[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الكوتا النسائية في الحوار والأضرار الخطيرة!‏

إن المطالبة الشرسة والسعي الحثيث من قبل فئات داخل المؤتمر لفرض الكوتا النسائية ‏ضمن الدوائر الحكومية بدءاً من أعلى ‏المناصب لأمرٌ يثير الدهشة والاستغراب، مثله مثلُ ‏الحرص الشديد على فرض الاتفاقيات الدولية خاصة المتعلقة بالمرأة والأسرة، ‏والسعي لأن ‏تكون فوق كلِّ القوانين اليمنية، بحيث تصبح هذه القوانين تابعة لتلك الاتفاقيات وتحت ‏سيادتها، إلى حدِّ المطالبة ‏بتعديل كل ما يخالفها! ‏

بدل أن نحرص كمسلمين – نقر بوحدانية الله ونسلِّم بحكمه وشرعه- على أن نحاكم كلَّ ‏القوانين ‏والاتفاقيات إلى شرع الله الحكيم، المنزَّل من ربِّ العالمين، فما وافقه أو لم يخالفه وفيه ‏مصلحة متحققة للشعب اليمني أخذنا به، وما ‏عارضه وخالفه تركناه ورمينا به عرض ‏الحائط؛لأن مقتضى الإيمان بالله وحده، لأن مقتضى الإيمان بالله وحده والكفرَ بالآلهة الأخرى ‏‏وبالطاغوت يقتضي منا ذلك، وإلا فهو النِّفاق. كما قال الله تع إلى واصفاً أهله: ((وَيَقُولُونَ آمَنَّا ‏بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ ‏مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ؛ وَإِذَا دُعُوا إِلَى ‏اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ؛ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا ‏إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ؛ أَفِي ‏قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ؛ إِنَّمَا ‏كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا ‏دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ ‏الْمُفْلِحُونَ؛ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ ‏الْفَائِزُونَ))، النور: 47- 52.‏

وإن هذه الدعوات التي تركز على إخراج المرأة من بيتها بأعدادٍ هائلة بما يترتب عليه من ‏ترك وظيفتها الأساسية في بناء الجيل ‏وتربية الأبناء، لهي انحرافٌ خطير ستكون له عواقب ‏وخيمة على المجتمع بكامله في شتى المجالات. لأن من شأن الأجيال التي ستنشأ ‏بعيداً عن ‏الحاضنة التربوية، وفي ظل انشغال الأب والأم وراء أسباب العيش كداً وتعباً أن تكون ‏منحرفة، وفاقدة لروح الارتباط ‏الأسري ومن ثم الاجتماعي.‏

إنهم يريدون أن يفرضوا على الشعب اليمني أن يُخرج نساءه وفتياته بنسبة 30% كحصيلة ‏أولية مفروضة قابلة للزيادة على سبيل ‏التطوع، ليَكُنَّ في جميع مؤسسات الدولة؛ مبررين ذلك ‏بما يسمونه تحرير المرأة -وفي حقيقته تحلُّل المرأة- وأداء حقوقها، ومشاركتها في ‏بناء ‏المجتمع، وبحجة معالجة أسباب الفقر والحاجة، وحجة توظيف طاقات نصف المجتمع في ‏الإنتاج. وهذه المبررات شمّاعات برَّاقة ‏خادعةٌ للشعوب، ولا أساس لها من الصحة عند التأمل ‏العلمي والواقعي لها؛ لأن خروج المرأة بهذه النسبة الهائلة في حقيقته تدميرٌ ‏للمجتمع واقتصاده ‏وأخلاقياته بعكس ما يرفعونه من شعارات تماماً؛ ويتبين لك ذلك عند التفكر المتعمق لما يؤول ‏إليه هذا الخروج ‏الكبير للمرأة من بيتها وترك وظيفتها الحيوية والأساسية في بناء الجيل ‏الصاعد وتهيئته للبناء الحقيقي لبلده ووطنه.‏

