[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

اليمن .. آلام وأمال

مازال الوطن يعيش حالة من المراوحة والشد والجذب، وكأن حالته السياسية كحال الجمل في معصرته .قادة مسؤلون حكموه وأداروه بعقليات قديمة ورجعية، انقضوا عليه وكأنه فريسة سهلة، أكلوا خيراته ودمروا مقدراته ونهبوا ثرواته، زرعوا الجهل وأفشوا المرض، سيسوا التعليم بدلا من أن يعلموا الناس السياسة، حولوه إلى ورشة للتشليح يعمل فيها متخصصون في تمزيق وتفتيت وتشظي هذا الكائن الجميل، رسموا له صورة قبيحة أمام العالم .

خلال هذه الفترات صار الوطن يعيش حالة من العوز واليتم والصراع الداخلي، كان وطنا وأرضا وإنسانا، فحولوه إلى جماعات عنصرية، ومذهبية، وجهوية، زرعوا الحقد، وصنفوه، حسب الانتماءات المناطقية والحزبية والمذهبية، اشتروا الولاءات الشخصية بثمن بخس، جعلوا من المواطن المغلوب على أمره ؛إما مرتزقا لفئة منهم، أو قائدا لعصابة، أو مطبلا، أو متسولا باب قصورهم الفخمة، أو مغتربا رحل عن وطنة للبحث عن عزة في بلدالإغتراب، أو مسيكنا يعاني ألم الجوع والفقر والمرض والألم داخل بيته، لقد صار الوطن يعيش آلام لا يطيقها، وفي ظل تلك المراحل السابقة والعقود الماضية نهض العديد من المثقفين ورجال الفكر والحرية، وسعوا إلى أن يبحثوا عن مخرج من هذا النفق المظلم، والحالة المزرية، والحياة التعيسة، سعيا منهم لرفعة هذا الوطن وعزته وعزة أهله وخصوصا الذين صاروا من قوم، لا حول لهم ولا قوة إلا بالله .

وهكذا تكاتفت الجهود، وتشابكت الأيدي للوقوف صفا واحدا أمام الهيمنية الفردية العائلية، المشخصنة، والمصالح الفردية الآنية وذلك لتحرير الوطن من ربقة الإقطاعيين والنهابين، والهباشين وأصحاب النفوذ، والمتطاولين على الوطن وخيراته .

كل هذه الجهود التأمت وشكلت كتلة قوية أحاطت بها ثلة كبيرة من الشباب الواعي، والشخصيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، ورجال الخير وبعض الغلابى .

وقد بدأت تشكلها وبداياتها منذ سنوات ما قبل الثورة الشبابية، حتى جاء يوم الشباب الذي انطلق بثورته الرائعة التي أذهلت العالم بقوتها وسلميتها وحقها وشرعيتها التي استمدتها من الشعب، .لقد انطلقت هذه الثورة التغييرية وتكاتفت معها الكثير من القوى الوطنية سعيا منهم للتغيير السلمي الذي يحقق تطلعات وآمال هذا الوطن المغلوب على أمره، وما أن بدأت الثورة الشبابية حتى تشكلت، فكانت القوى الظلامية الرجعية لها بالمرصاد لإجهاضها وتحويل مسارها، لكي تحرفها عن هدفها السامي وهو التغيير السلمي وبناء الدولة المدنية الحديثة بمعناها ومبناها، وأستمر الفعل الثوري وبدأت تلك القوى القديمة تنهار وتتساقط أمام الفعل الثوري واستمر ذلك، وما أن جاءت المستجدات وبدأ التغيير السلمي وتحقق بعض من تلك الأهداف الثورية، إلا ونحن نجد اليوم عودة القوى الظلامية وتسترها بستار التغيير الذي وقفت ضده ونافحت من أجل إخماده، هذه الأفعال التي عادت إلى السطح من تقطع وتفجير لأنابيب النفط واستهداف خطوط الكهرباء وتدمير البنى التحتية، كي توقف عجلة التغيير، والتي تحركت وستدور دون رجعة بصمود الرجال والقوى التنويرية .

ما نلحظه اليوم من أفعال وممارسات تجعل المواطن اليمني يفكر في العودة إلى ما قبل الثورة وهذا ما يسعى له بقايا النظام السابق الذي يريد ان يوصل لهم رسالة مفادها (ليس بالإمكان أحسن مما كان)، لقد سعى بقايا النظام إلى واستهداف القوى الوطنية الثورية ورمي التهم عليم وتشويه سمعتهم بكل ما أوتوا من قوة، سعيا منهم لزع الكره والحقد والأنانية في قلوب المواطن المسكين الذي يقبل بكل رأي أو قول يسمعه .

لقد عاش المواطن اليمني في آآلام طويلة وما زال يعانيها، وهو اليوم يبحث عن أمل منشود وغد أفضل لهذا الوطن المسكين أهله .

إن الآمال معقودة في كل القوى الخيرة التي تسعى لكي يكون الوطن أجمل وأحسن وأفضل، لكي يكون اليمني كغيرة من الناس يعيش في عزة وكرامة، الأمل معقود في الحوار الوطني وفي كل رجل وأمراة يحبون الوطن .

وعلى هذا يجب أن ننأى بكل أحقادنا الماضية وانتماءاتنا الحزبية الضيقة، وأن نغلب مصلحة الوطن وأهله وأن نعلم ان لا بقاء إلا للوطن ومن فيه جميعا نعيش في تسامح وتصالح وحب وعدالة ومساواة وتنمية وتطور وازدهار وسعادة وسرور ورفعة وعزة ومجد وسؤدد وجمال وخير جزيل .

علينا أن نبحث عن الأمل أملنا وأمل أبناءنا، وأن ننسى الماضي بكل مساوئه وأحقاده، وآلامه، وان ننطلق نحو المستقبل المشرق، واليمن المدني الحديث الذي يواكب متغيرات العصر وتطوراته .

فعلينا أن نعالج الآلام ونبحث عن الآمال.
شكرا لأنكم تتأملون وتتحاورون وتتسامحون .

زر الذهاب إلى الأعلى