[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

ويسألونك عن سعادة السفير!!

قل إنه أكبر من مجرد سفير يمثل حكومة بلاده في اليمن.. هو سفير فوق كل السفراء.. كل النخب في اليمن (دون استثناء) تطمع في إرضائه، وفي نيل رضاه..

من رئيس الدولة، إلى رئيس الحكومة، ومن الوزير، إلى المسؤول الصغير، ومن زعماء الأحزاب، إلى أبواقها، والمؤثرين من أدواتها، ومن قادة الجيش، إلى قادة الأمن، ومن مشايخ القبائل إلى أصغر مسلحيها.. مثقفون، وصحافيون.. نواب "برلمانيون"، ونخبويون عاطلون.. إسلاميون، وليبراليون.. قوميون، ويساريون، وحدويون، وانفصاليون.. حراكيون، ومتحولون، مخادعون، ومراوغون.. محايدون، ومستقلون.. كلهم يسترضون سعادة السفير، يتسمرون أمام خطاباته، وتصريحاته، ومواقفه.. يجهدون لكي لا يغضب، ويتوعدون بالويل والثبور، وبعظائم الأمور كل من يتسبب في إغضابه..

هو سفير لا يغلق باب في وجهه، ولا يرفض مسؤول طلبه، ولا يعاتبه من يخشى عقابه، ولا يعارضه إلا من حان أجله، ولا يستهين به أو ينتقد أفعاله، أو يكشف مواطن أخطائه، ومواضع تجاوزاته إلا جاهل وفاقد العقل، ومغضوب عليه من بعض جيرانه..

هو السفير الذي يقول للرئيس المنتخب متى عليه أن يغادر السلطة، وإلى متى يبقى رابضاً على كرسي الرياسة، هو السفير الذي يأمر وينهى في كل شأن من شؤون بلادنا، وهو السفير الذي يمكنه وقف حربنا لبعضنا، وهو من يُشعلها بيننا إذا رغب، هو السفير الذي يملي علينا ما يتوجب فعله، وما يجب علينا تجنبه، ننام ملء عيوننا حين ينام سعيداً، ويسرق الأرق نومنا حين ينام غاضباً، أو منزعجاً، هو السفير الذي ندعو الله أن لا ينغص عليه حتى لا ينغص علينا حياتنا، وأن بلهمه العدل فينا حتى لا يمسنا منه ظلم من لا يخشى الله ولا يرحمنا، هو السفير الذي إن قال فعل، وإن فعل "ارتعدت" لأفعاله فرائصنا.

إنه السفير الذي لا يتردد في استدعاء طائرات "التدمير" لتدميرنا في عقر دارنا، وهو الذي إن شاء أدرجنا في قوائم "الإرهاب"، والممنوعين من السفر، وهو من يقرر نفينا من وطننا، وهو السفير الذي يذل بجيشه كل جيوشنا، ويعز بقوته كل ذليل بيننا، وهو الذي إن ضحك استبشرنا، وإن عبس ذُعرنا، وإن تحدث أنصتنا، وإن صمت توجسنا، وإن قدم علينا وقفنا، وإذا غادَرنا ودعناه وانحنينا..

وهو السفير الذي يأمر ولا يعصيه أمير، وهو الرجل الخطير المكير، وسواءٌ كان طويل القامة أو قصير، فهو من يرفع عصا المجتمع الدولي في وجه من عصى، ويؤدب كل من عليه يتمرد، أو يرفض أن يتمدد، أو يحاول عن جهل أن يتشدد، أو من كان هواه وطناً كريماً لا يقبل فيه كل مناع للخير يتعربد.

إنه سفير أجنبي الهوية، غير أنه يتمتع بصلاحيات رئيس وطني مُنتخب، مُصدَّقُ حتى حين يكذب، وكل أكاذيبه علينا أمر مستحب، فلعله يصدُق يوماً أو يرغب، لعله من فرط كذبه يستحي يوماً ولا يتهرب، وربما يستحسن خنوعنا له ويتأدب.. هيهات أيها السفير أن تجد نخبٌ مثلنا تلبيك عند الطلب.

زر الذهاب إلى الأعلى