[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

العصا والوسط المظلوم !

حينما لا توافقهم الرأي، ويكون لك رأيٌ ثالثٌ، يسارعون إلى اتهامك بالسلبية، و(مسك العصا من الوسط)!

وفي هذا الصدد، أود الإشارة إلى أن هذا الاتهام مرده أسباب عديده، منها طبيعة الثقافة السائدة التي مازالت تصادر حق الاختلاف والفهم المتعدد للوقائع والظواهر والأحدث!

ثقافة لم تستطع الفكاك من تمجيد الرأي الواحد والحدي، والاعتقاد بصوابه (بل وأحيانًا قدسيته)، إن صدر من حاكم أو قائد حركة أو جماعة أو زعيم حزب! ما تزال ثقافة أسيرة لمقولة: ( من لم يكن معي فهو ضدي)!

ولأنه بالمثال يتضح المقال، أود التذكير بموقفي الواضح والمعلن لما يجري في اليمن منذ بدء العدوان، والمتمثل في إدانتي ورفضي للعدوان الخارجي، الذي تقوده الدولة السعودية وحلفاؤها على الوطن اليمني. كما أنني أرفض الاستئساد، والتمدد القتالي وإشعال الحرب والاقتتال اليمني الداخلي، الذي يقوم به التحالف(الحوثي – الصالحي)، وما نجم عنه من ردة فعل ومقاومة.

وإزاء هذا الموقف الواضح، ينبري كلا الطرفين المتحاربين (العدوان الخارجي والمقتتلين داخليا) وأنصارهما باتهامك بالحياد، والزعم بعدم وضوح موقفك تجاه ما يجري في وطنك!

يا هؤلاء، اعلموا أن للعصا طرفين ووسط. وا(الوسط).في هذا السياق، لا يعبر عن السلبية والمداهنة بالضرورة. بل قد يعبر عن فهم ثالث، ورأي آخر مغاير للرأيين المتصارعين والمستقطبين. ومن ثّم لا ينبغي احتكار فهم الوقائع والأحداث في رأي واحد ونقيضه؛ فثمة فهم آخر ورأي أخر، ثالث ورابع وخامس ... إلخ. فمن المعلوم أن الواقعة أو الحادثة واحدة، ولكن فهما قد يتعدد ويتباين من شخص لآخر، ومن جماعة لأخرى، بتعدد زوايا النظر، وتباين الأطر النظرية والمرجعية، بل والمصلحية التي تسعى لتحقيقها.

يا هؤلاء، اعلموا أنني لا أجيد امساك العصا من الوسط بالمعنى الشائع والسلبي، بل إنني أكره العصا بدلالتها الترهيبية؛ حين تحضر للضرب والعقاب الجسدي، أو حين تُستدعى لتحقيق الخنوع، والتزلف، واللاموقف.

أما مفهوم الحياد، فإنني أفهمه بالمعنى الإيجابي؛ الذي ينبذ التعصب، ويرادف الموضوعية بالمعنى النسبي. بل إننا نحث طلبتنا ونحرضهم على التمسك به، حين تناولهم للظواهر والوقائع والأحداث، وصفًا وتحليًلا وتفسيرًا وتنبأ.

اعلموا، إن من أسوأ المواقف، والقراءات، هي تلك التي تقيس المواقف، وما يكتبه الآخرون من منظور قناعاتهم هم، وتحيزاتهم هم، وتلك التي تصر على ضرورة مطابقتها لقناعاتهم، بل و(تعصباتهم)!

أيها المنزعجون من مواقفنا، واستقلاليتنا، اعلموا أننا لسنا نسخة منكم ؛ فلنا آراؤنا وتفسيراتنا، وقناعاتنا. ببساطة لا نخافكم، ولسنا أنتم.

زر الذهاب إلى الأعلى