[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

عنصرية من طراز جديد

محمد بالفخر يكتب: عنصرية من طراز جديد


في الوقت التي تثور شعوب العالم الحرة ضد التمييز العنصري وضد أي سلوك مشين يستهدف الانسان في شكله أو لونه أو عرقه حتى وإن تبنت هذا السلوك أنظمة مستبدة من خلال أجهزتها القمعية أو بعضاً من ساستها كما حصل في الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية بعد حادثة مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد من ذوي الاصول الافريقية بطريقة بشعة ومهينة ومفضوحة امام العالم وتلك الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فتاريخ أمريكا مليء بما هو أشد وأنكى منذ سيطرة المهاجرين البيض على تلك القارة الكبيرة وحتى اللحظة لكن ما لفت الانتباه بعد الحادثة الأخيرة مقدار الوعي عند عدد كبير من المواطنين الأمريكان من كافة الأعراق والأجناس تمثل في رفضهم لهذا السلوك المشين فكانت تلك المظاهرات العارمة بغض النظر عما صاحبها من أعمال نهب وسلب، ومظاهر الرفض لم تقتصر على أمريكا فقط بل امتد صداها إلى كثير من الشعوب الاوربية التي خرجت هي الأخرى في مظاهرات كبيرة في كبرى المدن الاوربية متضامنة مع من يتعرضون للاضطهاد والتمييز العنصري ومنددة بهذا السلوك وتطالب باقتلاع جذوره وقامت بالفعل بإسقاط تماثيل من الميادين العامة لبعض شخصيات تاريخية مارست هذا السلوك المشين.
ونحن نعرف أن ديننا الإسلامي قد حرّم هذا الأمر منذ اللحظات الأولى للبعثة النبوية بدأ من قول الله في كتابه العزيز (ان أكرمكم عند الله اتقاكم) وقول سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأحمر على اسود الا بالتقوى وقوله كلكم لآدم وآدم من تراب وكذلك قوله الناس سواسية كأسنان المشط. ومن المؤسف حقاً أن تجد أناس يدّعون انتسابهم لنبي الرحمة والإنسانية وهم يمارسون أبشع أنواع العنصرية داخل مجتمعاتهم وصنفوا المجتمع كأسياد وعبيد وقناديل وزنابيل إلى آخر هذه المترادفات وما نتج عنها من ظلم صارخ وحروب ونزاعات لا تكاد تخمد في مكان حتى تلتهب في مكان آخر.
والحديث في هذه الموضوع سيطول لكن ما وددت الإشارة اليه ما عنونت به هذا المقال استلهاماً من شعارات الرفاق التي رفعوها قبل نصف قرن وهم يبشرون بميلاد الحزب الاشتراكي اليمني بأنه حزب طليعي من طراز جديد فهاهم تلاميذ تلك المدرسة يمارسون عنصرية مبتذلة ربما لم تكن تخطر في بال اساتذتهم الأوائل انحطاط قيمي واخلاقي مريع سفاهة في الألفاظ والعبارات دناءة لا تقل عن مستوى ذلك الشرطي الأمريكي الأبيض وهو يدوس بركبته على رقبة الرجل الأسود ولم يلق بالاً لصرخاته واستغاثته حتى ازهقت روحه وعند الله تجتمع الخصوم.
فمنذ تسلق المتسلقون على القضية الجنوبية ونحن نسمع ونشاهد ونقرأ كل يوم ما امتلأت به المواقع الالكترونية ووسائل التواصل من اسفاف وعبارات عنصرية قذرة وتحريض والصاق التهم والكم الهائل من الافتراءات تجاه مخالفيهم في الرأي أولاً وحتى ان كانوا من بني جلدتهم أو من منطقتهم وباتجاه كل من هو من شمال اليمن ثانياً ويستثنى أو تخف الحدة تجاه (السيّد) وأنصاره، ومن شاهد المقطع الأخير لأحد قادة الأحزمة المصنوعة اماراتياً وهو يتلفظ بألفاظ نابية ويستخدم أساليب البلطجة ضد عدد من العمال العزل ممن ينتمون للمحافظات الشمالية اليمنية وتزداد الفاظه وقاحة ضد مسؤولي الشرعية بطريقة لا تنم عن ادنى درجات الأدب والأخلاق، وقطعاً ذلك المقطع لم يكن الأخير فقد سبقته أعداداً كثيرة لم يكتفى فيها بالإهانة اللفظية بل تعداه إلى ازهاق الأرواح بالقتل بالرصاص الحي.
هذا المشهد المزرى مما شاهدناه ومالم نشاهده فهو أفظع، هل هذا الذي تبحثون عنه يا عقلاء الجنوب؟

زر الذهاب إلى الأعلى