[esi views ttl="1"]

كلمة إنصاف للرئيس السابق ودعوة للمراجعة

الرئيس السابق هل سيمضي مع الحوثيين إلى النهاية؟!‏

محمد مصطفى العمراني ‏
أفكر أحيانا في موقف الرئيس السابق علي عبد الله صالح من الأحداث ‏وكيف سيختم قصته ‏الطويلة مع اليمن والتي تمتد من سبعينات القرن ‏الماضي حتى الآن وأقول: كان باستطاعة هذا ‏الرجل وقد تهيأت له ‏الظروف في هذا الشعب الطيب جدا أن يدخل التأريخ من أوسع أبوابه ‏لو ‏أنه أشاد دولة عادلة وقوية وأوجد تنمية حقيقية وفرض هيبة الدولة ‏والنظام والقانون فقد أمتد ‏حكمه لعقود كانت كافية لأن ينهض الرجل ‏باليمن خاصة وأن عوامل الاستقرار والنهوض ‏كانت متوفرة فأضاع ‏الرجل فرصة ذهبية لبناء دولة يمنية حضارية في الوقت الذي كانت ‏فيه ‏دول عديدة في المنطقة تنهض في سنوات قصيرة وتتطور كثيرا ‏ولن نذهب بعيدا فسلطنة ‏عمان بجوارنا مثلا كانت قبل عقود غارقة ‏في تخلف وفقر وجهل ومرض وأستطاع سلطانها ‏السلطان قابوس بن ‏سعيد خلال عقود أن ينهض بها حتى صارت دولة بمعنى الكلمة. ‏

‏•‏ ما يحسب للرئيس السابق ‏
هناك إجماع على أن الرئيس السابق لم يبن تلك الدولة الحضارية التي ‏كانت في أحلام ‏وطموحات كثير من أبناء اليمن ولكن مع هذا أنجز ‏أشياء جميلة ورائعة وأسس لتعددية ‏سياسية وأسس أيضا لمؤسسات ‏وطنية عديدة يمكن البناء عليها وهذا مما يحسب للرجل فالعبد ‏لله ممن ‏ينصف الناس ولا يبخس الناس أشياءهم.‏

وما يحسب لعلي عبد الله صالح أنه رغم التصريحات والمناكفات بينه ‏وبين مكونات المشهد ‏السياسي اليمني لم يقص أي فصيل وطني ‏إقصاء حقيقي وكامل وحتى في حكمه أيامه الأخيرة ‏حيث رسخ قيادة ‏الجيش والمواقع الهامة بيد أسرته ومع هذا وللإنصاف وللتأريخ توفر ‏الحد ‏الأدنى من الشراكة الوطنية والوفاق مع كل التيارات والفصائل ‏وإن لم يكن هذا الوفاق ظاهرا ‏بشكل ملحوظ للجميع وهذه شهادة لله ‏وللتأريخ وقد استطلعت آراء كثير من الشخصيات ‏المحسوبة على ‏تيارات مختلفة حتى أنه أحتفظ بشعرة معاوية مع الجميع وهذا مما ‏يحسب له. ‏

‏•‏ ما يحسب على الرئيس السابق ‏
هناك ما يحسب للرئيس علي عبد الله صالح وهناك ما يحسب عليه ‏ومما يحسب عليه أنه بعد ‏أن وقع على المبادرة الخليجية وتخلى عن ‏منصبه كرئيس لليمن تعامل مع الموضوع على أنه ‏خصومة شخصية ‏مع قوى كثيرة ترددت كثيرا في الانضمام للثورة الشبابية رغم أن ‏الشارع ‏سبقها لساحات التغيير والاعتصام ووضعها في محك صعب ‏وموقف حرج حاولت هذه القوى ‏أن توفق بين بقاء علي عبد الله ‏صالح وبين تلبية مطالب الشارع وعندما فشلت لأسباب يتحمل ‏الجميع ‏مسئوليتها فقد تصلب الرجل وعاند وهدد بالمجازر وبأن يسيل الدم ‏للركب وقام بطرد ‏لجنة الوساطة من منزله فانضمت أحزاب المشترك ‏للثورة الشبابية السلمية أقول هذا بحسب ‏رواية من صاروا خصومه ‏وقد يكون له رأي آخر ومع أنها هذه القوى انضمت للشارع الثائر ‏فقد ‏رضيت بالمبادرة الخليجية مخرج سلمي يحقن الدماء ويحقق تسوية ‏هي أشبه ما تكون ‏بصلح قبلي بين صالح وخصومة، وهذه المبادرة ‏التي في أقل الأحوال شارك الرئيس السابق ‏علي عبد الله صالح في ‏صياغتها وعدل فيها وأقتنع بها كحل حتمي ليخرج من السلطة على ‏‏قاعدة "لا منتصر ولا مهزوم" تلك السلطة التي ردد صالح مرارا ‏وتكرارا إنها مغرم لا مغنم ‏هذه المبادرة أعطت الرئيس السابق ‏امتيازات كثيرة واحتفظ بنصف السلطة ومثل وزراء ‏المؤتمر وحلفائه ‏نصف الحكومة كما أعطت المبادرة الخليجية للرئيس السابق حصانة ‏قضائية ‏من المساءلة وهي حصانة له ولأهله ولكثيرون معه إضافة ‏لامتيازات عديدة كانت كفيلة بأن ‏تجعل الرجل يتع إلى الرجل عن ‏الانتقام مهما أستفز وأن يسمو فوق كل الجراحات وسينصفه ‏التأريخ ‏ولو بعد حين فالتأريخ لا يظلم أحد.‏

‏•‏ الرئيس السابق كمنتقم ‏
للأسف لم يسع قادة القوى الوطنية لطي صفحة الخلاف مع الرئيس ‏السابق وفتح صفحة ‏جديدة معه وهي خطوة لو حدثت ستحيده على ‏الأقل عن دعم المليشيات المسلحة كما أن إعلام ‏القوى الوطنية ظل ‏يستفز الرئيس السابق ويصفه بالمخلوع ويجعله كشماعة ومشجب ‏لأخطاء ‏الكل وللأسف تعامل الرئيس علي عبد الله صالح أيضا مع ‏ثورة الشباب السلمية على أنها ‏مؤامرة صهيونية وعلى أنها خيانة ‏وجريمة لأنها ببساطة قامت ضد نظامه وتعامل أيضا مع ‏القوى التي ‏دعمتها على اعتبار أن الأمر خيانة وخصومة شخصية وعلى أن من ‏دعموا الثورة ‏أو الاحتجاجات الشبابية التي قامت ضد نظامه هم ‏غرماء له ولكي ينتقم منهم دعم جماعة ‏الحوثي التي هاجمها أيام ‏حكمه مرارا وحذر منها، دعمها بالسلاح ودعمها إعلاميا وماليا ‏‏ودعمها معنويا بتوجيه قيادات ومشايخ المؤتمر وقادة في الجيش من ‏أنصاره بالتعاون مع ‏الحوثيين والتنسيق معهم وتقديم الدعم لهم كما ‏حدث في عمران فقد أسهم مشايخ المؤتمر ‏بنصيب كبير من تمكن ‏مليشيات الحوثي على حساب الدولة ومن كان يشاهد قناة "اليمن ‏اليوم" ‏أو حتى يقرأ الصحيفة التي تحمل نفس الاسم يجد أنها متحمسة ‏للحوثيين أكثر من بعض ‏الحوثيين أنفسهم وشخصيا ما فتحت قناة "‏اليمن اليوم" أيام بثها إلا ووجدت فيها مذيع حوثي أو ‏ضيف حوثي ‏حتى ظننتها فرع لقناة "المسيرة" في العاصمة صنعاء مع أن الرئيس ‏السابق ‏يدرك أن دعم مليشيات مسلحة متمردة لا يضر بتيار معين ‏فحسب بل يضر الوطن ككل لكن ‏الرجل كان يريد الانتقام ليس إلا ‏وعلى قاعدة "علي وعلى أعدائي" وتذكرون يوم ظهر الرئيس ‏‏السابق وهو يمسك بصحيفة " اليمن اليوم من الخلف وفي المانشيتات ‏العريضة أخبار عن ‏سقوط عمران وعن رحيل مشايخ حاشد منها في ‏تشفي واضح للجميع.‏

