[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

رسالة من مغترب إلى الرئاسة والحكومة!‏

تمثل ظاهرة الهجرة إحدى الظواهر المرتبطة بالشخصية اليمنية منذ القدم، نتيجة ما عرف ‏عن البيئة اليمنية الطاردة للسكان في فترات معينة من التاريخ، ولكنها في فترات أخرى تملك ‏من الخيرات ما يجعلها مقصد للهجرة الوافدة، على كل حال تمر اليمن حالياً بفترة من الشدة ‏دفعت بملايين اليمنيين للهجرة إلى العديد من دول العالم القريبة والبعيدة، وتتعرض الجاليات ‏اليمنية في بعض مناطق العالم لبعض الإجراءات التعسفية أحياناً وأحياناً إجراءات تتوافق مع ‏نظم ولوائح البلدان المضيفة ولكنها تسبب الإضرار بالمغترب اليمني.‏

من خلال متابعة لما نشر حول المهاجرين اليمنيين في المملكة العربية السعودية يتبين أن ‏الحملة الإعلامية ركزت بشكل خاص على الإجراءات السعودية ولم تشر إلى الواجب الذي ‏تتحمله الحكومة اليمنية منذ سنوات وحتى الآن، فبعض المهاجرين ربما يصرف ما جمعته ‏العائلة لسنوات من أجل الحصول على فيزه، وبعضهم يغامر بحياته من أجل عبور الحدود ‏بهجرة غير شرعية وبالتالي قد يتعرض للموت نتيجة تلك المغامرة ومع يذلك يقدم الآلاف من ‏اليمنيين على هذه المغامرة مع أن العائد محدود جداً.‏

دفعني للكتابة هذا الموضوع ما قرأته عن بعض الحالات المأساوية لأبناء وطن يملك من ‏الموارد والمساعدات والقروض...إلخ ما يغنيه عن كل تلك المعاناة، وكذا ما أعرفه عن عدد ‏من طلابي المتفوقين الحاصلين على مؤهلات علمية جامعية كانوا جزءً من تيار الهجرة خلال ‏العام الماضي لعدم توفر فرص عمل في الداخل، وعليه فإن لسان حال المغترب اليمني يمكن ‏التعبير عنه بالرسالة التالية:‏

الأخ/المشير عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية
الأخوة رئيس وأعضاء حكومة الوفاق الوطني بعد التحية
لقد قامت ثورة الشباب الشعبية السلمية وتصاعد الأمل لدينا بتحسن الأوضاع ومحاربة الفساد ‏وترشيد النفقات التي يستحوذ عليها النافذون، ونعتقد لو حدث ذلك فإن مبررات الهجرة للكثير ‏منا سوف تختفي، ويمكن أن نورد بعض المعالجات التي يمكن أن تتيح لنا فرص أكبر في بناء ‏وطننا الحبيب والتي يمكن من خلالها توفير مئات الآلاف من فرص العمل ومن تلك ‏المعالجات نطالب بالآتي :‏
‏1- يتواجد في قوائم الخدمة المدنية عشرات الآلاف من حالات الازدواج الوظيفي المعلن ‏عنها، فلو اتخذت وزارة الخدمة المدنية إجراءات صارمة لمعالجة هذه القضية لوفرت عشرات ‏الآلاف من فرص العمل، ولدينا الآلاف من حملة المؤهلات المختلفة يمكن توظيفهم بدلاً عن ‏تلك الأسماء.‏
‏2- يوجد الآلاف من الموظفين المنقطعين وغير المتواجدين في مقار أعمالهم وبعضهم ‏متواجدين معنا في بلاد الغربة ويستلمون رواتبهم من جهات أعمالهم مقابل نسبة من الراتب ‏تدفع لمدير العمل على الرغم من أوضاعهم المستقرة في بلدان المهجر، فلو نظف القطاع ‏الحكومي من حالات المنقطعين عن العمل لوفرتم عشرات الآلاف من فرص العمل، ولدينا من ‏يغطي تلك الأماكن الوظيفية.‏
‏3- يثار عبر وسائل الإعلام عن الأسماء الوهمية في الوظائف الحكومية، فلو صحح السجل ‏الوظيفي أيضاً لوفرتم الآلاف من فرص العمل.‏
‏4- أشارت وسائل الإعلام إلى وجود عشرات الآلاف من الأسماء الوهمية في المؤسسة ‏العسكرية، ثم وبعيداً عن التسريبات الإعلامية يعرف الكثير من اليمنيين عن كثير من ‏العسكريين يطلق عليهم منازل حيث يزورون معسكراتهم نهاية الشهر لاستلام الراتب، ثقوا ‏أن لدينا الآلاف من الذين أجبرتهم ظروفهم على الهجرة مستعدين للدوام في تلك المعسكرات ‏طوال أيام السنة.‏
‏5- على الرغم من أن بعضنا حاصلين على مؤهلات جامعية ومسجلين في قوائم الخدمة ‏المدنية، إلا أن لوبي الفساد تمكن من الاحتيال على آلية المفاضلة من خلال عمل عقود ‏لخريجي الثانوية وما قبلها، ثم يثبتوا كونهم متعاقدين، وفعلاً نزور الدوائر الحكومية ونجد ‏منهم في سن أبنائنا أصبحوا موظفين ثابتين ومؤهلات بعضهم أقل من الثانوية، بل وجدنا ‏بعضهم وقد أصبحوا مدراء ولم يتخرجوا من الجامعة بعد، ونحن منتظرين في قوائم المفاضلة ‏منذ عقود، فإذا ما وصل دور بعضنا قابلنا هؤلاء المدراء فقالوا لنا لقد زلت أعماركم أو قد ‏يستهزأ بعضهم بالقول(فاتكم القطار)، فأنتم متجاوزون لشرط العمر بحسب اللائحة الوظيفية، ‏وكأنهم يتناسون أنهم هم من أخذوا فرصنا الوظيفية عبر حيلة التعاقد.‏