ولا بأس أن نذكر هنا بعضاً من هذه المخاطر التي تترتب على هذه الدعاوى المريبة فمنها:‏
أولاً: إن هجر المرأة بيتها ووظيفتها الأساسية ودورها الأسري الذي يتمثل في الأمومة ‏ورعاية الأسرة وتربية الأبناء، وخروج كمٍّ ‏هائلٍ من النساء من بيوتهن ليشاركن في الحياة ‏العامة، والزجّ بهن في الشارع المزدحم بشتى المنافسات، يؤثر بالقطع على أدائهن في ‏تربية ‏الأبناء مهما تم بهرجة ذلك والتقليل من شأنه في تدمير الجيل الصاعد.‏
ثانياً: حدوثُ اختلاطٍ ضخم في المجتمع بين الرجال والنساء، وهذا بدوره يؤدي إلى سقوط ‏الكلفة بينهما، وسقوط أجمل ما ‏تتمتع به المرأة اليمنية من خلق "الحياء". بل ويؤدي إلى سقوط ‏صفة "العفة" حتى من الرجال، وهي صفة من صفات المؤمن. روى ‏مسلم في صحيحه عن ‏أبى هريرة عن النَّبى -صلى الله عليه وسلم- قال: (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ ‏مِنَ الإِيمَانِ). ‏وروي أيضاً أنَّ أبا قتادة حَدَّثَ قال: كُنَّا عند عِمرَانَ بن حُصَين في رهط منَّا، ‏وفينا بُشَيرُ بن كَعبٍ فحدَّثنا عِمرَان -يومئذٍ- قال: قَالَ ‏رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم: (الحَيَاءُ ‏خَيرٌ كُلُّهُ)؛ قال: أَو قَالَ (الحَيَاءُ كُلُّهُ خَيرٌ). فَقَالَ بُشَيرُ: إنَّا لَنَجِدُ في بعض الكتب أو ‏الحكمة أَنَّ ‏مِنهُ سَكِينَةً ووَقَارًا للهِ ومِنهُ ضَعفٌ. قال فغَضِبَ عِمرَانُ حتَّى احمَرَّتَا عَينَاهُ، وقال: ألا أُرَانِى ‏أُحَدِّثُكَ عن رسُول الله صلى الله ‏عليه وسلم وتُعَارِضُ فِيهِ. قال: فأَعَادَ عِمرَانُ الحديث، قال: ‏فأَعَادَ بُشَيرٌ؛ فَغَضِبَ عِمرَانُ. قال: فمَا زِلنَا نقول فيه: إِنَّهُ مِنَّا يا أبا نُجَيدٍ، ‏إِنَّهُ لا بأسَ بِهِ).‏

وسقوطُ الحياءِ له عواقب وخيمة في اجتماع الرجل والمرأة؛ لما يترتب عليه من تبذُّل المرأة ‏وجرأتها، وضياع العرض والشرف ‏والأخلاق الفاضلة، وحصول التحرش والاغتصاب، ‏وابتزاز المرأة واللعب على عواطفها بالكلمات المعسولة التي توقعها في دعاوى ‏الحب الفارغ، ‏وكم امرأة ذهبت ضحية لهذه الترهات!‏

ثالثاً: إن الخروج الكبير للنساء يؤدي كما حدث في دول الغرب، وبعض الدول العربية، إلى ‏تفكك الأسرة، وضياعها من خلال ‏عدة أمور منها:‏

حدوث حالة شكٍّ بين الأزواج والإخوان والآباء والأبناء والأقارب عموماً بسبب كثرة ‏الاختلاط، وسقوط الحياء، واتصافها ‏بالجرأة في مخاطبة ومخالطة الرجال والشباب، وبناء ‏علاقات خارج حدود الشرع والأخلاق، وظهور حالات التحرش والاغتصاب ‏والخيانات ‏الزوجية.‏

ومن المعلوم أن من مقاصد الشريعة حفظ العرض والنسل. وقد وضعت كثيراً من القواعد ‏والأحكام للحفاظ على هذين ‏المقصدين، كفرض الحجاب على المرأة، وتحريم خروجها متزينة ‏ومتعطرة للرجال، ومنعها من الضرب برجلها حتى لا يعلم ما تخفي من ‏زينتها، وعدم ‏خضوعها بالصوت عند محادثة الرجال، وتحريم خلوتها مع الرجل الأجنبي، وتحريم سفرها ‏بدون محرم لأنه مظنة الاعتداء ‏عليها والوقوع في المحذورات. كما أمرت الشريعة كلاً من ‏المرأة والرجل بغضِّ أبصارهما، واعتبرت ذلك تزكية وطهراً لكليهما. إلى غير ‏ذلكم من ‏الأحكام العظيمة التي تحفظ للمجتمع عفته وكرامته وعرضه وشرفه؛ ليكون مجتمعاً عفيفاً ‏نظيفاً، لا توجد فيه الشكوك ‏والريبة بين الأزواج والإخوان والآباء والأبناء؛ وليكون مجتمعاً ‏متماسكا.‏

