ونحن نستقبل العام الهجري الجديد بعد مضي أيام صعبة في هذه الأمة التي تعاني من المحن والفتن. هذه الأمة استهدفت من أعدائها، ولا ننسى التاريخ عندما كان اليهود في المدينة يثيرون الحروب بين الأوس والخزرج ويبيعون الأسلحة عليهم. وكان العرب الذين تقاتلوا على ناقة أربعون عاماً وبين قريش وكنانة وعبس وذبيان. هذه الأحداث تتكرر اليوم بصورة حديثة وتبين أن العرب الذين هذبهم الإسلام وجعل منهم أمة لها تاريخ ووحدهم في ظل هذه المبادئ ونشروا الإسلام في العالم. لكن اليوم هذه الأمة أصبحت ضائعة تائهة فهويتها ضائعة وأطاعت أعدائها ونسيت هويتها وضاع أبنائها بين الغزو الفكري وبين ردة الفعل. وللأسف فإن الأمة التي صار أجيالها يعيشوا على فتات ما يأتيهم من الخارج. ولذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قدم لهذه الأمة سفينة النجاة وأرسله الله رحمة للعالمين.
هؤلاء تنكروا لهذه المبادئ على نوعين نوع تنكر للرسالة وظن أن النجاة عند الغرب والشرق فأخذ بمناهجهم وترك الجانب العلمي الذي هو ملك البشرية، وانتشر الفكر الشيوعي في الستينات ودمر الأمة وقادها للهلاك والتهريج والفساد، وظهرت الشعارات وعاد الناس لليبرالية الغربية التي لم تقدم سوى الشعارات الزائفة. وبقيت الأمة متخلفة ولم تأخذ إلا المظاهر الاستهلاكية عكس الهند وكوريا وسنغافورة وتايلند أخذوا الجوانب الإيجابية مع الحفاظ على الهوية.
والنوع الثاني أخذا الإسلام بتطرف وانحراف وبترتيب خبيث من الأعداء لتشويه هذه الدين وتقديمه أنه دين القتل والدم ورفض الغير والكبت وإظهاره بشكل وحشي، وهذا ما تم نشره والتخطيط له من الأعداء بعد أن أذهلهم انتشار هذا الدين، وقدموه بصورة بشعة على أيد أبنائنا الذين أصبح عندهم ردة فعل لما يرون وللبطالة والفقر والجهل.
وأخيراً وبعد انتشار السكان وزادت المطالب وأصبح الناس كقارة واحدة وانتشار وسائل التواصل وتسريب الأفكار الجديدة والسعي للتغيير بحسب رغبة الغرب نفسه. وفعلاً قامت ثورات الربيع العربي على ضوء برنامج مخطط. واليوم توجه الشباب ومن معهم نحو التغيير وبدون هدف بالطريقة التي أرادها الخصوم وسار الإعلام في هذا الإطار وشبكات التواصل دون الالتزام بوسائل ومبادئ التغيير التي رسمها لنا ووضعها لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم.
ولكن الذي حصل أن الناس للأسف ساروا وفق التهريج ومجرد الصراخ وتغيير الأشخاص دون تغيير منهج وأساليب التفكير ودون العودة إلى المنهج الذي علمناه رسولنا وقرآننا وسيرة أصحابه الكرام.
إذن نحن اليوم أمام منهج يرى أن الغرب هو الحل وأن الإسلام ليس هو المنهج. ومن يرى أن الإسلام لا علاقة له بالحياة المدنية وغيرها من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومن يرى أن الإسلام دين يأمر بإقصاء الآخرين ويكفر بأبسط الأشياء وتقديم الإسلام بصورة وخشية، ومن يرى الإسلام بأسلوب مذهبي طائفي ومناطقي وعرقي. والسبب في كل هذا غياب القيادات التي تسير الناس نحو الهدف المطلوب والرسالة الإنسانية والمبادئ السليمة لبناء مجتمع يسير نحو الأفضل. القيادات مهمة في تسيير الأوضاع نحو المنهج الصحيح. وهذا جزء من المحنة التي نعانيها وابتلينا بأدعياء تصدروا المشهد بجهل فأوصلتنا إلى حروب طائفية وعرقية. اليوم في أمتنا حروب دمار طائفية وعرقية في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وعاد الناس إلى صراعات قبل قرون فما الحل وما المخرج مما نحن فيه.
الحل هو التحرك والضغط للجنة مصالحة إسلامية تقوم لحقن دماء الأمة ووضع مبادئ ميثاق شرف وإشراك الجميع في بناء المجتمع. يجب استغلال المورد وإيجاد مناهج وخطط تنموية وإصلاح الأوضاع الاقتصادية لأن الفقر والتهميش وانتشار الجهل يسبب فيما نعانيه من محن كبيرة تقود شبابنا إلى الهلاك. الحروب اليوم شديدة أفكار منحرفة تطرف طائفية عرقية وإرهاب وسحر وشعوذة ومخدرات وهبوط أخلاق وفساد وانحراف وثقافة كراهية وإشاعات ودمار في نفوس الشباب.
لابد من دراسة هذه المواضيع والظواهر. لذا مسؤولية المؤسسات الثقافية وأهل العلم والتخصص أن يبادروا لدراسة ظواهر وجذور المشاكل. فمسؤولية منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والاتحاد الإسلامي للجامعات واتحاد العلماء والمجمعات الفقهية والجامعات والمؤسسات الاقتصادية أن تدرس الحلول من جذورها وتضع حلول واقعية.
علينا أن نفكر بالحلول وفق دراسة متعمقة. نحن بحاجة إلى المراجعة والإنقاذ والخروج من المحنة، والسكوت والتجاهل هو أساس المحنة. يجب أن نثق بالله خالق الكون ونعود إلى الله بطريقة صحيحة وندع الماضي لله لأن أهله هم في رعايته وهو أعدل وأحكم منا، وقال لنا { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.