[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

تعز بين القلم والكلاشينكوف

تعز حاضرة اليمن ومخزونها الثقافي، تعز منها جاء رواد الثورة السلمية في العديد من محافظات الجمهورية، تعز عاصمة الثقافة اليمنية، من تعز تخرج أوائل معلمي التعليم العام مطلع السبعينيات، من تعز جاءت النخبة الحاكمة منذ عقود، تعز منها حتى أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومنهم صاحب المؤتمرات الصحفية الشهيرة(عبده الجندي) الذي كانت الكلمة الإعلامية سلاحه مهما اختلفنا مع محتوى تلك الكلمة وصوابها، ولكنها مع كل ذلك تبقى كلمات، في الطرف الثوري نجد أقلاماً رائعة ومواقع وصفحات تواصل اجتماعي داعمة للثورة غالبيتها من محافظة تعز، في ميدان التحرير كانت قيادات تحرك المسيرات المعارضة لثورة الشباب أيضاً قادمة من تعز.

خلاصة الأمر أن تجولت في ساحة التغيير بصنعاء كنت ترى تعز حاضرة في خيامها ومنتدياتها ومسيراتها ومنصتها وفي شارع الستين، وإن تجولت في خيام ميدان التحرير تصادفك أكبر الخيام أمام بوابة البنك اليمني للإنشاء والتعمير لبعض أبناء تعز وفي ميدان السبعين لم يغب أبناء تعز ومنهم صاحب اللقطة الشهيرة سلطان البركاني، وفي كل تلك المشاهد لم نرى كلاشينكوف يحمله جميع هؤلاء مع أي طرف كانوا.

إن الصورة النمطية لتعز تختفي عندما نسمع عن صراعات مسلحة في عاصمة الثقافة تعز، قد يقال أن ما نسمعه كلام وترويج صحفي، ولكن الحقيقة دائماً تأتي مع تداول صور الضحايا ومنهم شباب في مقتبل العمر أصيبوا بطلقات طائشة، نتألم كثيراً عندما نسمع عن فلتان أمني في محافظة عرفنا عنها سابقاً السلام والأمن، ماذا جرى؟؟ كيف أصبح في تعز هذه الترسانة من الأسلحة، وكيف تحول بعض أبنائها من السلام والثقافة إلى العنف والأمية، كيف حدث ذلك، كيف تحول حملة الأقلام إلى حملة للكلاشينكوف!!!

كاتب هذه الأسطر ليس من محافظة تعز ولكنه يعتز أن أول كلمات تعلمها في مدرسة حديثة منتصف السبعينيات كانت على يد معلمين أكفاء من محافظة تعز، ومنذ منتصف السبعينيات حتى الآن وتعز رائدة بمفكريها ومثقفيها على مستوى الجمهورية.

من المؤسف أن يتبادل أبناء عاصمة الثقافة الاتهامات لبعضهم بالولاء لمراكز قوى مختلفة، ذلك غير معقول فتعز لا يمكن بحجمها أن تنقاد لأي من مراكز القوى وهي الفاعلة في مختلف مراحل التاريخ اليمني، نأمل لأحبتنا حاملي الكلاشينكوف في محافظة تعز أن يعودوا مرة أخرى لحمل القلم، فحمل الكلاشينكوف مقدمة لترك القلم وعودة للأمية ومحو للثقافة وتكريس للفوضى ورمز لقوة الغاب، ولا يعني ذلك مطلقاً التخلي عن الكلاشينكوف ولكن ليبقى سلاحاً بيد القوة الأمنية الرسمية الحامية لأمن المواطن الحارسة للنظام والقانون.

زر الذهاب إلى الأعلى