أخيراً إن حالة الفساد الإداري في المؤسستين المدنية والعسكرية تهدر مئات الآلاف من ‏فرص العمل، ونعتقد أن تصحيح السجل الوظيفي، وإقرار عقوبات صارمة على المدراء ‏المتسترين تصل حد الفصل من العمل والحبس وتعويض الدولة بقدر الخسارة من المال العام، ‏نعتقد إن نفذ ذلك سيمكن الحكومة من توفير مئات الأف من فرص العمل وتخفيف الضغط عن ‏العاطلين من الشباب أبناء هذا الوطن من خلال تشغيلهم بدلاً عن ذلك الطابور الكبير من ‏الموظفين الوهميين، فلا يعقل ان يمنح أحدهم أكثر من راتب أو راتب بدون عمل بل حتى ‏هناك مكفلين في المهجر ومستقرين ومع ذلك يستلمون رواتبهم من بعض دوائر الدولة في ‏اليمن، بينما يُدفع بأخرين إلى محرقة الموت على الحدود بحثاً عن فرص عمل، فالكل أبناء ‏الوطن ومن حقهم تقاسم خيراته ومنافعه، وبدون ذلك ستبقى العدالة الاجتماعية والمواطنة ‏المتساوية والشراكة في الثروة والسلطة والقوة حبر على ورق، إن مئات الشهداء وألاف ‏الجرحى والمعتقلين لم يخاطروا بحياتهم ليعاد تقسيم الثروة والقوة والسلطة، بل قدموا أرواحهم ‏دفاعاً عن الغالبية المقهورة المنهوبة ودفاعاً عن كرامة اليمني المنتهكة خلف الحدود، قدموا ‏أرواحهم ليعيش بقية أبناء الوطن بعدالة وحرية وأمن، وفاءً للشهداء لابد من معالجة قضية ‏العائدين نتيجة الإجراءات التنظيمية في المملكة العربية السعودية، لابد أن تتحمل الحكومة ‏مسئوليتها من خلال قفل بوابة الفساد الكبرى في الجهاز الوظيفي للدولة، فالحكومة مسئولة ‏مسئولية كاملة عن معالجة أو ضاع هؤلاء بما هو متاح من إمكانيات، ونثق لو وجدت إرادة ‏صارمة لأمكن استيعاب الآلاف من هؤلاء الشباب في العديد من قطاعات الدولة، وفق مبدأ ‏‏(إحلال عائد بدل موظف منقطع أو مزدوج ) ومن السهولة كشف المنقطعين وفق الشراكة مع ‏لجان رقابة شعبية طوعية يكون العائدون نواتها.‏

زر الذهاب إلى الأعلى