[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

في سوريا.. تبحث عن حياة!

أجلس أمام شاشة التلفاز أحاول أن أبتعد قليلا عن تلك القائمة المسماة أخبار.. اليد الممسكة بالريموت تعود على عجل... المدة ربما لم تتجاوز عشر دقائق.. (الجزيرة) القناة رقم واحد في القائمة..

الساعة التاسعة بتوقيت مكة المكرمة.. الإعلامي القدير جمال ريان يقرأ النشرة.. خط أحمر يعصف بالشريط الإخباري في أسفل الشاشة تكاد الحمرة أن تغمر الجزء العلوي من الشاشة.. تصل الرسالة إلى ريان فيتمعر وجهه غضبا و يقرأ بنبرة ممزوجة بالحزن خبرا عاجلا عن مجزرة جديدة يرتكبها الجيش الأسدي..

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أسمع أو أشاهد فيها مجزرة يرتكبها ذلك المجرم المدعو ( بشار ) بحق الشعب السوري العظيم الذي لم يكن له من جريمة إلا المطالبة برحيل أسرة (تشلكت) على كرسي الحكم منذ خمسة عقود من الزمن فأذاقته سوء العذاب.. ادلب... كرم الزيتون.. الخالدية.. بابا عمرو.. باب سباع.. الحولة.. زملكا.. التريمسة.. داريا.. حلفايا.. الرستن.. ومدن أخرى في سوريا شهدت العشرات من المجازر الشنيعة...

تكاد الثورة السورية تقترب من نهائية عامها الثاني و ما زال الشعب السوري يعيش في معمعة الألم والدم وسط أمم خرساء..

بحسب إحصاءات الأمم المتحدة 60 ألف قتيل في سوريا ومئات الآلاف من النازحين.. مدن بأكملها تعرضت للدمار الشامل.

ما يجري في سوريا مأساة تراجيدياه بين قاتل متوحش ومقتول يحاول أن يقاوم بروحه أو ما تبقى منها وبجسده الذي أضحى أشلاء من أجل حرية مسلوبة وكرامة مفقودة... !

في سوريا تكاد صور الماسي تدمي العيون يشعر المرء بأن الدموع التي تنهمر من عينيه حمراء اللون الصور المأساوية الرهيبة تجرح وتعجز العينان عن استيعابها بل عن التحديق فيها.

في سوريا جرائم لها أكثر من صورة إنها صورة الصور الصورة الأشد إيلاما من القتل نفسه الصورة الأشد رعبا من المجازر لا تملك وأنت تشاهد إلا أن تصرخ مع الصارخين ولكن بصمت.. !!

في سوريا حتى البيوت والحقول والمدارس والمآذن والكنائس.. لا تنجو من الموت... الذي تصنعه الصورة في إحدى العائلات تندب بيتها الذي تهاوى. أجل بيتها. صورة البيت الذي تحول أنقاضا أقل ألما من صورة التي تندبه.. البيت فرد من العائلة أيضا.. البيت إنسان يحيا مع الأحياء ويموت معهم.. !

في لحظة وجدت هذه العائلة السورية – ومثلها مئات الآلاف - نفسها بلا بيت.. بلا سقف.. بلا باب... ربما المفاتيح وحدها نجت لكنها ستصبح ذكرى مفاتيح !.

أحد الأصدقاء يقول : لي إن البشر أهم من الحجر هذا قول صحيح لكن حجر البيت حجر حميم وحنون له قلب يخفق وروح تنبض الحجر صديق صاحبه صديق لا يخون مهما حصل.

تحت الخيام يعيش ألاف النازحين في حياة تفتقد للحياة !... نازحون لم يعتادوا النوم في الهواء الطلق هنا في الصحراء لا يحلو النوم ولا السهر في العراء الواسع الذي تحرسه مخاطر الوحوش المفترسة و البرد القارس.

الصمت العالمي الشامل إزاء ما يتعرض له الشعب السوري لا يجد ما يبرره غير النزوح من عالم القيم الأخلاقية والإنسانية إلى صحراء المصالح الدنية....... !!.

سوريا لم تعد تحتاج إلى المزيد من الدم والدموع و الألم. لم تعد سوريا بحاجة إلى المزيد من الخراب والدمار... أبناء سوريا يستحقون الحياة والحرية والكرامة..

زر الذهاب إلى الأعلى