[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

مؤشرات انهيار النظام الإيراني

مقال الكاتب العراقي صلاح المختار تعليقاُ على التطورات الأخيرة: مؤشرات انهيار النظام الإيراني


سبق وان وصفت حكام اسرائيل الشرقية بالسمكة النفاخة والتي تكون في العادة صغيرة ولكن عندما تشعر بالخطر تنفخ نفسها وتبدو كرة كبيرة جدا فيخشاها من يريد افتراسها ويتركها، والنفاخ في اللهجة العراقية هو الذي يبالغ جدا في قدراته فنسميه نفاخا.

وفي حوالي ثلاثة عقود اثبتت الطغمة الاستعمارية الحاكمة في اسرائيل الشرقية اكثر من مرة بانها مجرد نفاخة يكفي دبوس قوي لفشها واعادتها إلى حجمها الطبيعي،المرة الاولى كانت يوم 8-8-1988 عندما حقق العراق اثناء الحكم الوطني نصرا عظيما وتاريخيا على اسرائيل الشرقية في حرب الثمانية اعوام التي شنتها عليه فتحققت القادسية الثانية أو قادسية صدام المجيدة وفيها استسلم حكام طهران وصاروا لطفاء جدا مع العراق.

اما الفشة الثانية فهي التي نراها الان فبعد تغييب الحكم الوطني الذي كان صاكر الفرس ( صاكر وصكار بالجيم المصرية تعني باللهجة العراقية مرعب ومخيف ومؤدب المعتدي ) عادوا إلى نفخهم الذي وصل حد تحدي أمريكا والعالم كله وادعاء انهم قادرون على هزيمة كل العالم!
ولكن ما ان اكمل حكام الفرس دورهم التدميري الرئيس في المخطط الصهيو-غربي وقررت أمريكا اعادتهم لما بين السكتين جاءت ضربة سليماني القاصمة لتعيد تأديبهم واعادتهم إلى حجمهم الحقيقي، فأخذنا نسمع لاول مرة منذ غزو العراق خامنئي يريد ان يطربنا بصوته المترنح باغاني حب رقيقة! بل راينا العجب فضباع الحرس الثوري الإيراني الذين لم يعرف عنهم الا الوحشية المتطرفة تصدر عنهم كلمات تأدب وتعايش...الخ!!!

لم اخذ خامنئي يغرد باغاني العشق ودرده (درد بالفارسية تعني المعاناة والالم) لدرجة انه اخذ ينافس مطربة الفرس والعرب غوغوش، وترك اناشيد سادية تدعو للحرب دامت اربعة عقود ؟

1-بعد تصفية قاسم سليماني وتأكد النظام الإيراني بان أمريكا جادة فعلا في استعدادها للرد اذا قتلوا أمريكيا واحدا فوجئ العالم كله،باستثناء ابناء العراق، بان قائد الحرس الثوري الإيراني يؤكد يوم امس 15-1 (ان طبول الحرب صمتت وتم اغلاق ملف الحرب وان الحرس الثوري يتجه للسلام الان) واضاف بان ( الحرس الثوري الإيراني لا يخضع الا للمرشد ولا ينفذ الا اوامره) ! هل هو الاخر يريد منافسة غوغوش؟

وما يلفت النظر ان التاكيد على ان الحرس لايتلقى الاوامر الا من خامنئي كان ردا مباشرا على ما نشر من (ان دعوات الاعتدال تصدر من وزير الخارجية الإيرانية كممثل لتيار الاعتدال ضد تيار التطرف الذي مثله الحرس وخامنئي)، فقام قائد الحرس،وليس غيره بصفته الفاشي الاول،بتأكيد ان دعوات السلام والتعايش الحالية مع أمريكا وغيرها جاءت بأمر من خامنئي شخصيا فأسقط ذلك اسطورة وجود معتدلين ومتطرفين في النظام منذ عزل حسين موسوي ومهدي كروبي ورفاقهما.

2-وفي نفس اليوم اطلق وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تصريحا غريبا وكأن ذاكرته ذاكرة ذباب حيث تنسى الذبابة في ثوان انها ضربت فتعود لنفس العمل، يقول فيه(لم نطالب بانسحاب القوات الأمريكية من العراق)! وهذا التصريح جاء بعد عشرات التصريحات العنترية الإيرانية التي تؤكد بان اخراج القوات الأمريكية من العراق والمنطقة هو هدفنا الاول ،خصوصا بعد مقتل سليماني! فمن كان يطالب اذا بالانسحاب اذا لم يكن نظام الملالي؟ هل هو تراجع ام هو تنصل إيراني مقابل توكيل النغول العرب كحسن نصر الله ومقتدى للقيام بذلك!؟

