[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

من يحمي بيئة الخليج من إيران؟

كان في بعض قبائل افريقيا إذا أراد غاضب، أن يثأر من قبيلة أخرى جلب قطاً وربط خرقة على ظهره، أو خلفه، واشبعها ب«الكيروسين» أو «البنزين» والقيام بإشعاله وإطلاقه على عشش القبيلة المناوئة لاحراقها أثناء هروب القط من النيران، وإيران تشبه القَبليَّ الافريقي حين تحاول الانتقام، بما سُرب من عزمها تلويث مياه الخليج العربي، بافتعال تفجير ناقلات نفط لإجبار الدول التي تقاطعها اللجوء لتنظيف مياهه والاضطرار إلى ايقاف حظر نفطها.

وقضية ما تسميه (التلويث بالمياه القذرة) لا يقل عن بشاعة تخزين مخلفات المفاعلات النووية على الشواطئ وقرب الأنهار والمدن، فهي جريمة بحق البيئة، وإذا ما صار الموضوع متعمداً، كما تنوي إيران فنحن أمام دولة لا تحترم الأنظمة والقوانين الدولية، وتعتبر في هذه الحال «دولة مارقة»..

دول الخليج العربي مهددة بجوارها مع دولة لا تراعي الأمن والحقوق واحترام الجوار، فمخاطر مفاعل «بوشهر» والذي تقادم عليه الزمن، أحد ما يهدد الدول العربية المطلة على هذه المياه، وبالتالي لابد من مطالبة الهيئات الدولية سواء المختصة بفحص المفاعلات، أو المهتمة بشأن البيئة التقدم لها بشكاوى من دول مجلس التعاون الخليجي لإعطاء صورة واضحة عن هذا المفاعل، ومدى صلاحيته، وما قد ينجم عنه في حالة أي خلل يصيبه.

أما محاولة تلويث المياه، لإعاقة الملاحة الدولية، فالمسألة تخرج عن التجاذب السياسي والحصار الاقتصادي، إلى جعل الدول العربية التي تعتمد على تصدير نفطها وتحلية مياهها التي تعتمد عليها بشكل كبير، في حالة حرب حقيقية لأنها تريد حرمان تلك الدول من أهم مصادر حياتها، وعملية أن تكون إيران من يتحكم بمصير ممر ماء حيوي، وأمام دول العالم التي سنت قوانين حماية البيئة البحرية (وهي مجموعة قواعد ومبادئ القانون الدولي التي تنظم هذه القضايا) فإننا لابد من تطبيق القرار الجزائي، لأن تدمير البيئة البحرية هي بمثابة قتل لمصادر حيوية للإنسان..

قضية أن تجنح ناقلة نفط، أو تصطدم بجسم ما، أو يحدث حريق لسبب غير متعمد، تحدث في المحيطات والبحار العالمية، لكن أن تتخذ إيران قراراً من أعلى سلطاتها بالقيام بفعل يتجاوز المنطق، إلى التخريب المتعمد، فالقضية ليست إقليمية بل دولية، ولأن العقوبة تبقى في سياق حجم الأضرار التي سيتركها مثل هذا العمل الذي يتخطى العقل إلى الجنون.

بادرة إيران وقضية أنها تريد معاقبة الدول العربية التي تساند الغرب، وكذلك الدول التي تسببت بمنع صادراتها النفطية عملية تتحملها إيران نفسها، فإصرارها أن تكون دولة نووية لم تتسبب به دول عربية أو أجنبية، وقد عرض عليها حلول كثيرة خالفتها ورفضتها فصار الغرب الذي طالما اتخذ عقوبات بحماية مصالحه، هو من بادر بمضاعفة الجزاءات على إيران، أما أن تُقدم على ما يجبر الغرب مصالحتها بفعل يخرج عن القوانين، قد يضاعف العقوبات إلى ما هو أسوأ، وقد حاولت دول الخليج العربي التعايش مع إيران بجوار مسالم لكنها لا تزال ترى نفسها امبراطورية تاريخية تريد إعادة أمجادها في وقت أصبحت السيادة لكل دولة يحميه القانون المعمول به دولياً..

زر الذهاب إلى الأعلى