من الأرشيف

حوارات سياسية في إسطنبول

بدعوةٍ كريمةٍ من منتدى فلسطين الدولي للإعلام والاتصال، شاركتُ في اجتماعات ملتقى حضره كوكبة من رجال الإعلام والسياسة والفن، ودارت فيه مناقشاتٌ جادة في الشأن الفلسطيني وعن دور الإعلام العربي الذي أجمع مشاركون فيه على انحسار دوره في هذا الشأن، وانشغاله بالأوضاع في دول الربيع العربي.

وشارك في المنتدى مهتمون عديدون بالشأن الفلسطيني، من دول أوروبيةٍ وآسيويةٍ وروسيةٍ وإفريقية، وأثرى حضورهم أعمال المنتدى الذي استمر يومين، وفي نهاية أعماله شمل بيانه الختامي على توصيات ومقترحات عديدة، منها: أعلن المؤتمرون، في بيانهم، تقديرهم العالي التضحيات التي يبذلها الصحفيون والإعلاميون في فلسطين، معلنين تضامن الكل معهم.

وفي الوقت نفسه، يدينون الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد وسائل الإعلام الفلسطينية والإعلاميين العاملين على أرض فلسطين المحتلة. ويشدد المؤتمر على أهمية وضع الخطط والبرامج الإعلامية، بأدواتها المختلفة، في مواجهة حملات التشويه والتحريض التي تستهدف الشعب الفلسطيني.

وناشد البيان الختامي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة والإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي الاهتمام بالتغطية النوعية للحدث الفلسطيني، ومواكبة تطوراته، والتناول العميق للقضية الفلسطينية في شتى شؤونها وأبعادها.

( 2 )
إلى جانب أعمال المؤتمر، جرت بين كاتب هذه السطور وجمهرة من المشاركين حوارات في شأن مجلس التعاون الخليجي والخلافات البينية التي أدت إلى استدعاء ثلاث دول خليجية سفراءها من الدوحة، احتجاجاً على السياسة الخارجية والإعلامية لدولة قطر، وتحدث الكل عن تنازلات قدمتها القيادة السياسية القطرية للدول الثلاث، وتساءلوا عن نتائج مؤتمر الرياض الذي عقد في قاعدة جوية عسكرية، وليس في مقر الأمانة العامة للمجلس، أو مقر وزارة خارجية الدولة المضيفة. وكان رد الكاتب على بعض ما أثير من تساؤلات كما يلي:
أولاً: الرأي عندي أن استدعاء/ سحب السفراء من الدوحة كان خطأً سياسياً كبيراً، فالخلافات البينية بين دول مجلس التعاون مرت بمواقف أصعب، مما يقال اليوم في قطر، ولم يتم سحب السفراء.

وفي تقديري، أن اجتماع القاعدة العسكرية لوزراء خارجية دول المجلس ما هو إلا محاولة لرد ماء الوجه، بدليل، كما تقول أوثق المصادر: إن الاجتماع لم يناقش القضايا التي كانت محور خلاف، وإن لكل دولة من دول المجلس أن تمارس حقها السيادي، طالما لا تؤدي تلك الممارسات إلى الإخلال بسيادة الدول الأعضاء في المجلس.

جادل بعضهم في أن قطر خضعت لكل الإملاءات من الدول الثلاث (السعودية، الإمارات، البحرين)، وأن قطر أمرت بترحيل، الشيخ يوسف القرضاوي، من الدوحة، استجابة لتلك المطالب، ورحّلت معظم المصريين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأغلقت مراكز الأبحاث المهمة في قطر، استجابة لطلب تلك الدول، وغيّرت الاتجاه التحريري لقناة الجزيرة، لكي لا تتحدث عن الانقلاب في مصر، ولا تناقش شؤون مصر على شاشتها، ولو كان المتحاورون مصريين.

قلت لكل الذين تجمعوا حولي: على حد علمي، لم يحدث ترحيل أحد من قطر، تلبيةً لطلب أيٍّ من الدول الثلاث، والقرضاوي، مواطن قطري منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي، ولا يمكن لدولة تحترم نفسها، وسيادتها أن ترحل مواطناً من مواطنيها تحت أي ذريعة. أما خطبة الجمعة، فالرجل كان يخطب، وهو جالس على كرسي، وقد تقدم في العمر، فلعله لا يستطيع الحديث بصوتٍ عالٍ، ولفترة طويلة، فلعله اعتذر عن أداء خطبة الجمعة، وغيابه هذا في تقديري لأسبابٍ صحيةٍ، لا غير.

وأستطيع القول: إن السياسة الخارجية والسياسة الإعلامية لدولة قطر لم تتغير، ولن تتغير، إلا عندما تقتضي مصالح الدولة ذلك التغيير.

( 3 )
تغير اتجاه مشتركين في هذا الحوار، وتوجهوا نحو الحوثيين في اليمن، وقال محدثي: إن قطر تدعم الحوثيين ضد النظام، وتسلحهم، وتزودهم بالمال والسلاح. كان ردي، إن قطر قدمت لحكومة الرئيس، عبد ربه منصور هادي، أكثر من 300 مليون دولار مساعدة، فكيف تساعد الحوثيين الشيعة الذين هم في مواجهة مع النظام في صنعاء؟ وهؤلاء يعادون حزب الإصلاح السني في اليمن، فيما قطر متهمة بأنها تؤيده، فما هذا التناقض في الأقوال والتهم؟ تأكدوا جميعاً أَن دولة قطر تقف مع الشرعية في كل قطر عربي، وهي مع من ترتضيهم الشعوب ولا غير. وانفض اجتماعنا، وما برح للحوار صلة.

آخر القول: الإشاعات وتزوير المعلومات تشبه الحرب المسلحة، وعلينا جميعاً التصدي لحرب الإشاعات وتزوير المعلومات، بكل الوسائل في كل دولنا العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى