[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

عن باذيب والراعي والفساد

بدموعٍ غزيرة تصرخ موجوعة ( قتل بابا ) هل تتذكرون هذه الكلمات كم ابكتني كثيراً , وكم تساءلتُ بعدها عنك دوماً يا صغيرتي. . هل تتذكرونها. . إنها عتاب المفجوعة بفقد أبيها الشهيد. .

لا تدرك عتاب ان أباها قد اُبدل بمن هم خيرٌمنا ومنها حين اختارتهُ رحمة السماء أن يكون شهيداً شاء له الرحيم الخلاص من وحشة هذا العالم الموغل طمعاً , وظلماً لا تدرك عتاب ذلك و لا تعرف إلا انها فقدت الامن والأمان من صروف هذا الزمن الغادر والموحش. . خذلناكِ. . عتاب خذلناكِ. . يا صغيرتي ومضى كل منا إلى شأنه ونسيناك وغيرك الكثير من اطفال وأهالي شهداء الثورة لكنك مؤكد لن تنسي اباكِ قط ولن تنسي خذلاننا لأبيكِ اولاَ ولك انتِ من بعده. . خبرٌ ما يا صغيرتي هو ما أعادك للذاكرة وبقوة , خبرٌ جعلني اخجل منك اكثر فأكثر خبر مفادهُ يا ابنة الشهيد والبطل. . إنه قد تم صرف مبلغ مليون ريال مواساة للراعي بموت احد أقاربه.

ترى هل كان مبلغٌ مماثلٌ لمبلغ الراعي كفيلاً بمواساتك يا صغيرتي بالطبع لا فأبوكِ وشهدائنا لا يقدرون بثمن ولا اظنهم قد تناسوا مواساتك وسائر أطفال وأهالي شهداء الثورة ومساواة مصابكم بمصاب الراعي من باب ذاك المبدأ على الرغم من انه شتان يا حبيبتي بين المصابين وبين المفجوعين فأنتِ مفجوعة حزناً وكمداً , وهو مفجّوع (المال العام) لا اجد ما اعتذر به اليكِ عتاب خصوصاً ان يحدث هذا بعد الثورة التي فقدتِ فيها والدك شهيداً.

حين كان الامر مع الراعي لم أستغرب هكذا عبث وفساد فصالح المنظومة والسياسة والممارسات والفساد لم يسقط بعد ومازال موغلاً في كل مفاصل الدولة لكن ان يأتي الفساد والعبث بالمال العام اليوم بحلة ثورية ويكون بطله رجل كرمته الثورة وقلدته نياشين وأوسمة الوطنية والنزاهة وحب الوطن فيغدو اليوم بطل فضيحة فساد مدّوية وبوثائق لا يحتمل معها النفي والنكران حقاً الامرُ مؤلم ومشين فنحن إن مقتنا الفساد وأنكرناه مرة منهم أنكرناه منك انت تحديداً (باذيب ) ألف مرة لأنك محسوبٌ على الثورة.
كان أكثر ما آلمني في تلك الوثائق. . وثيقة صرف منحة علاجية بقيمة اربعة ألاف دولار للوزير وذلك مبلغ فيض من غيث بالطبع فيا ترى أي مرض هذا الذي ألمّ بك ايها القادم من رحم الثورة ؟ ليستدعي الأمر ان يتم توجيه امر بصرف هذه المنحة المالية الضخمة في حين أن كثيرين من جرحى الثورة لم يعد بإمكانه ولو شراء مسكن الم يخفف عنه شيئاً من عذابات فسادكم وعبثكم ولو للحظات.

أي مرضٌ ألم بك ليصرف لك ذاك المبلغ في حين يرقد كثيرون على أسرة الألم ينتظرون الموت البطيء هذا ان حالفهم الحظ وفازوا بسرير معاناة في مشافي الموت الحكومية ما لم فهم يفترشون الارض ويلتحفون السماء ينتظرون أدوار المعاناة والألم والنهاية.

أتساءل هل رأى من أمر بصرف تلك المنحة المالية لك طوابير غسيل الكلى والعلاج الكيماوي لمرضى السرطان الذين لا يجد اهالي كثيرٌ منهم ثمن تشييعهم إلى مثواهم الاخير في الوقت الذي تصرف فيه انت وغيرك كثير من ،،مفجوّعي المال العام ،، ذاك المبلغ الضخم كمنحة علاجية. . أي أمراضٍ هذه التي ألمت بكم فأنستكم الرحمة والإنسانية ويوماً ستقفون فيه امام الدّيان.

هو مرض السلطة والطمع وشهوة المال التي لا تقاوم من يجعلكم تتساقطون يوماً بعد يوم لكن سقوط المحسوبين على الثورة ولو بحسابات سياسية اخرى ومكايدات حزبية هو الأكثر دوياً وألماً. . عظم الله اجر سيادتكم. . وطهوراً لمعاليكم !

زر الذهاب إلى الأعلى