لقد كان من آثار ضياع الحياء والعفة على إثر دعاوى تحرير المرأة التي جربتها البشرية -في ‏الدول التي لا أخلاق لها ولا قيم- ‏ضياع الأسرة وتفكك المجتمع. وهناك إحصائيات خطيرة ‏أصدرتها منظمات علمية في بلدانهم تحكي واقعهم السيء، وحصاده المرَّ ‏على المرأة والأسرة ‏والأجيال عموماً. وهي دليل قاطع على فشل التجربة الغربية في صلاحيتها لتكون نموذجًا ‏يُحتذى به في تحرير المرأة ‏ورعاية حقوقها!‏

وإليكم الأرقام من مصادرها الأصلية والموثَّقة عن أمريكا كنموذج، وهي أرقام ناطقة وحقائق ‏لا تقبل الجدل تدل على الفشل ‏الذريع:‏

ففي مجال الأسرة: في الولايات المتحدة الأمريكية 10 ملايين أسرة تعيلها الأم فقط من غير ‏وجود الأب! (المصدر: دائرة ‏الإحصاءات الأمريكية)‏ .‏

وفي شأن الإجهاض:‏
في الولايات المتحدة الأمريكية: يقتل بالإجهاض أكثر من مليون طفل سنويا! (المصدر: ‏المراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على ‏الأمراض)‏ ‏. وقد بلغ عدد الأجنة التي أجهضت منذ ‏سنة 1973م إلى سنة 2002م في أمريكا وحدها 42 مليون جنين!‏

الأمراض الجنسية:‏
تعاني المرأة الغربية من ألم الخيانات في العلاقات الجنسية، بل وتعاني في هذه العلاقات من ‏الأمراض الجنسية، ففي الولايات ‏المتحدة الأمريكية 65 مليون شخص يعاني من أمراض ‏جنسية لا يمكن شفاؤها. (المصدر: ‏CNN‏ والمراكز الأمريكية الحكومية ‏للسيطرة على ‏الأمراض)‏ ‏.‏ ‏

العنف ضد المرأة:‏
‏- ما بين 40 إلى 50 في المائة ممن يقتل من النساء في أمريكا يكون القاتل هو شريكها ‏الحميم أي زوج أو صديق! (‏partner ‎intimate‏) (المصدر: وزارة العدل الأمريكية)‏ ‏.‏
‏- 1320 امرأة تقتل سنويا؛ أي حوالي أربع نساء يقتلن يوميَّاً بواسطة أزواجهن أو أصدقائهن ‏في أمريكا. (المصدر: تقرير لوزارة ‏العدل الأمريكية)‏ ‏.‏
‏- سنويا ما بين 3 إلى 4 ملايين امرأة في أمريكا يتعرضن لاعتداء جسدي من زوج أو ‏صديق. (المصدر: الموقع الرسمي الحكومي ‏لولاية نيوجرسي الأمريكية)‏ ‏.‏
‏- 22.1% من النساء في أمريكا تعرضن لاعتداء جسدي من زوج أو صديق، حالي أو ‏سابق! (المصدر: وزارة العدل ‏الأمريكية)‏ ‏.‏

الاغتصاب:‏
‏- في أمريكا يتم اغتصاب 683 ألف امرأة سنويَّاً أي بمعدل 78 امرأة في الساعة مع العلم أن ‏‏16% فقط من حالات ‏الاغتصاب يتم التبليغ عنها!! (المصدر: وزارة العدل الأمريكية)‏ ‏.‏

