من الأرشيف

من أجل شباب الوطن

قالوا: إذا أردت أن تستطلع مستقبل أمة من الأمم فما عليك إلاّ أن تنظر إلى واقع شبابها، طموحاتهم، أحلامهم، إنجازاتهم، ظروف حياتهم، فالشباب هم وحدهم لا غيرهم من بقية شرائح المجتمع من يشكل في الحاضر الصورة المستقبلية ويرسم أبعادها، وكيف ستكون الأوضاع بعد عشر سنوات أو عشرين سنة.

ومن خلال قراءة طويلة ومتأنية لواقع الشباب في بلادنا لا أتردد عن إعلان قلقي وخوفي على المستقبل، فما تعانيه الغالبية الساحقة من شباب هذه البلاد من إهمال وحرمان من أبسط الحقوق التي ينالها أمثالهم في بلدان العالم تؤكد حقيقة واحدة لا يجوز تجاهلها أو العبور من فوقها، وهي أن هؤلاء الذين يشكلون صورة المستقبل ما يزالون حتى الآن يعاملون بوصفهم قوة فائضة عن الحاجة، ومن استطاع منهم أن يؤكد وجوده وسط هذا الزحام الشبابي فإنما تم له ذلك بجهوده الخاصة لا بجهود الوزارات والهيئات والمؤسسات المسؤولة عن الرعاية والعناية بهذا الجيش الذي يملأ الشوارع والميادين، ويقف في انتظار نظرة عطف من مؤسسة أو مسؤول.

إن بعض التقارير العلمية تقول إن ثلاثة أرباع المجتمع اليمني هم من الشباب تحت سن الأربعين، وأن إهدار هذه الطاقة الهائلة من البشر وعدم النظر إلى ما تمر به من ظروف قاسية، هو الخطأ بعينه ، وهو الإهدار الأخطر الذي يتجاوز بما لا يقاس كل الإهدارات التي تتم في مجال الثروات المادية، كما أن النتيجة المترتبة على هذا الإهدار ستظل ضاربة في عمق المستقبل لعشرات السنين، وأن على الذين يشكون ويطيلون الشكوى من انحراف بعض الشباب وخروجهم عن جادة الصواب أن يدركوا أنهم كانوا وراء هذا الانحراف لانشغالهم بالاقتتال السياسي وتقاسم السلطة بدلاً عن استيعاب هموم هذه الشريحة الواسعة، وإيجاد الحلول التي تضمن لها الحياة الآمنة والاستقرار المطلوب.

لقد أغلقت أجهزة الدولة منافذ العمل الشريف في وجه الآلاف من الشباب، فكان لابد من أن يبحثوا لأنفسهم عن وسيلة للبقاء، ولو دفعوا في سبيل ذلك حياتهم وزهرة شبابهم، وما يزال البعض يقول إنه ما زال في الوقت متسع لتصحيح الخطأ وإيقاف ينابيع الانحراف باستيعاب طاقة الشباب والإسراع في حل مشكلاتهم وإشعارهم بأن لهم دوراً في بناء الوطن وصناعة المستقبل.

وبحكم تواصلي شبه اليومي مع نماذج من شباب هذا الوطن والمبدعين منهم في الأدب وفي الدراسات العليا خاصة، أجد أن كثيراً من هؤلاء يتعرضون لإهمال فادح وظلم فاضح: شعراء مبدعون، ودارسون موهوبون لا يجدون ما يأكلون ولا أين ينامون.

وبما أنه ليس لدينا رجال أعمال يتبنون المواهب -كما في كثير من الدول المتقدمة - فإن الدولة وحدها هي من يمتلك القدرة على رعاية أبناء الوطن الموهوبين وتسهيل مهامهم الإبداعية والعلمية، ليس عن طريق وزارة الثقافة التي حاولت أن تستوعب الكثير، ولا عن طريق وزارة الشباب التي تحددت مهامها في الرعاية البدنية وتشجيع المهارات الرياضية في حدود الإمكانات المتوفرة.

ومن هنا فإن المفتاح الذي يمكن الإشارة إليه هنا والقادر على حل مشكلات الآلاف من شبابنا هو في يد وزارتين اثنتين لا ثالثة لهما، وأعني بهما وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية، ومهما قيل عن جدولة التعيين وانتظار الخريجين إلى أن يأتي دورهم في نهاية الألفية الثالثة، فإن في ذلك من القسوة والظلم ما لا يتناسب مع الجهد الذي بذله الشباب الجامعيون خاصة وما يتوقعه لهم أهلهم، وما ينتظره منهم وطنهم لاسيما خريجو الكليات العلمية وكليات الطب خاصة الذين من المحتمل أن ينسوا تخصصاتهم قبل أن يعثروا على العمل الذي يمكنهم من تطبيق ما تعلّموه من خلال الممارسة والتدريب العملي.

ولا أنسى في هذا الصدد أولئك الشباب والشابات الذين يطرقون أبواب الجامعات بعد أن تأهلوا للعمل بها ونالوا درجة الدكتوراه أو الماجستير بامتياز، وفيهم من يعمل في بعض هذه الجامعات من سنوات ومع ذلك يقابلون بالتجاهل والصدّ، وبدلاً من أن تبحث عنهم الكليات المعنية وتستقطبهم ليكونوا في طليعة أساتذة المستقبل يجدون أنها تتصرف معهم بوحشية وازدراء وكأنهم غزاة لا أبناء هذه الكليات والامتداد العلمي لأساتذتها والقائمين على إدارتها أكاديمياً، ولعل ما هو قائم في بعض كليات جامعاتنا من تنافر وغياب الاحترام والتقدير المتبادل يعود إلى مثل هذه التصرفات اللاعلمية واللاأخلاقية التي تمارسها بعض القيادات على الموهوبين والطامحين إلى الالتحاق بهذه الصروح العلمية بعد أن تأهلوا وصار في مقدورهم رد الجميل للوطن الذي كان وراء ما تحقق لهم من تدريب وتأهيل.

ديوانان جديدان للشاعر أحمد المعرسي:
يدهشني هذا الشاعر ويسحرني بما يكتبه من شعر هو الشعر في أرقى وأنقى توهجاته، كما يدهشني بتواضعه وابتعاده عن زحام التنافس المقيت. والديوانان الجديدان الصادران للشاعر أخيراً هما: "سيف من لهب" و"من مذكرات أنثى الريح" كم أتمنى أن يجد هذا الشاعر وأمثاله من الشعراء الشبان المبدعين بعض ما يستحقونه من رعاية وعناية ليواصلوا كتابة المزيد من إبداعهم الرائع والمتميز.

تأملات شعرية
كنت أعرف أن الكبار
-كعادتهم- لا يرون
ولا يقرأون
وأن كثيراً من الحبر
يبكي إذا سال فوق الورقْ.
أيها النافذون:
حرامٌ عليكم!!
أضعتم شباب البلاد بأعذاركم ومواعيدكم
فاشتوى حلمه واحترقْ.

زر الذهاب إلى الأعلى