[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

هل تتم ولادة يمن جديد؟!

اليمن حكَم عليه ظرفه التاريخي أن يكون مثل دولاب يتحرك في كل الاتجاهات، فيه فقر وأمية وقبلية، وحروب تتالت عليه، وانقلابات، وهو رئة لتجمع القاعدة وأنصارها، وحوثيون يريدون الاستئثار بالدولة من خلال دعم إيراني، هذا عدا البطالة، وولاء الجيش وقوات الأمن العام للسلطة وحمايتها، ووجود شعب مسلح بملايين القطع المتنوعة، وكذلك الأزمات الاقتصادية والولاءات القبلية، بمعنى أن كل مشكلة تشكّل حالة صعبة لبلد عانى من كل المصائب..

جدول أعمال الحوار الوطني المنعقد اليوم يحمل العديد من الملفات، لكن التمثيل الكبير لكل شرائح المجتمع، وخاصة الجنوب الذي حظي بنسبة الـ50٪ يأتي لأن هذا القطاع هو من واجه الأزمات المتلاحقة من النظام السابق، ما دفع البعض إلى المناداة بالانفصال، وقطع حبال الود مع الشمال، وهي خطوة ليست استفزازية ولكنها ضغط الواقع، إلاّ أن القيادة اليمنية الحالية رأت في الحوار جسراً للتفاهم، وطرح الموضوع كقضية تخص كل اليمنيين وفق خطط وتعاملات واتفاقات تختلف عن سابقاتها، وهذا بدوره مسوّغ لتجاوز الأزمة بحلول صادقة وعملية من كل الأطراف..

فالجنوب كان مزدهراً قبل أن يشهد تحولاً يسارياً قاده إلى الإفلاس وتضخيم الذات عند تلك القيادات، وجاءت الوحدة لا لتمسح تلك الخطوات المتهورة المجنونة وإنما لتضيف عبئاً جديداً على الإقليمين شماله وجنوبه، ويبقى الموقف قائماً، إلاّ أن هذا الحشد من الحضور الممثل لكل القطاعات والإعداد الجيد لطرح الهموم بمساهمة شعبية كبيرة قد يخلقان أجواء أخرى تعد لدولة حديثة بدساتيرها، وقوانينها، وحلول لاقتصادها وفق خطة تنهي الولاءات للقبيلة والطائفة، أو هيمنة الدولة وقمعها للحريات، وفساد أسلوب حكمها، وهذا المطلب يشهد توافقاً عاماً، لأنه المخرج من مخلفات الماضي كله وبدون أن يعي كل يمني أنه مسؤول وفق نسب ما يريد إعطاءه، وأخْذه، فإن القضية تحل، أو تتعقد وفقاً للإرادة الشعبية التي هي المفصل في خلق كل الحلول..

اليمن الذي جرب أنواعاً كثيرة من الحكومات والطرق، وولد في ظلها الخراب والمحسوبيات، استيقظ على واقع لا تستطيع الدولة وحدها حسمه، ولذلك فالحوار الوطني الموسع، والشامل للفرقاء جميعاً، والفصل بين عهد وآخر، وبناء اليمن الجديد يحتاج إلى فهم ووعي بالظرف الراهن، وتضحيات من الجميع من أجل إعادة بنائه على أسس ومبادئ جديدة..

تطابق وجهات النظر الشاملة قد يكون أمراً مستحيلاً، لأن ما خربته السنين لايُبنى في يوم أو سنة، ولعل الحضور المكثف من اليمنيين والعرب وغيرهم من الدول الأخرى يضيف بعداً إيجابياً، إذ سيسجل هؤلاء شهادات النجاح أو الإخفاق لأهم دعوة لمؤتمر مفصلي في حياة اليمن، ويدفع بهم إلى تشجيع المساعدات والاستثمارات لبلد يحتاج لمشروع متكامل، ولا نعتقد أن رجالات اليمن الذين تجاوزوا العديد من الصعاب أن لا يعيدوا لهذا البلد عزمه على تجاوز ماضيه، وهي قضية ليست مستحيلة، إذا ما تلاقت النوايا والأهداف، وتعززت بتعالي روح الوطن فوق كل التناقضات..

زر الذهاب إلى الأعلى