‏•‏ الخطأ القاتل للرئيس السابق ‏
إذن هذا هو الخطأ القاتل الذي أرتكبه الرئيس صالح بعد تنحيه عن ‏السلطة وهو خطأ كبير ‏جدا ولو لم يقترفه لحصل في اللحظة الراهنة ‏على شعبية جماهيرية كبيرة جدا شعبية حقيقية ‏وليست مزيفة فالشعبية ‏التي تأتيك بسبب أخطاء من يأتي بعدك هي شعبية زائفة، الواقع أن ‏‏بعض الشعبية التي حظي بها الرئيس السابق مؤخرا هي بسبب أخطاء ‏من جاؤوا بعده وليس ‏لإنجازاته الوطنية وإن كنا يجب أن ننصفه ‏ونقول أن هناك كثيرون يحبونه وخصوصا من ‏البسطاء والذين ‏يترحمون اليوم على أيامه لا يترحمون بالضرورة على شخصه وإنما ‏لأن تلك ‏الفترة كانت أفضل مما وصلنا إليه في كثير من النواحي مع ‏شباب الثورة والقوى التي دعمتها ‏لا يعلمون الغيب واعتقد أنهم لو ‏علموا أننا سنعود للوراء وسيصبح هذا حالنا فلن يخطوا في ‏طريق ‏الثورة ضد نظام صالح خطوة واحدة ولكانوا انتزعوا من الرجل من ‏الإصلاحات ما ‏قدروا عليه وتركوه يكمل فترته لقد كانوا يظنون أن ‏الحال سيصلح وأن الوضع سيتغير ‏للأفضل فهل نلومهم أم نلوم ‏السلطة التي أساءت للثورة الشبابية بممارساتها وفشلها والخ. ‏

قال لي قبل أشهر من يعرف الرئيس السابق جيدا ويحبه : الرجل يريد ‏التوبة واعتزال الحياة ‏السياسية أو بالأحرى مراقبة المشهد من بعيد.‏

قلت : لكنه يدعم الحوثيين على الأقل إعلاميا إن لم نقل بأكثر من هذا ‏مما يؤكده كثيرون.‏
فقال الرجل : لأنه مقهور من الخبرة الذين خانوه وكانت يده ممدوة ‏إليهم بالخير ( يقصد آل ‏الأحمر وقادة الإصلاح وأحزاب المشترك).‏
فقلت: لكن تقوية جماعة مسلحة متمردة سندفع جميعا ثمنه وسيكون ‏له عواقب وخيمة ‏وسيكتوي هو بنارها.‏
فقال: هو يريدهم ضرب خصومه فقط وبعدها سيتوقف عن دعمهم.‏

‏•‏ المطلوب من الرئيس السابق ‏
والمشكلة أن الرئيس السابق تصرف في هذا الإطار بمنطق المكايدات ‏وتصفية الحسابات مع ‏أن الأمر الآن لم يعد يحتمل مكايدات ومزايدات ‏خاصة وأنه يدرك أن هذه الجماعة المسلحة ‏المتمردة لها حساباتها ‏الخاصة بها وبحلفائها خارج اليمن وأنها صارت عامل فوضى ‏وعنف ‏واقتتال وربما تكون سببا في تقسيم اليمن وانهيار الدولة ‏ودخول البلد منزلق عنف وفوضى الله ‏وحده يعلم متى يخرج منها ‏وهذه الجماعة المتمردة المسلحة وإن استفادت من خصومته مع ‏هذه ‏القوى واستثمرت هذا الخصام لمصلحتها لكنها إن ظفرت به وتمكنت ‏منه لن ترحمه فقد ‏شن ضدها ستة حروب وقتل عددا من أسرة ‏الحوثي وقد كان الرئيس والمسئول الأول وإن لم ‏يكن المسئول ‏الميداني والمباشر حتى وإن تعهد له أحمد الكحلاني ومحمد عبد الملك ‏المتوكل ‏وغيرهم بغير هذا أمر فالأمر سيختلف إن تمكنت هذه ‏المليشيات المسلحة المتمردة والأمر ‏الثاني أن المنطق والواقع يؤكد أن ‏توسع هذه الجماعة وتقويتها على حساب الدولة سيجعلها ‏تتجاوز ‏الأهداف المشتركة لأهدافها الخاصة التي سيصطدم بها الرئيس ‏السابق دون شك ‏وستجعله هو ومصالحه وأسرته في مرماها وفي ‏قبضتها فصالح لن يرضى أن يكون تحت ‏رحمة مليشيا مسلحة ولن ‏يقبل بأن يمارس هو وظيفة فارس مناع ولن يرضاها حتى لنجله ‏‏السفير أحمد علي كما أن مليشيات الحوثي إن وجدت في تصفيته خلط ‏للأوراق وضرب للقوى ‏السياسية ببعضها بما يستفيدون منه فلن ‏تتردد لحظة في تصفيته والتخلص منه وما قصة النفق ‏الذي عثر عليه ‏تحت منزله عنا ببعيد إضافة إلى أن هذه المليشيا المسلحة شتمته بشدة ‏قبل أيام ‏في موقعها المسمى " أنصار الله " ووصفته بالمخلوع ‏والهارب وغيرها من الشتائم.‏

