[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
صحف

يمن الصين السعيدة

محمد عارف يكتب في صيحفة الاتحاد: يمن الصين السعيدة يعرج على تفاصيل مهمة بشأن العلاقات بين اليمن والصين


«عندما تعرف شيئاً تمّسّك بما تعرف، وعندما لا تعرف شيئاً سَلِّم بما لا تعرف، هذه هي المعرفة». قال ذلك الحكيم «كونفشيوس». وعندما يتعلق الموضوع بعلاقة الصين والعرب نحتاج حكمة «كونفشيوس» لمعرفة ما نتمسك به، والتسليم بما لا نعرفه.
فدراسات عدة تتناول حضور الصين في العالم العربي، ونادرة هي الدراسات عن العرب في الصين، وهذه أهمية بحث «هو واي يب»، أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة التربية في هونغ كونغ.
عنوان البحث «ظهور المجتمع اليمني في الصين: التراث الاشتراكي، وطريق الحرير الجديد، والنموذج الصيني»، ويعرض فيه تدفق التجار العرب إلى الصين، وهذا يعادل في الأهمية، حسب رأيه، مستقبل تطور كلِّ من العالم العربي والصين.
وكانت اليمن من أول الدول التي اعترفت ب«جمهورية الصين الشعبية» عند إعلانها عام 1949. ولم تتراجع العلاقات بين البلدين خلال تعاقب عهود المملكة المتوكلية، والجمهورية، وانفصال اليمن الجنوبي، وإنشاء «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية»، ثم إعادة توحيد اليمن.
وتستهدي الصين في علاقاتها باليمن، والعالم العربي المضطرب، بحكيمها «صون تزو» مؤلف كتاب «فن الحرب» قبل 2400 عام، والذي قال فيه: «المعرفة المسبقة لا يمكن أن تأتي من أشباح أو أرواح، ولا يمكن الحصول عليها بالمقايسات، ولا بالحسابات. بل ينبغي الحصول عليها من الناس، الناس الذين يعرفون أوضاع العدو».
والناس هم نخبة يمنية شابة تدفقت في الصين مع «سياسة الباب المفتوح» في ثمانينيات القرن الماضي، وتلعب الآن دور الوسيط الثقافي بين التجار العرب والصناعات الصينية.
وقد أسّست هذه النخبة المجتمع التجاري اليمني في ميناء «غوانزجو»، وهو من أهم أسواق البضائع في الصين، ويقع قرب هونغ كونغ جنوب الصين، ويُعتبر «بوابة البيت العربي في الصين». وهنا أقامت المعمارية العراقية زهاء حديد «دار الأوبرا الصينية»، ودخلت بها التاريخ كأول امرأة معمارية تصمم دار أوبرا.
والتاريخ يستعيد هنا «طريق الحرير» الذي امتد بين اليمن والصين منذ القرن السابع الميلادي، وازدهر مع قيام إمبراطورية «سلالة مينغ» طوال القرنين الرابع عشر والخامس عشر.
وفي مطلع القرن الخامس عشر أُرسِلَ أدميرال البحر الصيني المسلم «زهينغ هي» في سبع رحلات بحرية إلى المحيطات، وجنوب شرق آسيا، وأفريقيا، عَبَر خلالها مضيق هرمز والبحر الأحمر، وتوقف ثلاث مرات في ميناء عدن، حيث استقبله سكانُها بحرارة بالغة، وأهدوه زرافة.
وكان لليمن تأثير قوي خلال سلالة كينغ، آخر إمبراطورية في الصين. تذكر ذلك السجلات الإسلامية الصينية، وفيها سيرة «ما ميننغشين» الذي تتلمذ على أصحاب الطرق الصوفية في اليمن، وأسّس الطريقة الصوفية النقشبندية الجهرية.
و«طريق الحرير الجديد» دَشنته خريطة «استراتيجية اذهبْ للعالم» التي اختطتها الصين نهاية سبعينيات القرن الماضي، في مشاريع تنموية عدة، بينها «طريق الحديدة صنعاء»، ومصانع الغزل والنسيج في صنعاء وعدن، و«جسر الصداقة»، ومقر وزارة الخارجية، وبناية «المستشفى النموذجي»، و«المكتبة القومية الكبرى».
يعرض ذلك بحث الأكاديمي الصيني المنشور بالإنجليزية في كتاب «لماذا اليمن تَهُمُّ؟»، والذي أشرفت على تحريره «هيلين لاكنر» الباحثة في «كلية دراسات الشرق الأوسط» بجامعة لندن، وقد ضمّ بحوثَ أكاديميين غربيين حول مختلف جوانب الحياة في اليمن، من الثورات، والسينما والمسرح، ونزاعات الأرض في اليمن، وحتى التراث الاشتراكي اليمني.
ويتميز الباحث الصيني بمراجعته الوفيرة، باللغات الصينية والإنجليزية والعربية، وأحاديثه المباشرة مع «اليمنيين الصينيين» الذين ينشئون هوية مختلطة فريدة، تبحث عن نفسها. «أحمد اليافي» الذي انتخبه اليمنيون لرئاسة «الرابطة اليمنية في الصين»، رجل أعمال عاش 18 عاماً في كندا وبريطانيا والولايات المتحدة، ويقول: «عندما أقارن الصين مع تلك البلدان يغمرني شعور طيب بأن أكون صينياً، لأنني أحس بالأمان الشخصي هنا.. أجل إنه بلد آمن، وناسه بالغو الصداقة».

زر الذهاب إلى الأعلى