العمل المختلط والتعرض للإذلال والتحرش والابتزاز:‏
‏- أكد تقرير لوزارة العمل الأمريكية أن: معظم النساء في الغرب يعملن في الوظائف ذات ‏الأجور المنخفضة والمكانة المتدنية. ‏وحتى مع الضغوط التي تبذلها الحكومة في تحسين ‏وظائف النساء فإن 95% إلى 97% من المناصب القيادية العليا في أكبر ‏الشركات يشغلها ‏رجال. (المصدر: وزارة العمل الأمريكية، تقرير السقف الزجاجي ‏Glass Ceiling‏)‏ ‏.‏

‏- أكدت دراسة قامت بها وزارة الدفاع الأمريكية أن: 78% من النساء في القوّات المسلّحة ‏تعرضن للتحرش الجنسي من قبل ‏الموظّفين العسكريّين! (المصدر: الوزارة الأمريكية ‏‏Veterans Affairs‏).‏
‏- تتعرض 70% من الممرضات للتحرش الجنسي من زملاء العمل ومن المرضى! ‏‏(المصدر: المعاهد الوطنية للصحة التابعة لوزارة ‏الصحة الأمريكية)‏‎ Sexual harassment ‎of female registered nurses in hospital‏)‏ ‏.‏
‏- 4.5 مليون يتحرش بهم جنسيَّاً في المدارس بأمريكا! (وزارة التعليم الأمريكية)‏ ‏.‏
‏- انتشرت في أوربا وأمريكا مطاعم تقدم الطعام على أجساد النساء العاريات ‏.‏
‏- نساء عاريات يغسلن السيارات في أستراليا وبريطانيا. (المصدر: رويترز ، وبي بي سي ‏).‏
‏- وأصبح استغلال أجساد النساء في شتى صور الإباحية صناعة عظيمة في الغرب؛ حيث ‏تجلب 12 مليار دولار سنويا في ‏أمريكا وحدها! (المصدر: رويترز ‏).‏
‏- حوالي خمسين ألف امرأة وطفلة يتم تهريبهن إلى الولايات المتحدة سنوياً لاسترقاقهن ‏وإجبارهن على ممارسة البغاء! (المصدر: ‏نيويورك تايمز)‏ ‏.‏

تسيب العلاقات الجنسية:‏
‏- في تقرير للمراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض: متوسط عدد النساء اللاتي ‏يقيم معها الرجل الأمريكي علاقات ‏جنسية هو 7 نساء، بل إن 29% من الرجال قد أقاموا ‏علاقات جنسية مع أكثر من 15 امرأة في حياتهم ‏.‏

‏- ونشر في "بي بي سي" دراسة أجريت على 14 دولة أظهرت أن: 42% من البريطانيين ‏اعترفوا بإقامة علاقة مع أكثر من ‏شخص في نفس الوقت؛ بينما نصف الأمريكيين يقيمون ‏علاقات غير شرعية (مع غير أزواجهم). وكانت النسبة في إيطاليا 38%، ‏وفي فرنسا 36%. ‏‏(المصدر: بي بي سي ‏).‏

العقوق والهجر:‏
‏- حوالي نصف عدد النساء الأمريكيات ممن تجاوزن 75 سنة يعشن وحدهن! (المصدر: ‏دائرة الإحصاءات الأمريكية)‏ ‏.‏

رابعاً: إن خروج المرأة إلى ميادين الرجل لمنافسته فيه يقوّض الحياة التنموية والاقتصادية، ‏ويؤدي إلى حرمان الرجل كثيراً من فرصه ‏الوظيفية، وأدواره التنموية؛ مع قصور المرأة في ‏المقابل عن أداء دوره، والقيام بمهمته. ومعظم معاناة كثير من دول العالم لمشكلة البطالة ‏سببه ‏مزاحمة النساء للرجال في وظائفهم، مع ترك البيوت شاغرة عمن يشغل وظيفة الأمومة ‏والرعاية الأسرية.‏

وإنني لأدهش هل حلت مشكلة البطالة التي يعاني منها شباب اليمن الذكور، وبقيت هناك ‏شواغر لم يستطيعوا سدها، فنحتاج ‏حينها إلى تشغيل النساء؟!‏
أو ليس الإسلام كفى المرأة مؤنة النفقة على نفسها وعلى أولادها، وجعلها حتماً واجباً على ‏الرجل، سواء كان زوجاً أو أباً أو ‏ابناً؟! وإذا كانت هناك حاجة لدى المرأة في العمل لفقر أو ‏لعدم وجود من يعولها، وعدم قيام الدولة بواجب رعايتها وكفايتها، فلها ‏أن تخرج للعمل ‏بضوابطه الشرعية، والضرورة تقدر بقدرها، لا أن يدعى لمثل هذه الدعوة الخبيثة لإخراج ‏نساء اليمن من بيوتهن بهذه ‏الأعداد الكبيرة؛ ليتم تفريغ البيوت ممن يقوم على رعايتها ورعاية ‏من فيها من الأطفال والجيل الصاعد.‏

علما بأن توظيف المرأة تحت ذريعة الفقر لم تحل أي مشكلة؛ فلا تزال المرأة تعطى أجورا ‏أقل معدلا من الرجال في معظم بلدان ‏العالم، مع تدني الأجور في العموم، وبهذا يتم كسر قدرة ‏المجتمع على العيش الكريم وبقائه –رجالا ونساء- باحثا بكد عن لقمة ‏العيش دون جدوى!!‏
وعوضا أن يعطى الرجال أجورا كافية لإدارة أسرهم، وإلزامهم بما يجب عليهم شرعا ‏وعرفا من النفقات، إذ بالدول تدخل الجميع ‏في نفق الامتهان والعمالة الرخيصة! ليمكن بعد ‏ذلك التلاعب بأعراض المجتمع في مساومة مالية خطيرة!‏

خامساً: إن العلاقة التنافسية وفق نظرية المساواة بين الرجل والمرأة، والتي يدعو إلى فرضها ‏أعدادٌ ليست بالقليلة في مؤتمر الحوار ‏الوطني، خاصَّةً من نساء "ال30%" اللاتي حُشِرنَ في ‏المؤتمر، تُشيع روح العداء والتسخط بين الجنسين، كما تُحيل العلاقة بين ‏الجنسين من علاقة ‏مودة ورحمة إلى علاقة تحدٍ واستعلاء.‏

وهذا واضحٌ في صرخات التحدِّي والمطالبات والشكوى التي ترتفع من قبل المنظمات ‏النسائية وجمع من المشاركات في المؤتمر ‏المشحونة بالكره والحقد على سلطة الرجل السائدة ‏في المجتمع، وهي تشحن المرأة بمشاعر القهر والظلم وروح التحدي والعداء!‏

وقد جرب الغرب وبعض الدول العربية هذا السلوك المشين في إخراج المرأة عن فطرتها ‏ودورها الطبيعي، فتوالت الاعترافات الغربية ‏بفساد نظامهم وحريتهم المزعومة، بل ‏والتصريح بأنها أنظمة رجعية، وأنها لم توفر للمرأة ما ترنو إليه من سعادة:‏
ففي كتاب صدر في الولايات المتحدة الأمريكية بعنوان "ما لم تخبرنا به أمهاتنا"، من تأليف ‏‏"دانيالي كوتيدن"، تقول: "إن ‏السعادة والتخلص من القلق والحيرة ممكن للمرأة المعاصرة ‏بشرط أن تتخلى عن المقولات الرجعية التي تنادي بها الحركات النسوية ‏الداعية إلى إشراك ‏المرأة في كلّ مجال، أو بتلك المجالات التي تحث على الحرية الجنسية التي قتلت المرأة ‏وحوَّلتها إلى كائن لا قيمة له في ‏المجتمع".‏
وتقول إحدى الفتيات التي ذاقت مرارة الحرية المزعومة واسمها "مارلين مونرو" قبل ‏انتحارها، وهي أشهر ممثلة إغراء في رسالتها التي ‏أودعتها صندوق الأمانات في أحد البنوك، ‏ناصحة للفتيات: "احذري المجد.. احذري كل من يخدعك بالأضواء. إني أتعس امرأة على ‏هذه ‏الأرض. لم أستطع ان أكون أماً. إني امرأة أصبحت أفضّل البيت والحياة العائلية الشريفة على ‏كلّ شيء. إن سعادة المرأة الحقيقية ‏في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة، بل إن هذه الحياة ‏العائلية لهي رمزُ سعادةِ المرأة بل الإنسانية، لقد ظلمني الناس وإن العمل في ‏السينما يجعل ‏المرأة سلعة رخيصة".‏

