[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

لبن عمر والمانحين.. هل هذه العدالة الانتقالية لليمن؟

نحن اليمانيون .. ندعي أننا نمتلك الحكمة، أو هكذا يقال عنا أو يقال لنا. ولكن رغم أننا فهمنا أن توقيع المبادرة والآلية جاء تنفيذاً للقرار 2013 (2011) ... فإننا لم نفهم حتى الآن بعض المصطلحات التي جاءت في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية في اليمن ، ولم يمكننا المجتمع الدولي من أن نفهمها لأن "لجنة التفسير" التي تصورها أن تتشكل في "غضون" الخمسة عشر الأولى من توقيع الآلية!!!

ماهي "المصالحة الوطنية " والعدالة الانتقالية" وحسبما تصورتموها في الآلية التنفيذية؟

إننا، حسبما قرأنا في مهام الحوار الحوار الوطني، فهمنا بأنه هو المعني بأن يقوم ب "اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلاً"!!

ولم نفهم، فيما يبدو!!!
ثم صدر "قانون الحصانة" للرئيس السابق ومن عمل معه ممن ارتكبوا جرائم. وفي هذا القانون السيء الصيت، وجاء فيه في المادة 3 ما يلي"على حكومة الوفاق الوطني تقديم مشروع بقانون أو مشاريع بقوانين إلى البرلمان حول المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وفقاً لما ورد في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية في فقرتها (ح) من البند ( 21 ) بما يرمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية واتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الانسان والقانون الانساني."

ولم نفهم، فيما يبدو!!
ثم اختلفت الحكومة بشأن مشروع القانون الأول المقدم من وزارة الشئون القانونية، ورفع إلى رئيس الجمهورية، ليتخذ بشأنه مايلزم وفقاً لترتيبات الآلية، وبعد شهور، فوجئ اليمنيون بمشروع قانون ممسوخ يراد تمريره من قبل البعض في البرلمان بغير توافق!!!

مهزلة وأي مهزلة!!!
إن الكلام هنا يجب استيعابه بإن محاولات أطراف العمل السياسي تمرير مشاريع قوانين لن يكتب لها الوجود هي محاولات فاشلة حتماُ، بل وستضاف إلى سلبيات كل الأحزاب السياسية المشاركة في حكومة الوفاق، ومجلس النواب!!

أننا نقول في النهاية، أن المرجعية النهائية كما أفهمها هو القرار 2051 (2012) الذي نص في فقرته العاملة 3 ج "يلاحظ [مجلس الأمن] أنه، تماشياً مع آلية التنفيذ، ينبغي أن ينصب تركيز المرحلة الثانية من عملية الانتقال على:

(‌أ) عقد مؤتمر للحوار الوطني يضم جميع الأطراف،
(‌ب) إعادة هيكلة قوات الأمن والقوات المسلحة في إطار هيكل قيادة وطني موحد وذي طابع مهني وإنهاء جميع النزاعات،
(‌ج) اتخاذ خطوات على صعيد العدالة الانتقالية ودعم المصالحة الوطنية،
(‌د) إجراء إصلاح دستور وانتخابي وإجراء انتخابات عامة بحلول فبراير/ شباط 2014"،ونص في فقرته العاملة 10 على "يحث [مجلس الأمن] الحكومة اليمنية على سن تشريع خاص بالعدالة الانتقالية لدعم المصالحة الوطنية".

والفهم الفني لصياغات القرارات الأممية يستوعب أن هذا القرار في هاتين الفقرتين الحكومة اليمنية بأمرين، الأول هو "إتخاذ خطوات" على صعيد "العدالة الانتقالية" و"دعم العدالة الانتقالية"، والأمر الثاني هو "سن تشريع خاص بالعدالة الانتقالية لدعم المصالحة الوطنية". وهذه الصياغة بهذه التراتبية تعني أن المجتمع الدولي يدرك، وعلى الحكومة اليمنية واليمنيين أن يدركوا أيضاً، أن "العدالة الانتقالة" هي المدخل للمصالحة الوطنية!!

ذلك أن "إتخاذ خطوات" لاتستلزم صدور قانون مبتسر ومسخ ومشوِّه باسم "العدالة الانتقالية" ويكفي لإنجازها، مثلاً، تنفيذ العشرين نقطة، و "إتخاذ خطوات" من قبيل تعويض الشهداء ومعالجة الجرحي ورعاية أسر الشهداء وغيرها، لاتستدعي صدور ذلك القانون المزمع، ويكفي أن يقوم رئيس الجمهورية بإصدار أية قرارات هي في صميم صلاحياته الدستورية وبموجب الآلية أيضاً!!!

والقرار الأممي عندما يحث " الحكومة اليمنية على سن تشريع خاص بالعدالة الانتقالية لدعم المصالحة الوطنية"، يجب ألاّ يفهم منه أعداد مشروع قانون مبتسر ومسخ ومشوِّه باسم "العدالة الانتقالية"، بقدر ما يجب أن يفهم منه أن المجتمع الدولي يطالب الحكومة اليمنية أن تعكس "العدالة الانتقالية"، كما يعرّفها المجتمع الدولي، في تشريع وطني يؤسسها وفقاً للمعايير الدولية، لتكون أساساً لمخرجات الحوار الوطني الشامل المخول، أصلاً وابتداءاً، بإقرار مشروع قانون أو قوانين بشأن العدالة الانتقالية التي تؤسس فعلاً للمصالحة الوطنية في المجتمع اليمني الذي سيدخل إلى دولة مدنية ديمقراطية جديدة بموجب دستور جديد يضمن عدم تكرار الانتهاكات الفاضحة لحقوق الانسان والقانون الدول الانساني والجرائم ضد الانسانية، وكل مآسي وميراث الماضي غير المأسوف عليه!!

وقد عرفت الأمم المتحدة مفهوم "العدالة الانتقالة"، في تقرير الأمن العام عن "سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع" [الوثيقة رقم S/2004/616 المؤرخة في 23 أغسطس 2004]، بأنها "كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع لتفهم تركة من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإقامة العدالة وتحقيق المصالحة."

تلك هي المرجعيات التي يجب استعابها في قانون للعدالة الانتقالية كي يتمكن مؤتمر الحوار الوطني من اعتمادها وهو يصيغ مشروع أو مشاريع قوانين العدالة الانتقالية الحقيقية التي تؤسس لمصالحة وطنية حقيقية!!!

إذا أخطأنا في تفسرنا هذا، فلايزال هناك متسعاً لتشكيل "لجنة التفسير" التي أغمضت كل الأطراف السياسية عيونها عنها!!!

والكلام هنا لرئيس الجمهورية والحكومة وللمبعوث الأمين العام للأم المتحدة السيد جمال بن عمر ولسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة!!
والله من وراء القصد.

زر الذهاب إلى الأعلى