[esi views ttl="1"]

«اتهامات المالكي».. كاد المريب أن يقول خذوني!

لم ينتظر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ولا للحظة واحدة بعد قرار للمملكة العربية السعودية، بعد طول انتظار وصبر كصبر أيوب، باعتبار عدد من الأحزاب والجماعات والمجموعات، حركة الحوثيين و«داعش» و«النصرة» وحزب الله، وبالطبع «الإخوان المسلمون»، أنها أساس البلاء، وأنها جماعات إرهابية مطلوبة بحكم القوانين الشرعية والوضعية السارية، فهو، أي المالكي، سارع، وكأنه لديغ أفعى أو عقرب، إلى هجوم معاكس استغل فيه إحدى الفضائيات الأوروبية وكال خلالها، وإنْ بارتباك وبكلام ألقاه على عواهنه، تهما عشوائية ومن دون إثبات واحد لدولة المعروف عنها أنها كانت أول ضحايا الإرهاب، وأنها أول من قاوم هذه الآفة، وأنها عندما بادرت إلى هذه القرارات الأخيرة فإنها في حقيقة الأمر قد بنت على ما كان قائما، وأنها قد استكملت ما كانت بدأته قبل عشرات الأعوام. كان على المالكي، ولو أنه متأكد من الاتهامات التي أطلقها جزافا ومن قبيل «يكاد المريب أن يقول خذوني»، وعلى أساس حكمة لم يعرف كيف يستخدمها تقول «إن الهجوم خير وسائل الدفاع»، أن يتريث وأنْ يدقق في الأسماء؛ أسماء التنظيمات والمنظمات، التي شملها هذا القرار السعودي الذي سبقته مراجعات كثيرة وجدية ليدرك أن ما قاله يثبت أنه متورط في الإرهاب حتى شوشة رأسه إنْ في العراق وإنْ في سوريا وإنْ في دول عربية شقيقة أخرى، من بينها مملكة البحرين التي جاء اصطفافه ضدها مبكرا بأوامر من فيلق القدس وقاسم سليماني، وبينها أيضا اليمن الذي استوعب الإيرانيون حوثييه ووجهوهم لخدمة مؤامرة تطويق السعودية من الجنوب، والذين استوعبوا أيضا «التقدميين»!! الذين تخلوا عن ماركسيتهم التي طالما تغنوا بها وأعلنوا التزامهم بها عندما كان هناك الاتحاد السوفياتي الذي كانوا يصفونه بأنه عظيم وأنه قادم ليملأ الأرض عدلا واشتراكية بعد أنْ امتلأت جورا للفلاحين والطبقة العاملة.

والغريب أن المالكي، الذي أصبح يتصرف في العراق على أساس أنه ظل الله على الأرض ما دام أنه مبارك من الولي الفقيه، قد نسي في غمرة حديث إنشائي مهزوز وغير مترابط أنه قبل أنْ يتهم السعودية وقطر ب«الإرهاب» كان قد ألصق هذه التهمة بحليفه ومثله الأعلى في الاصطفاف الطائفي بشار الأسد، وكان قد تقدم بشكوى بهذا الخصوص إلى مجلس الأمن الدولي متهما النظام السوري، هذا ما غيره، بأنه يصدر الإرهابيين إلى بلاد الرافدين وأنه يخوض معركته مع الأميركيين على الأراضي العراقية.

لقد كان على المحاور باسم الفضائية الأوروبية أنْ يسأل المالكي عمن أرسل كل هذه المجموعات المذهبية، التي تجاوز عددها اثنتي عشرة مجموعة وجماعة وعصابة من بينها «عصائب الحق» و«أبو الفضل العباس» و«ذو الفقار»، إلى سوريا لتقوم بكل هذه الجرائم التي قامت بها ضد الشعب السوري، وكان عليه، أن يسأل رئيس الوزراء العراقي عن «داعش» وأين تشكلت وعن «القاعدة» التي لم يعد خافيا، إلا على أصحاب أنصاف العقول أو المزورين، أن قاعدتها الرئيسية بعد إخراجها من أفغانستان قد أصبحت في إيران.. وهناك شواهد وأدلة كثيرة لا حصر لها من بينها إقامة عائلة أسامة بن لادن الطويلة على الأراضي الإيرانية برعاية الولي الفقيه. كل العالم يعرف معرفة أكيدة، وفي مقدمة ذلك الأميركيون، أن كل الأسلحة الفتاكة التي ترسل وبالطائرات من إيران إلى سوريا لذبح الشعب السوري ترسل بعلم نوري المالكي وبتخطيطه باعتباره ليس رئيس الوزراء العراقي وإنما العضو القيادي في حزب «الدعوة»، الذي تأسس حتى قبل انتصار الثورة الخمينية كنواة لفتنة طائفية ومذهبية في العراق، وأيضا فإن كل العراقيين يعرفون أن «الأخ جواد» يرفع راية الجهاد ضد «داعش» في الرمادي وهو يذبح العرب السنة من دون رحمة ولا هوادة، وأن إرهابيي هذا التنظيم لا يأتون من الغرب إلى الشرق، وإنما من الشرق إلى الغرب، فقاعدتهم الأساسية هناك قد جرى إنشاؤها في فترة سابقة في إيران عندما كان «الزرقاوي» أكبر المحظيين في الحوزات العسكرية والاستخبارات الإيرانية. إن المالكي نفسه لا يمكن أن يصدق نفسه وهو يتهم هاتين الدولتين العربيتين برعاية ومساندة التنظيمات الإرهابية في العراق، فهو يعرف أن هذه التنظيمات هي تنظيماته لأنها تنظيمات إيرانية ولأنها متخصصة في قتل المناوئين لإيران ولبشار الأسد ونظامه والمناوئين لـ«السيد» حسن نصر الله ولأن الحوثيين بالتنسيق مع الولي الفقيه وقاسم سليماني يحاولون تطويق السعودية من الجنوب ويسعون لتحويل اليمن إلى قاعدة إيرانية كما هو وضع العراق الآن ووضع سوريا وأيضا وضع السودان ولبنان للأسف.