وتقول الكاتبة الكويتية غنيمة الفهد، رئيسة تحرير مجلة "أسرتي"، والناشطة السابقة في ‏مجال النسوية، في مقال بعنوان "وحي ‏الكلمات"، نشر في مجلة "المجلة" تقول فيه: "كبرنا ‏وكبرت آمالنا وتطلعاتنا. نلنا كل شيء. نهلنا من العلم والمعرفة ما يفوق الوصف. ‏أصبحنا ‏كالرجل تماماً: نسوق السيارة، نسافر للخارج لوحدنا، نلبس البنطلون، أصبح لنا رصيد في ‏البنك، ووصلنا إلى المناصب ‏القيادية، واختلطنا بالرجال، ورأينا الرجل الذي أخافنا في ‏طفولتنا.. ثم الرجل كما هو.. والمرأة غدت رجلاً: تشرف على منزلها، وتربي ‏أطفالها، وتأمر ‏خدمها! وبعد أن نلنا كل شيء، وأثلجت صدورنا انتصاراتنا النسائية على الرجال في الكويت.. ‏أقول لكم، وبصراحتي ‏المعهودة: ما أجملَ الأنوثة! وما أجمل المرأة! المرأة التي تحتمي ‏بالرجل، ويشعرها الرجل بقوته، ويحرمها من السفر لوحدها، ويطلب ‏منها أن تجلس في ‏بيتها.. ما أجمل ذلك! تربي أطفالها وتشرف على مملكتها وهو السيد القوي. نعم.. أقولها بعد ‏تجربة: أريد أن أرجع ‏إلى أنوثتي التي فقدتها أثناء اندفاعي في مجال الحياة و العمل". ا. ه. ‏

فهل الداعون إلى خروج المرأة من أعضاء المؤتمر وغيره يسعون إلى أن يحدث في اليمن ‏هذا الفساد العريض الذي ذكرنا إحصائياته ‏في أمريكا؟! وهل بعد أن عرفنا ما يؤول إليه هذا ‏الخروج والمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، يُعدُّ من يدعو إليه ساعياً لمصلحة الوطن ‏وبنائه ‏بناء مستقراً؟!‏

لقد قامت ثورة الشعب اليمني من أجل الإطاحة بالظلم والفساد، ولم تقم من أجل الإطاحة ‏بالأسرة اليمنية وتفكيكها، وإفساد ‏المرأة، وتضييع الجيل بإشغال من يرعاه بغير وظيفته، ولم ‏تقم هذه الثورة لزيادة أعداد البطالة من الشباب الذكور الذين يجب عليهم ‏رعاية أسرهم وأبنائهم ‏وآبائهم وأقربائهم الفقراء، في حين أن المرأة معززة مكرمة.‏

لقد جثم الحكام على صدور الأمة ستين سنة بعد الاستقلال الظاهري، ونهبوا بلدانها ودمروا ‏اقتصادها، ولم يسعوا لبناء أو تقدم ‏أو تطور في أي شأن من شئونها، فنهض الشعب وانتفض ‏لإزاحة هذا الظلم والفساد والتخلف، فهل يريد من يسعى لفرض هذه ‏الكوتا أن يفسد أعراض ‏الشعب اليمني ستين سنة أخرى؛ لتقوم بعدها انتفاضة وثورة أخرى، لإصلاح ما فسد من ‏الأعراض، وهل ‏إذا فسد العرض يمكن أن يصلح؟! إن المال إذا ذهب يمكن الاحتيال لإرجاعه ‏وإنتاجه، أما العرض إذا ذهب فلا عودة له!‏

إني أوجه ندائي لشباب الثورة أولاً: حافظوا على أهداف ثورتكم في إقامة مجتمع يمني ‏متماسك نظيف، يعطى فيه كلُّ ذي حقٍّ ‏حقه، ويؤدي فيه كلُّ صاحب تخصص وظيفته التي ‏أُعدَّ لها إما فطرةً أو اكتساباً، وتتم فيه المحافظة على تعليمٍ وتربيةٍ كريمة وافية للجيل ‏الصاعد ‏في ظلال أسرة متماسكة تقوم على الدين والأخلاق الفاضلة.‏

