[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الهادي الذي يسبق العاصفة

أخيرًا طلعت شمسك أيها اليمن الوليد التليد, فأضحى صبحًا مقداره ألف عام أو يزيد, لست شاعرًا لكني أحس الشعر يتفجر من بين أصابعي, أكتب إليكم ودموع الفرح تسابق حبر قلمي, فلا الدمع خف ولا الحبر جف!! فالكلمات تتزاحم أيها تسبق أختها لتعبر عن النشوة التي اجتاحت الشعب بعد قرارات هيكلة الجيش الأخيرة والتي في نظري لم تكن مجرد قرارات بل غدت صحفًا ترسي مداميك البيت الجديد. فلم تكن الأحداث مجرد مسرحية كما زعموا, لم تكن لعبة شطرنج كما وهموا, لا يوجد أحد خلف الكواليس, الكل مكشوف أمام الجميع يتقدمهم الرئيس هادي كبطل على المشهد السياسي المعاصر..

قالوا: بأن الهدوء يسبق العاصفة وقد صدقوا.. وفي اليمن كذبوا!! فلدينا العاصفة سبقت الهدوء الذي لم يأت في ظل تأخر الهيكلة, لكن الرئيس هادي ألجم العاصفة ومسك زمامها بقراره الوطني الأشجع والأنجع لذا عنونت مقالي " الهادي الذي يسبق العاصفة". فالتشبث بالسلطة الذي أدخله الإمام الهادي منذ قرون مضت سيكون اجتثاثه على يد الرئيس الهادي فليت مناد ينادي على تبابعة اليمن وأقيالها, وأئمتها وملوكها, ورؤسائها وشيوخها, وأحزابها وقبائلها بأن الهادي قد سبق العاصفة!! فلا يصنع التاريخ تعاقب السنين في الحكم بقدر ما يصنعه قرار قوي يداول الأيام بين الناس بمشيئة الله, ويضع حدًا لمن يستخف بالشعب, فهذا القرار هو صيحة البعث التي نادى بها الزبيري, وهو الحياة التي أرادها الشابي للشعب, وهو القدر الذي يبدو أنه قد استجاب لنا!!

للذين سخروا من انتفاضتنا وقالوا عنها: " ثورة خديجة " وقد ضربتهم موجة من يأس إبليس بأنهم لن يُعبدوا في جزيرة العرب.. فاليوم عاد لليمن سعادته, عاد للبن نكهته, عاد لسد مأرب سيله العرم, عاد لذي يزن عرشه, عاد للوطن أوسه وخزرجه, فالعماد تستنهض إرم من جديد, والهدهد أدرك بأن قوم سبأ يعيشون النبأ اليقين!! اليوم سنخلع عنا الزنجبيل وننفض عنا الغبار, اليوم لن تكسر الحجر أختها ولن تُدمي رأس القبيلي, اليوم لن نقول لشيء لا نعرفه بأنه بلسن ولن نسمح لأحد أن يخلف باب ديمتنا, اليوم لن نسمح لأخس "......." أن تمحر مائنا!! لأن شعب اليمن ربط على بطنه بحجر وهو يرى التخمة بين عينيه فقد جفا جفونهم الكرى لأن جفانهم خاوية. شعب لا يسأل الناس إلحافًا لأنه عزيز وإن ذل,شعب تمسك بإيمانه رغم فقره والفقر كفر, وتزين بالحكمة ليواري سوءة جهله الفاضحة, فرغم رقة قلوبهم ولين أفئدتهم إلا أن دموعهم عصية لا تستجيب لهم مع كل ما لحق بهم من الضر والسوء بل تجلّدوا والجَلد يُلهب جُلودهم ولسان حالهم يقول ما هكذا تُساس الأمم ولا هكذا يكون رد الجميل!! إبريل الذي طالما أتانا بكذبته الشهيرة لكنه هذا العام لم يجد بُدًا من الصدق لأن مداره نزل في تقويم هادي, هذا الرئيس الذي أظهر تفانيًا وشجاعة ووطنية فاجأ بها الجميع وتفاجأ به من يعرفه أكثر ممن لا يعرفه!!

لفتة جميلة وإنسانية من الرئيس هادي عندما حول الفرقة الأولى مدرع إلى حديقة وملهى ومرتع تحمل اسم 21 مارس وهو تاريخ انضمام الجنرال على محسن مع كوكبة من القادة العسكريين والدبلوماسيين والمشائخ عقب مذبحة جمعة الكرامة التي مهما أنكرها الجاحدون يكفينا أن الرئيس هادي والتاريخ يعترفان بها!! سأزور الحديقة وأقرأ الفاتحة لشهداء الكرامة من على ربوة شاهدت بخجل كيف ذبحوا, وفجعت وهي جماد من هول جريمة دبر لها بليل!!

نعم سأصطحب أسرتي إلى حديقة 21 مارس.. سندخل المنطقة المحرمة إن شاء الله آمنين.. سنلعب, ونلهو, ونأكل, ونجلس, ونضحك بقلوب مطمئنة.. ستمحو أقدام أبي آثار الجنازير والمدرعات, سيتبارى أخوتي حيث يُقام طابور القائد, ستمر أمي وأخواتي من ميدان ضرب النار, سأمشي مع زوجتي من ساحة العروض العسكرية, سيلعب ابني محمد مع الأطفال على طريق مشت من فوقه الكتائب المدججة بالسلاح.. أصواتنا, ضحكاتنا, صرخاتنا ستُخفي أزيز الرصاص, وستطغى رائحة الورود على شم البارود, سنجعل مخازن السلاح أحواضًا للسباحة وخزانات ماء تسقي الحرث والنسل, سنضع مكان كل قذيفة بذرة, مكان كل دبابة لعبة, مكان كل زنزانة شجرة, مكان كل ثكنة كبينة لقطع التذاكر.. سنعتلي تلك الهضبة يومًا ما ونقول " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"!!

أشكر القيادة السياسية ممثلة بالرئيس هادي, والشكر موصول للجنة الشؤون العسكرية, وكذلك القادة العسكريين السابقين الذين رحبوا بالقرارات وآمنوا بالتغيير, وأقول لهم: أمانة في أعناقكم وأنتم سفراء اليمن في الخارج بأن تحكوا للشعوب الأخرى أسطورة هذا الشعب الصبور وأن تكون اليمن هي الحكاية التي تقصونها لأولادكم قبل النوم!!

زر الذهاب إلى الأعلى