[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الوحدة اليمنية بين الشعب والرؤساء

لا شك أن التاريخ يشهد أن اليمن بلد واحد وقبائل واحدة وعروق واحدة وتاريخهم واحد، وهؤلاء تاريخهم ناصع من اندونيسيا إلى شرق آسيا والهند وشرق افريقيا. واليوم هناك من يريد أن يقزم ويمزق ويمحو التاريخ لهذه الأمة التي يتحدث التاريخ الإسلامي عنهم في الفتوحات حتى وصلوا الأندلس، ومنهم أويس القرني وأبو مسلم الخولاني وغيرهم وهم من أثنى عليهم الرسول والصحابة. وهناك من يريد أن يمسخ هويتهم ودورهم الحضاري ويبث الحقد القبلي والعرقي بينهم ليصبحوا كيانين مشرذمين في وقت يتحد العالم ويصبح كيانات عملاقة.

الوحدة قوة وإن مورس خطأ من القادة، الشعب اليمني موحد ولكن الوحدة التي سعى لها الحكام في البلدين كانت لها أهداف غير صادقة، وتبدأ قصة مفاوضات الوحدة في فترة صراع النفوذ الروسي – الأمريكي في المنطقة. لقد كان طرح وخطط الجبهة القومية إسقاط نظام الإرياني في الشمال وضم هذا الشطر بالقوة وفرض الشيوعية والتمدد إلى كافة المنطقة، وقد استخدم هؤلاء وسائل الدم والقتل وتصدير الإرهاب بإرسال الجماعات المسلحة وقتل وتسميم الآبار والاغتيالات، فقد حاولوا قتل المجلس الجمهوري أثناء الاحتفال وقتلوا محمد علي عثمان عضو المجلس وغيره وكذلك القاضي عبدالله الحجري ونشروا الرعب في المناطق الوسطى وأرادوا وحدة على منهجهم وعقيدتهم، وكان الصراع الأمريكي – الروسي يستعمل الوحدة شماعة لتحقيق الأهداف، ولكن كانت هناك مفاوضات للوحدة كانت كلها جلسات بروتوكولية في طرابلس وفي بلاد أخرى، ولكن بدأت قصة العمل خلال حادثة مهمة وفي فترة سالم ربيع عندما احتجز أمريكي بعدن ولم تكن هناك علاقات بين الدولتين وإنما بعثة الأمم المتحدة..

وعندما قام عضو الكونجرس بول فندلي يطلب من حكومته الذهاب لعدن ووافقت الحكومة الأمريكية، وعندها تمت مخاطبة بعثة اليمن الديمقراطية بنيويورك وسافر فندلي وقابل وزير الخارجية ثم الرئيس سالم ربيع وكانت فرحة كبيرة لدى سالم ربيع ووزير الخارجية لهذا الاتصال ووافقوا على إطلاق سراح الأمريكي، وبدأت العلاقات بين الرئيس وفندلي الذي اكتشف أن سالم ربيع يمكن أن يكون حليفا ويرجى التغيير على يديه، ومن هنا بدأت بخطة إخراج الاتحاد السوفييتي وكان سالم ربيع محسوبا على تيار ماو تسي تونج الصيني وبدأت علاقته بعبد الفتاح بالفتور، وهنا بدأ الاتصال بصنعاء بصفتها حليفة الولايات المتحدة بواسطة رجلها الأول أحمد عبده سعيد وزير التخطيط والتنمية آنذاك الذي بدأ مع الحمدي فكرة العمل للوحدة، وكان ذلك بالتنسيق مع السافاك وشاه إيران حليف الحمدي وأحمد عبده سعيد، وبدأت الاتصالات ولكن الحمدي اغتيل نتيجة صراع على السلطة ومؤامرات كان يحيكها على بعض شركائه في الحكم تغدوا به قبل أن يتعشى بهم..

ولكن لم يتوقف البرنامج في ذلك الوقت وتمت مواصلة الاتصالات مع الغشمي ولكن عندما اكتشف أتباع الاتحاد السوفييتي من جماعة عبدالفتاح هذه العلاقة التي تستهدفهم هنا قرر الكي جي بي توجيه ضربة بالخلاص من الغشمي عن طريق الشنطة التي حملها مبعوث سالم ربيع وتم خلالها تفجير الغشمي ثم انقلاب تصفية سالم ربيع علي، واستمرت الأمور في فترة علي عبدالله صالح وتوترت العلاقة، وفجأة بدأت الاتصالات باجتماعات في الكويت وهكذا بدأت المرحلة الثانية، وثم بعدها علي ناصر وتحسنت العلاقات، ولكن لم تكن تصل إلى نقطة أو خطوة وبعدها حصلت أحداث 13 يناير وتولى البيض والعطاس وتمت تصفية علي ناصر وعبدالفتاح وصالح مصلح.. إلخ. وبدأت الاتصالات مرة أخرى برعاية غربية.

وأذكر أن هناك ندوة حضرتها أقامتها شركة كنيديان أوكسيندتال وكان رئيس الجلسة جوزيف كوستاينر، رئيس مركز موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط، وكان الحديث عن التغيير في الجنوب، وكان حديثه بهذا النص: إن الجنوب ممكن احتواؤه بصناعة واحد "أنور سادات يمني جنوبي" يطرد السوفييت مثل السادات بمصر.

إذن نجد أن الموضوع كان صناعة أشخاص بهذا الخصوص ولكن الأمور سارت بطريقة أخرى عندما سقط النظام السوفييتي نفسه وحلفاؤه في أوروبا الشرقية الذي جعل الولايات المتحدة تتخذ قرار بعدم التعامل مع أي نظام كان حليفا ويسير في ركب السوفييت وهو ما جعل علي سالم البيض ومن معه يبحثون عن مخرج، وكانت الوحدة واتفاقياتها، وكان الهدف هو أنهم حزب عقائدي وسوف يحيون نظام علي عبدالله صالح ويستولون على الوضع ويضعون الوحدة وفق منهج حزبهم، ولكن الذي حصل أن شخصية البيض كرجل انزوائي وعصبي وحاد الطبع وليست له خبرة في التعامل مع الناس فكانت سياسته هي هدية لخصومه، وبعدها صار الخلاف وتحالف البيض مع خصومه التاريخيين وأعلن الانفصال من جانب واحد ولم يجد أي تعاطف شعبي وانتهى الانفصال في وقت قصير، ولكن كانت هناك ممارسات خاطئة وهنا بدأ الحزب الاشتراكي ينقسم ويغير من أفكاره الشيوعية الأممية إلى يمين وحزب عرقي مناطقي وخاصة أنه لم يعد يحظى بدعم إقليمي أو دولي إلا الجانب الإيراني الذي يهدف لتحقيق حرب أهلية والوصول إلى منافذ البحر الأحمر وبحر العرب واستخدام المناطق الجنوبية وشمال صعدة كأرض لتصدير الإرهاب وغيره. وللأسف إن استثارة الغوغاء وحاجة الناس وظروفهم ومعاناتهم جعلت هؤلاء يصورون أن المن والسلوى والخير قادم، وهذا لا أساس له من الصحة، وتجربة السنوات في ظل الحكم الاشتراكي دليل على ذلك، كما أن هناك حسابات وتارات ما زالت لم تصفّ بعد.

والحل هو تصحيح الأخطاء والوفاق والحوار في ظل الأخوة والمحبة والنهوض بالبلاد وإيجاد حلول للمشاكل الداخلية وتنمية الموارد والإصلاح الاقتصادي بعد إصلاح الأوضاع الأمنية والاستقرار.

زر الذهاب إلى الأعلى