[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

التراث الشفاهي اليمني بعث من جديد

حفظ الله العميري يكتب: التراث الشفاهي اليمني بعث من جديد


المتابع للحراك الثقافي في اليمن مؤخراً، خاصة في وضع الحرب، يلحظ جهداً كبيراً من قبل اليمنيين للمحافظة على موروثهم المادي التقليدي، كالزي والمأكولات، والرقصات والألعاب الشعبية، وغيرها من الفنون المادية، والتي استطاعت الصمود نوعاً ما والمحافظة على تواجدها خلال السنوات والعقود الماضية، وتحولت العادات والتقاليد اليمنية القديمة إلى مشاهد مألوفة في القنوات التلفزيونية والدراما، والأعراس، والكثير من مظاهر الحياة الأخرى.

الملاحظ في الآونة الأخيرة، تجاوز هذا الاهتمام بالتراث المادي، إلى إعادة إحياء التراث الشفاهي " اللامادي" حيث يكتسب هذا التراث من وجهة نظر الناشطين أهمية كبيرة، كونه أحد معالم الشخصية اليمنية في الريف والمدينة، وله قيمة كبيرة تاريخية كبيرة، ومدلولات للارتباط الروحي الغيبي للإنسان اليمني، والتعلق المقدس بالتربة والأرض والوطن.

عادت بي الذاكرة سنيناً للخلف، للعادات والتقاليد الجميلة التي نشأت في أوساطها، وأنا أتابع هذا الحراك الواسع في وسائل التواصل الإجتماعي، والمواقع الالكترونية، والقنوات التلفزيونية، وغيرها من وسائل الإعلام والتواصل الحديثة، وتملكتني الدهشة من غزارة المقولات القديمة، والأساطير، والعادات، والمهاجل والقصائد، والتقاليد المتداولة شفهياً في جميع مناطق اليمن، حيث يغوص هذا الموروث في أعمق التفاصيل اليومية للإنسان اليمني، مثل الأفراح والأتراح، الولادة والموت، الأعراس والمناسبات، العمل وحراثة الأرض، وبعضها يفسر بعض الظواهر الطبيعية، وكثير من التفاصيل الدقيقة، التي ابتكر لها المخيال اليمني الكثير من الحكايا والعادات والأمثال والمهاجل.

من وجهة نظري فإن هذه الحركة الإيجابية لإحياء التراث، جاءت بعد التغريبة القاسية التي يمر بها اليمنيون مع اجتياح أرضهم وقراهم من قبل الحوثيين، ومحاولة تجريف تاريخهم وهويتهم من هذه السلالة المتوردة والباغية، واستبداله بتاريخ وتراث سلالي دخيل وعنصري لا يمت للهوية والتاريخ اليمني بصلة، الهدف منه كسر كبرياء الشخصية اليمنية وتمييعها، وإذابتها، وطمس التراث والتاريخ اليمني الزاخر والمتنوع، وممارسة التغريب الأليم للمعالم والرموز اليمنية القديمة.

مهم أن يتحول هذا الحراك إلى جهد بحثي، وتوثيق تاريخي، سواء في كتب، أو أفلام وثائقية ومسلسلات، للمساهمة في حفظ هذا المخزون الهائل من العادات والتقاليد المعرض للضياع والاندثار، وحماية الذاكرة اليمنية، وقطع الطريق أمام التشويه والعبث الغادر بالتاريخ والتراث اليمني.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى