[esi views ttl="1"]
شعر وأدب

بين يدي باب اليمن

القصيدة الفائزة بالمركز الثاني في المسابقة التي أقامتها رابطة شعراء العرب من بين (740) مشاركا من مختلف أنحاء الوطن العربي.. يهديها الشاعر اليمني المتألق يحيى الحمادي لكل الأحباب الذين أناروا بتهنئاتهم وفرحتهم صدر الوطن.

بِالبَابِ يا بَابُ غُصنٌ بِالدَّمِ امْتَلأَ
رَبيعُهُ قِيلَ ولَّى , و هوَ ما بَدَأَ

بالبَابِ يا بابُ قَحْطٌ فاغِرٌ فَمَهُ
نَحوَ السَّماءِ , و ها قَد أَمطَرَت ظَمَأَ

بالبَابِ يا بَابُ طِفلٌ نَبضُهُ نَغَمٌ
لكنَّهُ شَابَ بالأَعتابِ و اْنكَفَأَ

*****

يا بابُ خَلفَكَ لِيْ حُلْمٌ خُلِقتُ لَهُ
و لِي أمامَكَ حُزنٌ جَلَّ مَن بَرَأَ

سُبحااانَ مَن أَلهَمَ الأحزانَ فاتَّخَذَت
ما بَينَ جَنْبَيَّ سِكِّيناً و مُتَّكَأَ

وشَكَّلَتنِي أَباريقَاً و أخْيِلَةً
تَحْسُو الفَرَاغَ , فَتَندَى أَحْرُفاً و رُؤى

قالت و قَد أَجلَسَتني .. و هيَ واقِفَةٌ
: هذا الذي شَقَّ صَدري خِلْسَةً و رَأى

هذا الذي ابْيَضَّ قَلبي مِن تَنَهُّدِهِ
و كُلَّما قُلتُ داوَى جُرحَهُ .. نَكَأَ

هذا الذي .. ثُمَّ تَدنُو و هيَ تُطعِمُني
في حُجْرَةِ الغَيبِ ( مَوفُوراً ) و ( مُجتَزَأَ )

هذي قَوافِيكَ .. فاستَعذِب مَرارَتَها
و عَانِقِ الحُزنَ و اطْرَأْ كُلَّمَا طَرَأَ

هذي قَوافِيكَ فَاقرَأ مَا تَيَسَّرَ يا
مَن يَشْرَقُ الدَّمعُ في عَينَيَّ إنْ قَرَأَ

*****

و رُحتُ أتلُو كِتاباً فُصِّلَت بِدَمِي
أَبياتُهُ , و القَوافِي تَنثَنِي هُزُؤا

مِن زَفرَةِ الرَّملِ , مِن حُزنِ الرَّمادِ , و مِن
خَفْقِ الأَخادِيدِ رُوحِي تُخرِجُ "الخَبَأَ"

لا هُدهُدٌ زارَني يَوماً , و لا كَشَفَت
عَن ساقِها مَن أشاعَت في دَمِي سَبَأَ

وَحدي تَشَكَّلتُ مِن ماءِ الحُرُوفِ , و في
رَحْمِ التَّناهِيدِ حُزنِي خَطَّنِي نَبَأَ

لَمْ أنتَحِب قَطُّ إلاَّ لِلخِيامِ و قَد
ألقَت بِحُلمٍ لِشَوقٍ لم يكُنْ كُفُؤا

و لا تَلَفّتُّ إلاَّ طالِباً وَجَعَاً
أو باحِثاً عَن كَفِيفٍ جُرْحَهُ وَطَأَ

*****

يا بَابُ يا بَابُ هذا الطِّفلُ يُشبِهُني
قالت عَجُوزٌ , و راحَت تُشْهِدُ المَلأَ

و أَقسَمَتْ .. ثُمَّ لَمَّا شاهَدَت وَجَعِي
يَسِيلُ مِن كُلِّ حَرفٍ .. أوْمَأَتْ خَطَأَ

و جَاءَ شَيخٌ بِعُكَّازَينِ .. يَسأَلُ عَن
طِفلٍ بِعَينَيهِ شَعبٌ حُزنُهُ اهتَرَأَ

و مَدَّ يُمْناهُ نَحوي كَي يُصافِحَني
و حِينَ أيقَظتُ قَلبي للسَّلامِ .. نَأَى

ما كُلُّ مَن رَاوَدَ الأحزانَ مُرتَضِعاً
مِن نُونِها , كالذي بالحُزنِ قَد نَشَأَ

عِندي مِن الحُزنِ ما لَو أُفرِغَت بِدَمِي
كُلُّ البِحارِ , و كُلُّ السُّحْبِ ما انطَفَأَ

*****

يا نافِخَ النَّايِ في صَدري على عَجَلٍ
هَلاَّ تَمَثَّلتَ رِيحاً تَنفُخُ الحَمَأَ

هَلاَّ تَقَاطَرتَ في رُوحي ملائِكَةً
تَجتاحُني , فتُذِيبُ الرَّانَ و الصَّدَأَ

هَلاَّ تَوقَّفتَ عَن طَرْقِي بأُحْجِيَةٍ
لا بانَ لي وَجهُهَا النَّائي , و لا اختَبَأَ

مَرَّت على البابِ أَجيالٌ و أزمِنَةٌ
و لَم أَزَل لا أرَى إلاَّهُ مُلتَجَأَ

و حدِي على البابِ و الشَّكوى تُلَقِّنُني :
يَستَفحِلُ الجُرْمُ إنْ لم يَنطِقِ البُرآ

الغُربَةُ الآنَ أُمِّيْ , و الضَّياعُ أَبي
و الحُزنُ يا بابُ مَن رَبَّى و مَن كَلأَ

يحيى الحمادي _ صنعاء _ اليمن

زر الذهاب إلى الأعلى