[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

مؤتمر الحوار وإعادة إنتاج الماضي!

تحدد موعد انعقاد (مؤتمر الحوار الوطني) في اليمن بيوم 18مارس القادم ليكون بمثابة لحظة فارقة يجتمع فيها اليمنيون على طاولة واحدة لرسم معالم مستقبلهم.. وبناء دولتهم الجديدة.. وليكون ايضا بمثابة محطة انتقال إلى عهد جديد متجاوزا الماضي بكل ما حمله من ركام.

ما لفت انتباهي هو تحديد يوم انعقاد مؤتمر الحوار الوطني مع الذكرى الثانية لقيام الرئيس السابق علي عبدالله ونجله وأبناء اخوانه ومنظومة سلطاتهم العائلية بارتكابهم جريمة مذبحة جمعة الكرامة..

لست ممن يقتنع أن اختيار يوم 18مارس موعد انطلاق فعاليات مؤتمر الحوار الوطني جاء عفويا أو من دون قصدية... فصناع القرار اليوم ليسوا غرباء عن المشهد السياسي اليمني قبل اندلاع الثورة الشعبية الشبابية السلمية اليمنية.. ويعرفون جيدا ان انهيار الحكم العائلي للمخلوع بدأ يوم ارتكب جريمته المشينة بقتل المعتصمين السلميين.. وما جرى فيما بعد من تطورات واحداث كانت مجرد تداعيات وعقابيل للحدث العظيم يوم 18مارس..

إن توقيت عقد مؤتمر الحوار يجرني للأسف جرا إلى حالة تاريخية سابقة وقعت عام 1968... وإن كانت لا تتشابه مع الحالة الثورية الشعبية في العام 2011 بصورة متطابقة.. لكني أخشى ما أخشاه أن تسفر نتائج المؤتمر اليوم عن ذات النتائج التي أسفرتها نتائج الحالة التاريخية السابقة.

بكلمة...
إن جريمة أحداث (24 أغسطس 1968) في صنعاء تكمن في أنها أسست لوضع سياسي واجتماعي واقتصادي بالغ السوء... وعمقت الشرخ الاجتماعي... وظلت آثار تلك الجريمة تسحب نفسها طوال عقد السبعينيات وجزءا من ثمانينيات القرن الماضي مما دفع بعض أركان النظام إلى القيام بمحاولة معالجة تلك الحالة إثر تعاظم الانفلات الامني.. وتفكك بنية النظام السياسي.. وتلاشي وجود الدولة وإصابة أذرعها المختلفة بشلل السيطرة على كامل الأرض اليمنية.. لاسيما مع مصرع رئيسين للبلاد خول الفترة الزمنية لا تتجاوز الأشهر العشرة.. ومع مخاوف بعض دول الإقليم من سقوط البلاد في قبضة قوى تقف في المعسكر الدولي المناهض للمعسكر الدولي الآخر الذي تقف عليه هذه القوى الإقليمية.. فلجأت إلى الإعلان عن مصالحة وطنية بواسطة عقد (مؤتمر شعبي عام) وجمع كل القوى السياسية المتطاحنة إلى مائدة واحدة.. ولاتفاق على ان ينعقد في الذكرى الـ14 من نفس يوم الاجهاز على القوى الثورية التي فكت حصار القوى الإمامية الملكية الرجعية عن العاصمة صنعاء... اي يوم 24أغسطس 1982..

وتم تقديم المؤتمر الشعبي باعتباره مؤتمرا مؤقتا.. لكنه أصبح، بتحويل لجنته إلى لجنة دائمة، بمثابة حزب الأحزاب، ومظلة لكل القوى المتصارعة برئاسة المخلوع الذي كانت العواصف تتقاذفه من كل جانب؛ من عمليات عسكرية تنفذها عناصر الجبهة الوطنية اليسارية... إلى انقلاب الناصريين... إلى مناوشات عناصر اتحاد القوى الثورية الإسلامية "اسم القديم لانصار الله الحوثيين"..

فهل نستطيع القول "ما أشبه الليلة بالبارحة" كسمات وملامح... مع تغيير في وجوه اللاعبين... وتبدل في الأدوار.. وتحويرات في الخريطة...

أملي ان لا تسفر نتيجة مؤتمر الحوار الوطني عن نتائج تعيد اليمنيين إلى مربع شبيه بالمربع القديم الذي تشكل في العام 1982 ثم أفضى بهم إلى إشعال شرارة الثورة الشعبية الشبابية.. كما نأمل ان لا يتحول (المؤتمر الشعبي العام) الذي استنفد أغراضه بخلع زعيمه إلى (مؤتمر الحوار الوطني)... كما نأمل ان يكون (المؤتمر) الجديد محطة مستوية تضم وتستوعب كل الأطراف والقوى المختلفة ليرسموا جميعا معالم مستقبل يمن القرن الحادي والعشرين.

* صحفي ومحلل سياسي

زر الذهاب إلى الأعلى