ويا أيها الشعب اليمني دافع عن عرضك من الآن، ولا يغررك هذه الشعارات التي ترفع من ‏إعطاء حقوق المرأة وتحسين وضعها ‏الاقتصادي؛ إن هذا هو الطعم الذي يطرح من أجل ‏إخراج نسائكم وبناتكم وأخواتكم وأمهاتكم إلى محرقة الشرف والعرض، ‏بشعاراتٍ يُخلط فيها ‏السمُّ بالعسل، واستنكروا دعوات تحرير المرأة فهي طريقٌ لإفساد العرض والشرف والأسرة ‏والجيل.‏
إنه إذا تمَّ إمرارُ الكوتا النسائية، بأي نسبة كانت، فسيأتي بعدها خطوة من خطوات الشيطان!‏

لأن الحديث عن هذه النسبة يأتي في إطار منظومة ثقافية وقانونية يستند إليها المطالبون بهذه ‏الكوتا، ليتحقق في إثرها الدعوة إلى ‏حرية المرأة في جسدها، وحريتها في إقامة علاقات ‏الصداقة والعشق! وممارسة السلوكيات التي تحب معه في ضوء الحريات والحقوق ‏المدنية ‏والشخصية!!‏
إنه يجب علينا كيمنيين، نعتز بأسلامنا وعروبتنا وقيمنا الأخلاقية، رفض الكوتا وما يتبعها ‏من منظومة ثقافية وقانونية وفكرية ‏مخالفة للإسلام ومضادة للأخلاق، ورفضِ جميع المواد ‏التي تدعو إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في كل شيء، وأن ننادي بمبدأ ‏العدل الذي ‏يقوم على أساس التوازن بين الحقوق والواجبات، ويسير وفقاً للفطرة وما يناسب طبيعة كلٍّ من ‏الرجل والمرأة من الأعمال ‏والوظائف على أساس التكامل بينهما لا التنافس والعداوة، والذي ‏يُحيط المرأة بسياج من الحماية والرحمة والعطف لما في خلقتها من ‏الضعف والليونة ‏والحساسية، ويقوم على أساس حفظ مصالح الفرد والمجتمع معاً بدون أن يطغى أحدهما على ‏الآخر، فلا يعطى الفرد ‏الحرية المطلقة بما يؤدي إلى الإضرار بالمجتمع، ولا تسلب حقوق ‏الفرد لحساب حماية المجتمع، بل يسيران في خط متوازن مبني على ‏قاعدة (لا ضرر ولا ‏ضرار).‏

وقد تضمنت الشريعة الإسلامية تفاصيل أحكام تحقق العدل الشامل للرجل والمرأة والمجتمع ‏ككل، وتنظِّم من خلالها العلاقات، ‏وتُحقق الحماية في جميع جوانب الحياة المادية والمعنوية ‏في منظومة متكاملة توفر الأمن الاجتماعي، والاستقرار الأسري، والعناية الفائقة ‏بالجيل ‏الصاعد عاطفياً ونفسياً وتعليمياً وتربوياً.‏

ولو وضع الداعون للشعارات النسوية الفارغة من المضمون نصب أعينهم قضايا المرأة ‏الحقيقية، في التعليم والصحة والرعاية ‏والخدمات والمرافق لكان أولى بهم، وخيراً لهم ‏وللمجتمع، وهذا ما يؤدي إلى بناء الوطن بناءً راسخاً وقوياً بسواعد أبنائه الراسخين في ‏العلم ‏والأقوياء تربوياً ونفسياً.‏

وإن على كل الغيورين والمصلحين القيام بواجبهم في توعية الناس بخطورة ما يراد لهم، ‏والقيام بواجبهم في الاتصال بأعضاء مؤتمر ‏الحوار لعدم إقرار هذه المواد السيئة، وإني لأعلم ‏بحكم معايشتي لبعضهم أن منهم من فيه خير ونصح إذا تم تنبيهه، ومنهم من قد ‏يقع تحت ‏الضغط من قبل الحزب أو التيار، فإذا وجدوا ضغطاً شعبياً سيرجعون إلى قناعتهم الأصلية! ‏إذن فواجب الجميع محاولة ‏الإصلاح، وردّ الأمور إلى تحقيق المصالح الأصلية للشعب ‏اليمني، والذي يجب أن تخرج قرارات الحوار متطابقة معها. والله الموفق ‏والهادي إلى سواء ‏السبيل.‏

زر الذهاب إلى الأعلى