[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الارض الاخرى في اليمن

لديّ ضعف حيال اليمن، الذي لا أعرفه، يمكن وصفه «بالضعف الأدبي». فاليمن مخيلات أكثر مما هو وقائع. وتاريخ، أكثر مما هو حاضر.

والآن وقد ذهب الرئيس علي عبد الله صالح، على الأقل حتى موعد طبع الجريدة، أسمح لنفسي بإبداء إعجاب شديد: من غيره يدرك قبل لحظة من الانفجار أنه سوف يقع فيسرع إلى تغيير مكانه أمام المحراب، فيغمره الحريق دون أن يقتله، فيقرر وآثار الحريق بادية حتى في حنجرته، التحدث إلى التلفزيون؟ انتهى، على قول مشعل السديري. لا. بدأنا. يعالج في الرياض ويعود، ويفاوض ويخطب ويعطي المقابلات والوعود، ويجادل أميركا وبريطانيا ومجلس التعاون ويوقع، ثم يسحب نصف التوقيع، ثم يعود ثم يفاوض. انتهى؟ لا. بدأنا. ثم يعيد النظر في الاتفاق. ثم يطلب التعديل. ثم يستقبل أمين عام مجلس التعاون الدكتور عبد اللطيف الزياني، بصفتيه: ممثل المجلس وممثل صبر أيوب. انتهى؟ لا. لقد بدأنا للتو. استعاد الرجل جسمه بلا حروق ورئاسته وطلاقته في النقد وفي الدفاع وفي الهجوم. ثم لا أدري ماذا حصل. لم يعد شيئا. هل سافر للنقاهة والراحة؟ لا. جلس يبتكر حياة جديدة كزعيم قد يرشح نفسه ذات يوم. فما أدراك. واليمن نظام «ديمقراطي» في أي حال. ما هي أخبار الرئيس صالح اليوم؟ هذا سؤال ساذج. السؤال هو ما هي أخباره غدا؟!

التقيت خلال الأشهر الستة الماضية أصدقاء يمنيين قدامى وأصدقاء جددا. وكنت أسألهم جميعا عن وضع الوحدة. ولم تكن الأجوبة واحدة. وأحالني أحدهم إلى فصل في كتاب «البوابات الجنوبية للجزيرة العربية: رحلة في حضرموت» للرحالة البريطانية فريا ستارك التي جابت المنطقة في العشرينات. لماذا؟ تقول ستارك إنها سألت مرافقيها (الرحلة على الحمير) سليم وسعيد: لماذا لا يكملان الرحلة معها في وادي حضرموت، إلى ما بعد دوعان؟!

«قال سليم: بكل طيبة خاطر، فلا مشكلة في الذهاب لأنك معنا وكذلك العبد مندوب الحكومة، لكن سنعود بمفردنا والقبائل الأخرى سوف تسطو علينا».

«قلت: تأتيان حتى شبوة ثم تعودان معي. قال سليم: ذلك مخيف لأننا لا ننتمي إلى تلك البلاد. قلت: هل ترافقني إذن إلى هجار وميفع؟ قال: لا. لا نحب الذهاب إلى ميفع. قلت: هل هناك حرب بينكم؟ قال: لا، ولكن سوقنا في المكلا، ونحن نسافر بين المكلا ودوعان».

تعلق ستارك بأن الترحال صعب في اليمن، فما إن تقطع مرحلة مع دليل تطمئن إليه، حتى ترى أنه لا يقدر على العبور إلى الأرض الأخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى