[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

عودة الطابع الوطني لمؤسسة الجيش ‏

وضعت قرارات الرئيس الشجاعة حداً للمزاج اليائس في الشارع ووضعت اليمن كلها على ‏أبواب التغيير الكبير الذي فتحت آفاقه الثورة الشعبية السلمية. ‏

وليس أكثر ملاءمة للدخول في المرحلة الجديدة من إصلاح المؤسسة العسكرية وإعادة ‏الطابع الوطني إلى بنيانها وهيكليتها، وقد كانت التغييرات الواسعة التي تضمنتها حزمة ‏القرارات التاريخية خطوة حاسمة في هذا المسار، لأن بقية خطوات إعادة بناء المؤسسة ‏العسكرية والأمنية على أسس وطنية أصبحت تحصيل حاصل حتى مع الإدراك للمدى الزمني ‏الذي ستحتاجه اليمن لإعادة إنتاج مؤسستي القوة «الدفاع عن الوطن والحفاظ على امن ‏المجتمع» الذي ربما يمتد إلى سنوات طويلة، غير انه لن يكون معيقا لاستعادة الدولة وهيبتها ‏طالما وقد أنجزت الخطوتان الأكثر الحاحاً ؛ استحقاق التغيير في البنية القيادية العليا ‏والوسطى، وتوحيد مؤسسة الجيش التي انقسمت إبان الثورة مابين ضفتي الشعب الثائر ‏المطالب بالتغيير والنظام المتشبث بالهيمنة والتسلط. ‏

الآن فقط وبعد هذه الخطوة الجريئة التي تبعث الطمأنينة وتبدد ظلال اليأس ستهدأ أرواح ‏الشهداء والجرحى الذين ضحوا بحياتهم من اجل التغيير. ‏

البطء في خطوات التغيير كان قد تحول إلى علامة استفهام كبيرة تلتف على المشهد بكل ‏مكوناته من السلطة الانتقالية وحكومة الوفاق إلى الكتل المجتمعية الكاسحة التي اندفعت إلى ‏ساحات الثورة لترفع صوتها بشعار التغيير، لأن عدم تحقيق أهداف الثورة، وتسلق الانتهازيين ‏والنفعيين مواقع الوظيفة العامة يمثل رسالة محبطة من واقع أرادوا تغييره وبدت تضحياتهم ‏في لحظة خيبة الأمل كأنها هباءاً منثورا. ‏

اللافت في ماحدث حتى الآن هو قوة صبر الرئيس ورصانته، وقد تبين انه لم يفرط ‏باستحقاقات التغيير، صحيح انه تباطأ في اتخاذ القرارات وقد اعترف بخطئه بقوله إن هذه ‏القرارات كان ينبغي أن تصدر في 2012، غير انه لم يغفل عن ضرورة انجاز الخطوة ‏التاريخية، وقد فعلها وسوف يجد اثرها من خلال الالتفاف الشعبي والحماس وقوة الأمل التي ‏سرت من جديد في كل أوصال المجتمع. ‏

كان تخريب مؤسسة الجيش شرطاً ضرورياً لإنجاز الهيمنة العائلية على الدولة. وقد استمرت ‏الخطوات الممنهجة بشكل حثيث حتى أفرغت مؤسسة القوة المفترض بها حماية الوطن من ‏مضمونها الوطني والوظيفي، حيث اختل تركيبها الوطني على المستوى القيادي والتكويني ‏وغدت في خدمة الهيمنة الفردية والعائلية. ‏

وكانت قضيتي الجنوب وصعده انعكاساً لهذا الخلل الكبير. ففي الجنوب تم تسريح الآلاف من ‏الضباط والأفراد من وظائفهم وطبق التقاعد التعسفي وأقصيت الكفاءات لتفسح المجال ‏لأصحاب الولاءات. ‏

وفي صعده استخدمت الحروب لتصفية الحسابات، ومن اجل تكتيكات التوريث تم الزج ‏بالجيش في قضية كان يمكن مواجهتها بالأفكار والتعليم وان تطلب الأمر بإجراءات أمنية ‏محدودة، وأدى ذلك إلى نمو الظاهرة المذهبية وتوسعها وصعودها على رافعة الحروب ‏التكتيكية التي فتحت أبواب الأمن القومي اليمني للتدخلات الإقليمية والصراعات التي تخاض ‏على ارض اليمن بالنيابة.‏

لقد انعكست العصبوية في القوات المسلحة على المجتمع وأصابته بتشظيات غائرة ستحتاج ‏اليمن إلى زمن طويل لاعادة لحمتها واندماجها الوطني. ‏

ومثلما كانت التشظيات انعكاساً للهيمنة العصبوية على سلطة الدولة واهم مؤسساتها ‏‏«مؤسسة القوة»، فسوف تكون اللوحة الوطنية الجديدة التي مثلتها القيادة الجديدة كخطوة ‏حاسمة لاستعادة الطابع الوطني لهذه المؤسسة، ستكون فاتحة لاستعادة الاندماج والتلاحم ‏الوطني، لانها تهيئ شرطاً جوهرياً لإنجاز الدولة الوطنية الجديدة، دولة القانون والعدالة ‏الاجتماعية والمشاركة الشعبية، الدولة لكل مواطنيها بكافة توجهاتهم ومناطقهم وألوانهم ‏وقبائلهم ومذاهبهم وآرائهم.‏

زر الذهاب إلى الأعلى