عندما تؤدب بمطرقة ضخمة النفاخ يتراجع لكنه قد يكلف ذيوله ونغوله ممارسة ما اصبح محرما عليه ممارسته وهو يعلم ان الذيل والنغل لايستطيعان القيام بما عجز هو عن فعله،انه عمل صبياني ساذج! لم انقلب الحرس الثوري الإيراني على نفسه وتخلى عن النفخ المتطرف الان وليس بالامس؟

الاسباب اصبحت واضحة جدا وهي تنطوي على دروس ثمينة لغير العراقيين من العرب والاجانب فالعراقي يعرف معرفة تفصيلة طبيعة جيرانه الاشرار طوال الفيات وليس قرون، واهم الدروس هو ان النخب القومية الفارسية لا تتخلى عن عنجهيتها وغرورها وعنادها، وهي صفاتها التقليدية، الا عندما تسقط مطرقة القادسيتين القوية على رأسها فتهشمه أو تهدد بذلك، وعندها يعودون إلى رشدهم ويكفون عن النفخ والعدوان، ويتذكرون ان غوغوش إيرانية فيعودون للغناء والطرب ولو مؤقتا بانتظار فرصة نفخ اخرى .

اما الدرس الثاني فهو ان النخب القومية الفارسية يجب ان تبقى دائما تحت مطرقة ضخمة جاهزة لسحق راس من ينفخ منها . والمطرقة التي اجبرت قادة الحرس الان على التراجع والتأدب الظاهري هي مجموعة الاحداث الخطيرة التي نفّست هواء النفاخة الإيرانية واظهرتها كقطعة صغيرة:

1-الانتفاضة العراقية وتوأمها الانتفاضة اللبنانية واللتان قدمتا الدليل الحاسم على ان الشعب العربي في القطرين الشقيقين يقف بغاليبيته الساحقة ضد غزوات الفرس الاستعمارية، ففي العراق انطلقت الانتفاضة الوطنية الجديدة وكان ابطالها ابناء جنوب العراق في تأكيد اخر على ان العروبة والوطنية العراقية هما الهويتان الاساسيتان للعراقيين، فأتت هذه الانتفاضة مكملة للانتفاضة الوطنية العراقية في الاعوام 2012 و2013 و2014 في الانبار وصلاح الدين ونينوى وديالى.

في تلك الانتفاضة ساهم ابناء الجنوب وفي الانتفاضة الحالية ساهم ابناء الوسط والشمال في عملية تكامل وطنية عضوية ثبتت إلى الابد وحدة العراق العضوية.وكانت الهتافات والاهازيج المباشرة ضد اسرائيل الشرقية ووزير مستعمراتها قاسم سليماني تعبيرا دقيقا عن عضوية الوطنية العراقية واستحالة شرذمتها.

2-نتيجة لعظمة الانتفاضة العراقية واللبنانية وقوة تأثيراتها الاقليمة والعربية فان الشعوب الإيرانية المضطهدة انتفضت مرة اخرى ولكنها هذه المرة قلدت العراقيين بتمزيق صور خامنئي وسليماني وحرقها واطلاق الهتافات ضد الديكتاتور خامنئي بالاسم، بل ان من نظم التظاهرات الإيرانية اعترف بانها تاثرت بشجاعة الانتفاضة الوطنية العراقية. ونطق مهدي كروبي بصراحة غير مسبوقة وهو احد قادة النظام والذي فرضت عليه الاقامة الجبرية بعد فشل الانتفاضة الإيرانية فطالب بتنحي خامنئي.

فما الذي يترتب على هذه التطورات المهمة جدا ؟

1-انها تؤكد بأنه ليس فقط الحشد الشعبي من تفكك وانهار في العراق وفقد اكثر من 90% من عناصره بل كذلك الحرس الثوري الإيراني فقد قوته وتركه الاف الاشخاص مثلما استقال اعلاميون واعلاميات كانوا من عناصر الدعاية للنظام .

2-انها تؤكد الانهيار الواضح للقدرات الردعية الإيرانية داخليا وخارجيا ، ليس لانها فقدت اسلحتها بل لان من ينفذ فقد ارادته وانهارت معنوياته وهما ما يمنح للسلاح قوته .

الحقيقة الاوضح التي فرضت نفسها هي ان التراجع الداخلي للنظام وعزلته المتزايدة عن الناس وانفضاض اغلب داعميه في الخارج من حوله جعله في حالة احتضار واضحة لايمكن تغييرها بعد ان تبددت القدرات الإيرانية ، وتلك هي المقدمات الطبيعية للانهيار القادم في اسرائيل الشرقية.

زر الذهاب إلى الأعلى