[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتمامات

رجل المنعطف

السيادة الوطنية هي مسألة غير قابلة للنقاش والتفاوض ، وهي قيمة ثابتة ومقدسة لايجوز المساس بها ، كما لا يحق لأية جهة رسمية أو حكومية التصرف فيها ، بل تكتسب أية حكومة شرعيتها من دفاعها عن سيادة الوطن وعز أرضها .
مايحدث في سقطرى هو مايجب أن تقوم به السلطة الشرعية ، ولئن جاء ردها متأخراً على مايحدث من تغول على أرض الجزيرة المقدسة فذلك ما يعكس النفسية العامة للإنسان الذي يضع اعتبارات جمة على صعيد تعاطيه مع مثل هذا الموضوع ، فاليمني صبور وكريم ، ويرى في قوات التحالف ، الموجودة على أرضه والتي هبت لنجدته في مرحلة الضر والعسرة ضيوفا ، ومبدؤه الكريم دائماً : إن حق الضيف قد صيرني .. له ضيفاً وهو رب المنزل ، أو كما قال شاعرنا الفضول .
لاذت السلطة الشرعية بهذه القيمة الأخلاقية في التغاضي عن تجاوزات الإمارات الشقيقة ، لكن بعينين يقظتين ، ورأى الضيف في رحابة صدر الرئيس هادي وصبر الحكومة ما أغراه على الايغال أكثر ، في فرصة سانحة ، التقى فيها كرم الإنسان اليمني بأقسى مرحلة ضعف تعيشها بلده .
لاشك أن فخامة الرئيس ودولة رئيس الوزراء هما المسؤولان المعنيان بحماية قيمة السيادة الوطنية وتحصينها من عوارض ريح تهب من خارج المهمة الأساسية لعاصفة الحزم التي جاءت لانقاذ اليمن وليس لاقتلاعه من جذوره .

وفي هذا السياق جاءت توجيهات الرئيس هادي وتحركات الدكتور أحمد عبيد بن دغر لتمنحنا نحن اليمنيين دفقات من التعزيز المعنوي الرافع لمنسوبي الانتماء والاعتزاز بذاتنا اليمنية التي عانت شروخاً كثيرة وضربات مهدفة في الآونة الأخيرة.
وكان لأرخبيل سقطرى أن يفصح عن واحد من أجمل أسراره وأثمن أسطوراته وهو يقف بكل أبنائه ومكوناته الاجتماعية والسياسية في صف الشرعية وتوجهاتها الحاسمة في حماية وتحصين السيادة الوطنية لجزيرة يدرك أبناؤها أنها أثمن وأغلى من كل الدولارات والاغراءات القادمة من وراء الماء لزعزعة جمالها المشتق من فردوس الجنة وتربة عليين .

كنت كتبت مقالاً سابقاً عن رئيس الوزراء وكيف أنه المسؤول اليمني الذي يتجسد في أداءاته المشروعُ الوطني والبعد التاريخي في أي فعل سياسي يقوم به.

والحق أقول، إنني لا أكتب عن بن دغر من دوافع علاقة شخصية، أو من زاوية ، تراعي شخصانية من أكتب عنه من باب المدح أو التزلف.

لهذا فأنا أنظر إلى الكتابة عما يقوم به رئيسنا هادي و تحركات رئيس الوزراء كواجب وطني، على عاتق أي كاتب يمتلك قدرة الكلمة وجلال الحرف، فما يحدث على أرض الجزيرة هو ما نريده نحن اليمانيين وما انتظره أبناء سقطرى في هذا المعترك الراهن التي تمر به اليمن والغاص بالتعقيدات والمؤامرات والانفلات وكل ما يتهدد الهوية والسيادة والتاريخ والمستقبل من تجاذبات أقليمية تضعه على صفيح النار.
ألا يبدو مجرد ذهاب رئيس الوزراء إلى سقطرة جزيرتنا البعيدة والثمينة ومكوثه هناك نوعاً من الفدائية الفذة خاصة بعد أن استوغلت الأخطار في قلب الجزيرة التي تمثل جوهر السيادة الوطنية ودرة اليمن والتراث العالمي، وهي بالمناسبة محمية طبيعية في قوائم التقييم العالمي للتنوع التضاريسي والجمال الحيوي بنباتاته وكائناته النادرة التي لا توجد إلا في سقطرى.

هذه الجزيرة النفيسة الزاخرة بأسرار الدهشة والجمال والتنوع، لابد أن تكون محمية تاريخية ووطنية، وهذا ما يريده رئيس الوزراء في زيارته التاريخية للأرخبيل الثمين، لإعادة الجزيرة إلى سياقها الوطني الطبيعي.

المشاريع الأمنية ومقار أجهزة الشرطة التي وضع رئيس الوزراء أحجار أساسها على أرض الجزيرة تعكس أيضاً ديناميكية الأداء وذكاء الخطوة، في معركة ترسيخ السيادة الوطنية على التربة اليمنية وإزالة الشوائب التي لو استفحلت لأحالت سقطرى إلى جزيرة أشباح ودم.

ما على دولة الإمارات الشقيقة التي نكن لها كل ود وجميل، أن تدركه هو أن التاريخ نابه ويقظ، وهو بقدر ما يرصد مواقفها الأخوية تجاه اليمن في ضرائه الحالية، لا يغادر صغيرة من مَنٍّ أو كبيرة من أذى إلا أحصاها في كتاب مرقوم.

وعليها أن تدرك أيضاً أن اليمن لم ينضب بعد من رجال المنعطف وحماة السيادة على أرض البلدة الطيبة التي كلما ولّى عن الساحة منها عظيم شهدت منا عظيما .

ياإمارات شيخنا زايد، يا إمارات الخير، ياجيرتنا الكرام ! دعوا سقطرى لأهلها، فلا أقبح من أن تخسر الإمارات تاريخها الجميل ومواقفها الاخوية تجاه اليمن ، في جزيرة جميلة.

زر الذهاب إلى الأعلى