[esi views ttl="1"]

استعداء الجميع

عندما اغتيل الناشط الحقوقي اليمني، عبد الكريم الخيواني، المقرب من جماعة "أنصار الله"، قبل أيام، كانت الصدمة كفيلة بإرساء وحدة في موقف إدانة الاغتيال.

الانتقادات التي كانت توجه للخيواني قبل اغتياله، والتي بلغت ذروتها بتوليه تقديم مراسم "البيان الانقلابي" لأنصار الله لم تكن لشخصه، بل لمواقفه وتوجهاته السياسية حصراً. وهي مواقف مهما بلغت حدتها بعيدة عن أي تورط في مقتله أو حتى تسهيل انكشافه أمنياً وتعريضه للخطر، كما ذهب بعض مؤيدي جماعة "أنصار الله" للقول. الأمر نفسه ينطبق على تفجيرات يوم الجمعة الدامي في صنعاء. رفع الصوت عالياً ضد "أنصار الله" وممارساتها، سواء في صنعاء أو في أي محافظة أخرى، وإدانة جنوحها إلى السلاح للتوسع وقمعها التظاهرات، لا يعني أي تبرير للقتل.

وإذا كان بعض جمهور جماعة الحوثيين، تحت وقع هول المجزرة والصدمة، قد لجأ إلى رمي التهم جزافاً؛ متجاهلاً أن الدماء التي سالت لم تكن مقتصرة على أنصار الحوثيين، بل طالت اليمنيين من دون أي استثناء، فإن ما تو إلى من تصريحات لقادة في الجماعة وآخرها زعيمها، عبد الملك الحوثي، يصبّ في الإطار نفسه من توزيع الاتهامات.

ولم يتردد الرجل في الادعاء بأن هادي يتحالف مع تنظيم القاعدة. هي التهمة نفسها التي وجهها لحزب التجمع اليمني للإصلاح وآخرين.

تستعدي الجماعة كل من يخالفها في الرأي، كما تتغاضى عن خطورة المرحلة التي باتت تضع اليمن أمام سيناريو حرب أهلية طاحنة؛ يبدو النموذج العراقي بمآسيه الأقرب إليها. لكن أخطر ما تتجاهله الجماعة أنه مهما بلغ الصراع على السلطة، فإن استقرار اليمن وعدم انجراره إلى حرب طاحنة مدمرة لن يكون ممكناً، من دون حلول سياسية لا عسكرية، تكون شريكة فيها مثلها مثل هادي والإصلاح وباقي الأطراف، وأنها ستضطر عاجلاً أم آجلاً إلى الجلوس معهم على طاولة واحدة للتوصل إلى تفاهمات سياسية.

واقع يفرض على الجماعة سرعة الإقرار بأنها ليست المنقذ لليمن، بل إن هذه المهمة لا يمكن أن تقوم على الاستئثار والتفرد. والأهم ضرورة اعتراف الجماعة بأنها لا تعدو عن كونها الطرف الذي سيكون عليه الاختيار بين تفجير الحرب أو احتوائها.

زر الذهاب إلى الأعلى