[esi views ttl="1"]

رغاء السامريين لديناصورات الخراب

الرئيس علي ناصر، وكثير ممن هم على شاكلته، ممن هربوا من ساحة المواجهة، التي جمعت بينهم وبين خصومهم ذات يوم، يعلن أنه عازف عن العودة إلى اليمن، وراغب عن منصب رئيس الجمهورية فيما لو استدعي إليه مستقبلا، أما خصمه اللدود، علي البيض، الذي هرب على إثره بعد أقل من عقد، فما يزال اللعاب يخط على ذقنه وصدره كطفل معلول كلما ساورته أحلام العودة إلى كرسي السلطة الذي دلقه من فوقه يوم أن دشن بداية التمزق الذي نجتر مرارته إلى اليوم، أما ثالثهم، حيدر العطاس، ذلك الذي دائما ما يشم بارود المواجهة بحاسة مرهفة على بعد أشهر، فيهرب قبل ساعة الصفر، وقد هرب مثلهم، فمراوغ لعوب، وها هو اليوم يقف في منتصف الطريق ينظر في كل الجهات، ويحاول اصطناع التمنع والتردد الذي يسبق الإيجاب والرضا عند الصبايا لحظة الخِطبة والعقد.

هؤلاء الديناصورات وأشباههم، سواء كانوا من الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب، في الداخل أو الخارج، فوق الثرى أو تحته، لم تقم الثورة الشبابية الشعبية، ولم تبذل الأرواح والمهج الطاهرة على دروب التضحية والنضال، بالآلاف المؤلفة، كي يعودوا لحكم البلاد من نوافير المنافي، بروائحهم المنتنة، وماضيهم المثخن بالجراح والخراب والثارات والأحقاد، بل الخير لهم أن يلجأوا إلى مسجد من مساجد الله في تلك الملاجئ التي هربوا إليها، ويعلنوا توبتهم النصوح من أوزارهم، وأن يعتزلوا دروب السياسة التي ملؤها بالجماجم والدماء البريئة، وقد جنوا بها ومنها الثروات الطائلة، وخلفوا وراءهم أشلاء من تركوهم يقتتلون لأجلهم وبسببهم.

رسالةأخرى، أبعثها إلى أولئك المتزلفين الأفاقين المفضوحين، ممن لم يشبعوا من أموال الأمة، الذين لم ينلهم من هذه الثورة حظ أو مكسب، لسبب أو لآخر يعرفونه، فانبروا في التشمير عن سواعد الخراب والتمزيق والفرقة، داعين أولئك للعودة وتسنم المناصب العليا، وهم بذلك إنما يكررون صناعة عجل السامري، في استدعاء مبيّت لجولة أخرى من جولات الموت بين الوجوه المتناقضة والديناصورات التي تقيأ أشكالها وأجسادها الشعب اليمني.. تلك الجولة-دون شك- لن يدفع ثمنها سوى المواطن اليمني البسيط الذي يؤثر الموت على تراب بلاده عن الهرب والنجاة كما يفعل أولئك الديناصورات الرعاديد.. هذه الرسالة أقول لهم فيها،ومعي الكثير ممن ينتظرون إطلالة الشباب الواعد، المعطاء، النقي، النزيه، من على مراكز السلطة: لقد أصبحتم -يا هؤلاء- مفضوحين، ونعلم نواياكم الخبيثة في استدعاء أولئك الذين أهلكتم معهم، الحرث والنسل، ودمرتم كل جميل في هذه البلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى