد زميل متعال، وأستاذ متعجرف، ومدير يستلب حقوق مرؤوسيه، ضد حارس يقف حاجزا بيننا وبين مسؤول نحتاج (شخبطة قلمه)، ضد طبيب لا يراعي أرواح الناس بين يديه، ضد محامٍ لا يحافظ على شرف مهنته، ضد إعلامي يزور الحقائق، ضد زوج يقهر زوجته، واب يمتهن ابناءه، ضد من يجري دمعة على خد يتيم، أو يحتقر فقيراً.

لم تكن ثورتنا سوى مطالبة بالحب والسلام، والمساواة والعدالة الاجتماعية، ولم تكن صرخات شباب الساحات إلا أصوات القهر الكامن في نفوسهم، كلٌ يصرخ في وجه قهره وقاهره، وكل له مع الظلم قصة، أو قصص.

في لحظة من لحظات القهر الجامعي قلت لصديقتي: لا شيء يهدئ من غضبي إلا ان أصرخ حتى يسمعني كل العالم. وفي إحدى الأيام الثورية اتصلت بي وقلت لها : إنني كنت في الساحة. قالت : انت مجنونة كيف تذهبين، وانت ترين الوضع قلت لها: ذهبت لاطفي غضبي بصرخة. ضحكت يومها وقالت : اصرخي عني وعنك.

أياً كان توصيف ما حدث في اليمن ثورة، أو أزمة، وأياً كانت تسميه نهايتها، حسم ثوري، أو تسوية سياسية ؛ فإن اسباب الثورة ما تزال قائمة، وشعلة القهر ما تزال كامنة، ولا تحتاج سوى عود ثقاب لتشتعل مجدداً.

ولا حل إلا بثلاث تسوي كل الوضع، وتختصر حلول كل المشاكل والأزمات، عدالة، ومساواة، وتكافؤ فرص.

زر الذهاب إلى الأعلى