[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

أعرافنا قبور .. وعاداتنا أكفان

ما زلنا وللأسف نعيش التناقض والضياع بين ما نريد ان نكون عليه وبين ما تفرضه علينا اعراف وعادات استحدثها الجهل وما انزل الله بها من سلطان نحصد اليوم الظلم ، والتعاسة ،بما اقترفت أيدينا لأننا وببساطة تركنا نهج الرحمن وشريعته وأبدلناها شريعة العرف والعار ،والعيب التافه ،شريعة القسوة والرصاص والتطرف .

في خبر مرعب من احدى قرى شرع الكراهية والموت تم تنفيذ حكم الموت على (شاب ،وفتاة ) جرمهما الوحيد في شرع العيب وعرف القسوة الحب الذي أصبح موجباً للقتل كان قتلهما جريمة بشعة من فيض جرائم صرنا نفجع بها كل يوم .

حكم الموت على الشابين كان مخالفاً لشرع الرحيم الذي لم يكن ليجازي حبهما بتلك العقوبة حتى لو انهما ارتكبا الفاحشة قتلا فقط لأنهما التمسا الحلال نهاية حبهما أتساءل فقط أين ما صنع اهل تلك القرية من قول المصطفى (لا أرى للمتحابين إلا النكاح ) عذراً رسول الرحمة فقد خذلك من قلت فيهم يوماً ( أرق قلوباً وألين أفئدة) .

لا تتوقف الدماء ولا يكاد يلتقط ملك الموت أنفاسه إلا ليباغته الشر فينا بمهمة جديدة ولا نتوقف بصمت وتخاذل عن دفن الأبرياء وآخرهم أحد شابين حادثة الموكب اللذين قتلا بدم بارد ظلماً وتكبراً وتعالياً وللأسف تقف ذات الاعراف اليوم في نصرة الظّلمة ويعجز معها القضاء ويغدو القانون مكتوف اليدين أمام القتلة يدفن أحدهما ومازال القتلة طلقاء متبجحين بالجريمة بعذر الشرف والعيب لكن دفنه اليوم أمرٌ مختلف فالجريمة بعد ثورة لذا كان دفنه دفناً للثورة ، دفناً لنا جميعاً ولكل نواميس الحق والعدل و الشرع والإنسانية والأخلاق كان دفنٌ لسنة المولى ( ولكم في القصاص حياة يا اولي الألباب).

ليس بعيدا عن القتل والموت لكن بطريقة اكثر قسوة وتعذيباً يغيب الابرياء من شباب الثورة في زنازين الظلم والصمت والخذلان دون محاكمة في وقفة للمطالبة بإطلاق المعتقلين استوقفتني دموع رجل مسن نال منه تعب البحث عن ابنه عامين ليجدهُ اخيراً معتقلٌ وبجرمٍ لم يكن في الحسبان أراني ويداه ترتجفان ورقة رسمية فيها امر احتجاز انفرادي ومنعٌ للزيارة بدت الورقة بيدهِ منهكة حزناً ،وقد محت عنها الدموع شيئاً من حروف اسم ابنه مضى مبتعداً عني في حين لم أجرؤ اللحاق به لأعرف اسم رفيق الثورة والساحات الغائب اليوم في غيابات السجون ..لم استطع إلا ان أبكي لبكائه وأبكينا أكثر نحن رفقاءه لأننا لم نكن حتى اللحظة بقدر حزن أبيه ودموعه الغزيرة ..

أتساءل كثيراً إلى أين سيصل بنا الصمت ،والتخاذل في أرض تقتل الحب ، وتغتالُ فيها الورود ،أرضٌ تعتقل فيها البلابل ،ويسرح فيها الذئاب ،ارضٌ تغرس الكراهية ، لتحصد الموت والخراب، آن الأوان لوقفة جادة ومواجهة هذا العنف والتطرف والموت الذي أصبح سلوكاً يومي لنحكم العقل ، وننعش العواطف ،لنستحضر الضمير ، لنقدس الحياة .. ونعمل بغاية الاستخلاف فالواقع اليوم يؤكد ان اعرافنا الظالمة غدت قبوراً ،وعاداتنا أكفاناً وصمتنا عن كل هذا نهايتنا المؤكدة لنعد كما قال المصطفى ارق قلوباً وألين أفئدة .

زر الذهاب إلى الأعلى