‏•‏ هل يفعلها الرئيس صالح ؟!!‏
فهل يبدد صالح شكوك الجميع بأن يقوم بشكل عملي بالتحرك ضد ‏الحوثيين وأول هذا ‏التحرك بأن يدعو كل أعضاء وأنصار المؤتمر ‏إلى اتخاذ موقف وطني من التحركات المسلحة ‏للحوثيين في العاصمة ‏وفي مفرق مأرب والجوف وغيرها وأن يدعو كل من انضم من ‏أنصاره ‏ومن أنصاره وأعضاء وأنصار المؤتمر إلى مغادرة مخيمات ‏الحوثيين وليحذر الجميع من ‏تحركاتها وهذا هو نوع من الحياد الذي ‏تحدث عنه مؤخرا عندما قال نحن مع المصالحة ولن ‏نكون مع طرف ‏ضد طرف إذن ليثبت الرئيس السابق صدق حديثه ويتخذ هذه الخطوة ‏الهامة ‏وستكون بمثابة موقف وطني كبير كما ندعوه لأن يوجه إعلام ‏حزبه وإعلامه إلى الوقوف مع ‏الشعب وضد الفوضى والعنف ‏والمشاريع الصغيرة وتوعية الناس بخطورة ما تقوم به ‏مليشيات ‏الحوثي على السلم الاجتماعي وعلى الأمن والاستقرار أما قضية حل ‏الحكومة الفاشلة ‏وإيجاد حل لمشكلة رفع المشتقات النفطية فهذه قد ‏صارت حتمية لا مناص منها ليس إرضاء ‏للحوثيين وإنما لأن هذه ‏الحكومة فشلت بالفعل ولأن الجرعة تضرر منها كل الشعب والرئيس ‏‏السابق مع جميع أبناء الشعب اليمني يدركون أن الحوثة لا يحملون ‏هموم الناس ولم يتحركوا ‏من أجل إلغاء الجرعة وإنما هذه أعذار ‏ومبررات وجدوها لكي يصعدوا ويحققوا أهدافهم وإلا ‏لو خير الحوثي ‏بين إلغاء الجرعة وبين المشاركة في السلطة والقرار السياسي لأختار ‏‏المشاركة في السلطة والقرار السياسي وهذا أمر مؤكد ولا نقاش ‏حوله.‏

‏•‏ خلاصة : ‏
إن بقاء الرئيس السابق علي عبد الله صالح داعما أو متعاونا مع ‏الحوثيين أو حتى في الحياد ‏ظاهرا وفي دعمهم سرا وتوجيه أعضاء ‏المؤتمر وأنصاره لدعمهم والتعاون معهم ومشاركتهم ‏تظاهراتهم في ‏هذا الظرف الدقيق والحرج من تأريخ اليمن موقف لا نرضاه له رغم ‏اختلافنا ‏معه وهو تصرف ينم عن قراءة خاطئة للمستجدات وسيحرق ‏ما بقي للرجل من رصيد وطني ‏ومن شعبية جماهيرية وينسف كل ما ‏حقق الرجل سابق من انجازات بل ويجعل مصيره هو ‏شخصيا أمرا ‏مجهولا ولن تغفر أبناء اليمن لا له ولا لأسرته هذا الموقف ولن ‏يرحمه التأريخ ‏فمليشيا كهذه ترى نفسها وصية الله على خلقه وترى ‏نفسها فوق البشر من غير سلالتها وترى ‏أن الحكم حق شرعي منحه ‏الخالق لها دون سائر الناس وترى في كل من خالفها شيطان ‏وداعشي ‏وتكفيري وعميل لن تتمكن ولن يستتب لها أمر فاليمن لن تحكمه أسرة ‏أو سلالة ‏عنصرية أو عصابة مسلحة في هذا العصر وهذه المليشيا ‏المسلحة وإن تسببت بفتنة أو حتى ‏تمكنت لفترة لا قدر الله إلى ‏زوال بإجماع كل العقلاء فأي طريق سيختار الرئيس السابق؟!! ‏

هل سيراجع نفسه ويقيم توجهاته بصدق وينحاز للشعب في هذه ‏الظروف الصعبة أم أن من ‏يحيطون به من الحوثيين وأنصارهم ‏سيمنعون حدوث مراجعة كهذا؟!!‏

زر الذهاب إلى الأعلى