[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

محلك سر

ظهرت في مصر العربية منذ أسابيع رواية جديدة تحمل هذا العنوان الذي وضعته في صدر هذه اليوميات، والرواية تحكي عن المراوحة التي يمر بها أشقاؤنا في ذلك البلد العربي العزيز، مراوحة في الصراعات اليومية بين الحكم الجديد والمعارضة، ومراوحة في مواجهة المستقبل الذي ينتظره الجميع.

ولا بد من التأكيد على أن المراوحة ليست حالة مصرية وإن كان هذا البلد الشقيق يعد القدوة والمثال في حياتنا العربية المعاصرة، وإنما هي- أي المراوحة- حالة عربية تعاني منها كل الأقطار العربية دون استثناء. ولنتأمل واقعنا نحن في هذا البلد "السعيد" وما تكلفه المراوحة من هموم وأشجان، صحيح أن فتح باب الحوار على مصراعيه قد أعطى المواطنين شيئاً من الأمل في تجاوز المراوحة إلاَّ أن كثيراً من الأفعال الشنيعة التي ما تزال تتم جهاراً نهاراً تبعث على التشاؤم وتؤكد أننا ما زلنا نراوح، ولم تخرج من دائرة "محلك سر" وهذه بعض الأسباب:
أولاً: الحالة الأمنية، وهي الأهم، حيث لم يحدث فيها أي تحسن، بل ربما زادت سوءاً، وتتابع الأحداث المؤسفة يضاعف من خوف المواطنين، ومن عدم ثقتهم بالأجهزة الأمنية التي لا يشك أحد في إخلاصها وحرصها على استتباب الأمن، وإنما يشفقون عليها من حيرتها تجاه ما يحدث وعدم تضافر الجميع في تمكينها من مواجهة الاختلالات بصرامة وحزم.
ولا مبالغة في القول بأن شبح الخوف الجاثم على الصدور لم يسبق له مثيل من قبل في تاريخ هذا الوطن الذي لم يعرف حالة من الأمن الحقيقي إلاَّ في فترات وجيزة، نتيجة السياسات المغلوطة والقائمة على المجاملات والاسترضاء، وعدم الإخلاص في بناء دولة النظام والقانون، وفي غياب مبدأ الثواب والعقاب أو استخدامه على عكس محتواه، مكافأة الجاني، ومعاقبة البريء، وهناك الكثير من الحوادث والوقائع التي يتداولها الشارع بقدر من السخرية الصارخة.

ثانياً: حالة الكهرباء، وهي رمز للنور والاستنارة ومحاربة ظلام الجهل والتخلف، وما يعاني منه المواطنون من عذاب الإطفاءات اليومية لساعات طويلة في الليل وساعات أطول في النهار، وتكرار هذه الحالة بصورة غير مسبوقة حتى في شهور اشتداد الأزمة وارتفاع درجة الصراع. وإذا كانت الطبقة الموسرة قد حلت مشكلتها مع الكهرباء عن طريق المولدات الخاصة، فإن الملايين في المدن والأرياف ليس في مقدورهم الوصول إلى مثل هذا الحل.
والإشكالية المؤلمة في هذه الحالة أن المواطنين جميعاً لم يجدوا تفسيراً مقبولاً لإخضاعهم لهذا الابتزاز اليومي والقهر المتواصل وما يرافقه في أغلب الأحيان من تعطيل للأجهزة التي تعمل بالكهرباء ومن إفساد للأطعمة المخزونة في الثلاجات. واعترف أنني اتلقى يومياً عدداً من المكالمات من بعض القرى التي يسكنها عدد من الأصدقاء الذين يؤكدون لي أن انقطاع التيار عنها يستمر أسبوعاً كاملاً لا يتخلله سوى الظلام وخيالات الأشباح.
اليس في هاتين الحالتين وحالات أخرى كثيرة لا يتسع الحيّز للحديث عنها، ما يؤكد أننا نراوح في مكان الأزمة، وأن "محلك سر" هو عنوان واقعنا المؤلم والحزين.

ووسط هذه المعاناة الشاملة يتساءل عدد من المثقفين: لماذا لا يسارع الأشقاء والأصدقاء ممن يهمهم أن لا تصل الأحوال في بلادنا إلى ما هو أسوأ أن يشاركوا في حل مشكلة الكهرباء وما تخلقه الإطفاءات من ردود أفعال لدى الغالبية، وذلك باستيراد مجموعة من المولدات الكبيرة والحديثة لمواجهة الظلام في المدن على الأقل، وفي العاصمة خاصة، لما للنور في حياة البشر من تأثير في إدراك الأمور على حقيقتها ومن قدرة على اكتشاف الطريق الصحيح للخروج بالبلاد من حالتها الراهنة .

الشاعر محمد عبدالغني الشميري في ديوان "هواجس غريب":
عن مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون، صدر حديثاً ديوان الشاعر محمد عبدالغني عبدالرحيم الشميري، تتصدره مقدمة بقلم الدكتور/ عبد الولي الشميري، تتحدث عن صاحب الديوان بوصفه شاعراً موهوباً بسليقة، وكثيرٌ هم المبدعون الذين يصدرون في إبداعهم عن موهبة فطرية يتجاوزون بها كثيراً ممن يكتبون الشعر عن دراسة واسعة واطلاع مستمر.
يقع الديوان في (189) صفحة من القطع المتوسط.

تأملات شعرية :
في زمن الفوضى
واللاّ أخلاقْ.
لا عاصم من بأس اللهِ
ومن بأس الفتنةِ
والإملاقْ.
يا من يصرخ في البريّه
مهلاً...
لا جدوى
قد وصل الداء إلى أعماق
الأعماقْ.

زر الذهاب إلى الأعلى