وبالتالي فإن كل هذه التهم وكل هذه الافتراءات و«الأكاذيب» أيضا تؤكد على أن «الأخ جواد» يعيش أزمة عراقية داخلية خانقة، وأنه عندما يسارع إلى اتهام السعودية بالإرهاب فإنه في حقيقة الأمر يريد تصدير أزمته هذه إلى الخارج وكل هذا وهو يعرف أن ما يقوله غير مقنع لا للشعب العراقي ولا لقواه الاجتماعية والسياسية والوطنية وأنه مجرد استجابة، رغم أنفه، لإيران التي يقاتل فيلق «قدسها» وألوية مجموعاتها الطائفية والمذهبية، في سوريا وفي اليمن وفي العراق نفسه والتي تقوم بكل هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية باسم الدفاع عن مقامات ومراقد الشيعة، والشيعة منها براء، وباسم المقاومة والممانعة.. وأي مقاومة وممانعة والجولان مقفل أمام المقاومين والممانعين أكثر من أربعين سنة.

إن كل العراقيين الذين استمعوا إلى اتهامات المالكي لا بد أنهم هزوا رؤوسهم تعجبا وتندرا، ولا بد أن بعضهم ضحك حتى حدود الاستلقاء على الظهور، فرئيس الوزراء العراقي، الذي غدا وهو يقترب من موعد الانتخابات التشريعية خصما للسيد ابن السيد مقتدى الصدر الرجل العروبي الصادق الذي رغم الضغوط الهائلة التي تمارس عليه يصر على أن المرجعية الشيعية الشريفة يجب أن تبقى مرجعية عربية ويجب أن يكون مقرها النجف ويجب عدم السماح بنقلها إلى «قم» والذي وصف «الأخ جواد»، العضو القديم في حزب «الدعوة»، بأنه طاغوت ومتكبر وأنه ديكتاتور لا يجوز أن يبقى في موقعه يحكم الشعب العراقي بالحديد والنار. وأيضا وبالإضافة إلى مشكلته هذه المتفاقمة مع السيد مقتدى الصدر فإن لـ«الأخ جواد» مشكلة بل مشاكل أخرى مستعصية مع إياد علاوي وتكتله القومي العربي ومع معظم مكونات البرلمان العراقي وأيضا وإلى حد ما مع عمار الحكيم ومع الزعيم الكردي الكبير مسعود بارزاني، الذي هو زعيم عراقي، والذي كان قد آوى المالكي وأحسن إليه عندما كان مجرد معارض لا ينظر إليه حتى الإيرانيون بأهمية. وهكذا ولو أن المالكي لم يسْع للهروب من «إرهابيته» وتورطه في دعم الإرهابيين المذهبيين وغير المذهبيين الذين يفجرون في العراق والذين يذبحون الشعب السوري ويدمرون مدنه وقراه، بإلقاء التهم «السخيفة فعلا» على الذين كانوا أول ضحايا هذا الإرهاب الطائفي الغاشم فقد كان عليه أن يشد الرحال إلى الرياض وإلى الدوحة وأن يضع يده في أيدي أشقائه وأن يعلن أنه يقف إلى جانب هؤلاء.. ضد الدولة التي سلمها الأميركيون مقاليد أمور العراق العظيم والذي يحكم الآن شعبه العظيم قاسم سليماني المقيم حاليا على الرحب والسعة في «السليمانية» في الشمال العراقي بالحديد والنار. كان على المالكي أن يفعل هذا لو أنه حر بإرادته ولو أنه قادر على اتخاذ قراره بنفسه، لكنه بادر، وبمجرد إصدار السعودية لقراراتها الصحيحة المهمة الأخيرة ضد الإرهاب، إلى ما بادر إليه بإلقاء التهم التي ألقاها جزافا على عاتق دولة هي أول من قاوم الإرهاب وأول من صنفه كل هذا التصنيف الدقيق والهدف بالطبع هو اعتراض ما صدر عن الرياض قبل أنْ يصل إلى الولي الفقيه وقبل أن يصل إلى الألوية والكتائب الطائفية والمذهبية ومعها «داعش» و«النصرة» و«الإخوان» التي تستبيح دم الشعب السوري بحجة الدفاع عن مقام السيدة زينب ابنة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، والحقيقة أنها ارتكبت ولا تزال ترتكب كل هذه الجرائم لأن سوريا بشار الأسد أصبحت وغدتْ الزاوية الرئيسية لمشروعها التوسعي الفارسي الذي تمكن من إقامة رأسي جسرين متقدمين له، الأول في ضاحية بيروت الجنوبية والآخر في غزة هاشم، حيث حولها انقلاب «حماس» على منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية إلى قاعدة لـ«المرشد العام»، وإلى مثابة ثورية للحرس الإيراني ولفيلق القدس بقيادة قاسم سليماني.

زر الذهاب إلى الأعلى