[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

العراق.. إسقاط الفوضى وإحلال النظام!

ان من مسلمات الوضع العام في العراق منذ الاحتلال وحتى يومنا هذا ، هي الفوضى ، وذلك تعبير دقيق لا ينكره احد ، سواء من قبل سياسيي التجربة الأمريكية – الإيرانية ، أو من قبل المعارضة الوطنية بمختلف اتجاهاتها الفكرية ، أو من قبل الشارع العراقي بمختلف اطيافه والوانه .

لسنا بصدد تقييم التجربة السياسية في العراق ، فهي لم تحمل أي جانب مشرق من جوانبها ، ولم تقدم تلك التجربة ، مشروع الدولة المدنية التي تغنى بها السياسيون وعزفوا فيها على وتر الديمقراطية ، التي أزدهر الخطاب بها في وسائل الاعلام فقط . ولم يعرف العراقيون عن التجربة السياسية في بلادهم سوى الازمات وتفاقم الخلافات بين اقطابها من دون ان يلمسوا شيئاً يعطيهم بصيص الامل في غدا مشرق في عراق لم يعرف الهدوء.

فرئيس الوزراء والذي هو القائد العام للقوات المسلحة والمسؤول الاول عن الملف الأمني في البلاد لم ينزل من قمته الهشه التي تربع عليها قبل سنوات بإتفاق مكشوف بين اميركا وإيران اللتان جعلتا من المالكي شماعة لاخطاءهما ، ولم يتنازل المالكي ولو قليلاً لشركائه السياسيين بمكاسب وصلاحيات ادارية ، مؤكداً في ذلك استناده إلى الدستور الذي يعطيه الحق والصلاحية ، حسبما يقول ، وفقد بتصرفاته التي خلت من الحكمة عديد من شركائه وحلفائه وخاصة الاكراد منهم.

يبدوا ان رهان المالكي على الاميركيين والإيرانيين ببقائه بالسلطة لم يكن في محله ، حينما تجاهل مطالب المتظاهرين في 25 شباط عام 2011 ، فأعطى المبرر لتفاقم الأزمة بين الطبقة السياسية الفاسدة من جهة وبين الشعب المهمش من جهة اخرى ، ولا ننكر نجاحات المالكي في تحجيم شركائه السياسيين ، الذين انصاعوا لرغباته المريضة من اجل مكاسب وامتيازات شخصية ، بتهميش واقصاء شريحة واسعة من الشعب العراقي ، وتأمروا على مناطقهم وناخبيهم ، وانضووا تحت عباءته وفي سلطته الدكتاتورية .

بات من البديهي القول ان الانتفاضة الشعبية التي انطلقت قبل ما يقارب خمسين يوما في عددا من المحافظات العراقية اصبحت اقرب إلى ثورة شعبية تهدد العملية السياسية برمتها ، منها إلى انتفاضة لتصحيح مسار تلك التجربة الفاشلة ، وبات واضحا اليوم ان توفر مقومات نجاح الثورة الشعبية للاطاحة بالعملية السياسية الحالية بجميع عناصرها واركانها اقرب إلى الواقع من السابق .

كما ان حضور القوى الوطنية المناهضة للاحتلال الاميركي –الإيراني المعروفة في المشهد السياسي العراقي بات اكثر تأثيرا وقدرة على التحرك الايجابي في سبيل انقاذ العراق من مأزقه واخراجه من الحضيرة الإيرانية ، ومن منطلق الحرص والمسؤولية التي نشعر بها كوطنيين تجاه وطننا وشعبنا لابد علينا ان نأخذ دورنا بمشاركة شعبنا في ثورته ضد الظلم والاستبداد ، كلاً حسب قدرته واستطاعته ايذانا للوقت الذي يجمعنا فيه العراق تحت مضلته لمرحلة سياسية قادمة، لابد لنا ان نشير وبأهمية إلى الكيفية في التعامل خلال المرحلة مع الثورة ومتطلباتها الفكرية والثقافية والسياسية ..

فمن الواضح للعيان نضج الحالة الثورية لدى شعبنا واستجابتهم للتوجيهات السديدة لرجال الدين الاصلاء والوطنيين الاحرار وتمثل ذلك في لفتهم لاهمية المناداة بحقوقهم المشروعة وهي ليست مطالب ، ثم تراجعهم عن قرار التوجه إلى بغداد في الوقت الراهن ، ثم لابد من التنبيه إلى ضرورة التثقيف بأن ثورة الشعب هي من اجل اسقاط الفوضى واحلال النظام ، استنادا إلى ان العملية السياسية القائمة لم تأتي سوى بالفوضى ، فهي فوضى لم تؤسس لدولة وانما أنشأت سلطة ومراكز قوى ممولة خارجياً ، وان ما دعى العراقيين للخروج في تظاهرات مليونية هي تلك الفوضى ، والمحاصصة والتهميش والاقصاء الذي يعاني منه الاغلبية العظمى من الشعب . ولم يعد امام العقلاء من اهل الحكمة سوى الذهاب مع خيار شعبهم في اسقاط الفوضى واحلال النظام .

زر الذهاب إلى الأعلى