[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

أغلبية النخب اليمنية لا تدرك ما يجري في الجنوب!

هناك خلل كبير في توصيف الناس للقضايا والأزمات في اليمن ، ويكاد يكون عشرة من كل مئة شخص من النخبة السياسية والإعلامية يمكن أن يعطي إجابة مسؤولة وصائبة عما يجري في المحافظات الجنوبية، والبقية يجيبون إما بإجابات عاطفية أو كيدية بعيدة.

الوضع معقد ومختلف عما تردده بعض النخب السياسية والإعلامية.. ليست القضية عواطف وآراء مزاجات، تحمل هذا وتبرأ هذا وتقول كان على هذا، ولا هي كما يتمنى البعض ويضع الحلول السحرية.. القضية هي أن هناك أطراف في الحراك قد تعدت المعقول، وقد تعبأت بتحريض وكراهية كافية للقتل والانتحار..

سنوات وهم يغسلون أدمغة الكثير من الشباب، ويبنون له أحلام وطن سيعود، وخصوصية وعنصرية... وليتق الله كل من يقول شيئاً في هذه القضية، ويعلم أنه محاسب أمام الله والتاريخ.. لأن المعالجة الخاطئة تضاعف الأزمة وستكون سبباً مستقبلياً في المزيد من الدماء..

ماذا يعني التنظير الساذج القائل إن عمل مهرجان للوحدة كان خاطئاً، لأن فيه دماء؟.. أقول: وهل ترحيل الأزمات، سيمنع الدماء؟.. وهل ترك المدن للحراك يتوسع ويحرض ويتجهز سوف يقلل الدماء؟.. هناك واقع مختل سيدفع اليمنيون ثمنه، تأخر أو تقدم، لكن استمرار الوضع المختل الذي تصبح فيه دعوات الانفصال واقعاً، وتصبح الوحدة مهددة، هذا يمكن أن يجعل الثمن فادحاً.

أصبح فيهم من يدعو للقتل بكل بحاجة.. وهو مستعد لقتل حتى مليون ممن يسميهم "شماليين"، .. لأن الشحن العنصري والمناطقي قد صنع لديه ما يكفي، لجعله يسير وفقاً لعالم غريب وغير واقعي ولا إنساني.

عندما تكتب شيئاً تنتقد فيه الحراك، فإنه يعتقد أنك قد تعديت على مقدساته وشككت بوطنه وأهنت كرامة شعب في مخيلته، لذلك يرسل إليك رسالة يقول فيها: "قسما ان اسرائيل ارحم منكم ايه الخنازير وستذكر كلامي ايها السافل بان نريك من نحن ولو وقعت بيدي قسما بالله لن ارضى باقل من صلبك وانت تعرف من نكون نحن اصحاب الضالع خاصه والجنوب عامة". (من رسالة وصلتني من أحد الحراكيين.. يريد صلبي!).

هذا الكلام لا يهددني شخصياً فقط، هذا يهدد بلاداً، أصبح من سكانها من يقول هذا الكلام وهو قادر على تنفيذه، على أي مواطن آخر على الأقل.. هل هذا وضع طبيعي ويستحق السكوت عليه والاستمرار باللامبالاة؟.

فليتق الله كل من ينطق كلمة ويدافع بسذاجة وعاطفية عن الحراك.. كلما مدحت حراكياً تأكد له أن ما يقوم به صائب وأن مطالبه عادلة، وهو متحول يبحث عن تمزيق بلاد بما يترتب عليها.. وللمرة المليون نكررها نحن لا نتحدث عن أصحاب الحقوق والمظالم.

ما لم تُحسم هذه القضايا ويكون للدولة هيبتها وللقانون والعلم الوطني هيبته، فإن الحوار ليس حلاً، بل بداية منعطف جديد مع الأزمة.

الانفصال عبارة عن حركة وأقرب إلى شركة لها عناصرها وموظفوها، وعملها التعبئة والإعلام الموجه إلى الداخل والخارج والدعوة إلى الانفصال وتحريض البسطاء وصناعة ثقافة كراهية، والمدخل إلى الحل يبدأ بوجود الدولة وعملها الذي لا يجعل البسطاء صيداً للتعبئة كما هو بتفنيد خطاب الانفصال ودراسته. وكم كان من المؤلم أن الكثير ممن شاركوا في الندوة الموسعة قبل أيام في صنعاء عن القضية الجنوبية، أكثرهم زاد الطين بلة وعمق الرؤى المشوشة لعوامل سياسية وعاطفية ومكايدات عدة.

سنوات والنخب لا تملك نظرة شاملة عما يجري في المحافظات الجنوبية وملف في غاية الحساسية يترتب عليه أمن الوطن ووحدته، وهذا ليس لأن القضية غامضة، بل لتقصير السياسيين والمثقفين في النظر إلى الوضع بجدية ومسؤولية لازمة.

زر الذهاب إلى الأعلى