[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتمامات

في ذكرى رحيل القيْل السبتمبري محمد صالح فرحان

موسى عبدالله قاسم يكتب حول: في ذكرى رحيل القيْل السبتمبري محمد صالح فرحان


لا يُقاس النضال بالعمر المديد وتسنّم دفة القيادة بقدر ما يُقاس بالفعل الثوري والموقف الوطني في الأحداث والتحولات التاريخية المفصلية، ذلك أن الثبات المستند على الإيمان المطلق بالمبادئ الثورية وقت التراجع والهروب، هو ما يضيف عمراً آخر لمن سلك درب النضال في سبيل الوطن والأمة.

يصادف يوم الـ23 من أغسطس، الذكرى الـ52 لرحيل القائد السبتمبري القيْل محمد صالح فرحان، ابن الـ28 عاماً، الذي حمل الوطن، ثورة وجمهورية، على كتفيه وبين جوانحه، وراح يذود عنه في جباله الشماء وسهوله البطحاء، مُلحقاً الهزائم بفلول الإرهاب السلالي، ورافعاً راية الجمهورية كسارية مُشجتْ من أعمدة معبد الشمس.

منذ الأيام الأولى للثورة السبتمبرية الخالدة، انطلق القيل محمد صالح فرحان إلى صنعاء، مُلبيّاً نداء الثورة والحرية، والتحق بالجيش السبتمبري ضمن تشكيلات الحرس الوطني، وخاض مع رفاقه الأحرار غمار الحرب دفاعاً عن ثورة الألف عام، فكان ذلك البطل السبئي الهصور، المضمخ بالشجاعة والإباء والإقدام، كما يروي عنه رفاقه بعد رحيله.

وحين حاولت السلالة الإرهابية خنق صنعاء المجد والثورة نهاية العام 67م، وأحكمت حصارها، كان لقيْلنا الكبير كلمته وصولته، وهناك، في صنعاء، حلّق كنسر سبئي راسماً بشموخه وعُلوِّه شموخ اليمن ومجده التليد، قاتل القيْل فرحان بعنفوان الجندي وخطط بحنكة القائد دفاعاً عن جمهورية الشعب السرمدية، القائد الذي اصطفاه سُمْر الجباه ذات لحظة وطنية فارقة، بعد أن تفرّق الجمْع وولّى البعض الدُبُر..!

لم يكن القائد السبتمبري النقيب محمد صالح فرحان باحثاً عن كرسي حكم أو قيادة جيش، ففي اللحظة التي تقهقر فيها العديد من ذوي الرتب العليا، انبرى الضباط الشبان المخلصون للمبادئ السبتمبرية، وتصدروا الصفوف الثورية، ومنهم الشهيد محمد صالح فرحان، ومعهم القائد الجمهوري الفريق حسن العمري، فانتصرت الجمهورية بهم وتنفّست صنعاء الثورة الصعداء.

وعندما كسَرَ الجمهوريون حصار صنعاء وهزموا أزلام وفلول الإرهاب السلالي، بعد قرابة سبعين يوماً من الحصار، جنّ جنون اللوبي السلالي المتغلغل في الصف الجمهوري، والذي كان يؤمّل على سقوط صنعاء وإنهاء الثورة، فما كان من هذا اللوبي الإرهابي إلا أن أوجد مصيدة للصف الجمهوري بغرض تفكيكه وتفتيته، لاسيما بعد عودة الفارين من القيادات العسكرية العليا ومطالبتها بعودتها إلى مواقعها العسكرية القيادية، وإشاعتها لأخبار تدعو للتسليم ووقف الصراع، من قبيل كلنا يمنيون وحان وقت المصالحة وإنهاء الحرب..!

كان القيْل محمد صالح فرحان ومعه عدد كبير من الضباط يرون أن المصالحة مع السلاليين انتكاس للثورة وخيانة لدماء شهدائها، وفوق ذلك إفراغ لأهداف الثورة من مضمونها الوطني التحرري، فيما كان القادة العسكريين من ذوي الرتب العليا المتماهين -بقصد أو بدون قصد- مع اللوبي السلالي المتغلغل في الصف الجمهوري، يدعون إلى المصالحة مع من أسموهم ب "الملكيين"!

وبعد أن احتدم الصراع بين الجمهوريين، لعب اللوبي السُلالي لعبته القذرة، فكان أن حوّل الاختلاف السياسي بين الجمهوريين إلى خلاف مذهبي مناطقي، وهو ما وقع فيه الجمهوريون للأسف، لاسيما القيادات العسكرية العليا، وأشاع السلاليون حينها أن ما يسمى ب "الزيود" هم الحكام وغيرهم المحكومين، وهنا نجد أن السلالة المتوردة استخدمت ما يسمى ب "المذهب الزيدي" كحصان طروادة وحامل جديد للعودة إلى الحكم بعد أن فقدت خرافة الاصطفاء والكهانة السلالية التي رفضها الجمهوريون بمختلف توجاتهم الفكرية وانتماءاتهم الجغرافية.

وهكذا انقسم الصف الجمهوري وتخندق كل طرف خلف قناعاته، وكانت النهاية المأساوية اصطدام الجمهوريين واقتتالهم في شهر أغسطس 68م، وفي هذا الصدد، يقول الأستاذ عبدالله البردوني في كتابه -اليمن الجمهوري- إن "أحداث أغسطس عام 68 كانت لضرب الثورة الحقيقة بالثورة الشكلية، وبنفس الأسلحة التي حاصرت الحصار وهزمت المعتدين، لكي يتم التصالح بين الجمهوريين المعتدلين والملكيين المجمهرين" ص 406.

ونتيجة لذلك الاقتتال المؤسف، ارتقت يوم 23 أغسطس 1968م، روح القيل والمقاتل الجمهوري الشهيد محمد صالح فرحان، قائد سلاح المشاة، وهو في مقر قيادة سلاح المشاة بالعاصمة صنعاء، ووري الثرى في مقبرة خزيمة في اليوم التالي 24 أغسطس.

رحم الله شهيد الجمهورية الخالد القائد محمد صالح فرحان وأسكنه فسيح عليين.

. هناك كتاب عن سيرة البطل تحت عنوان "النقيب محمد صالح فرحان.. شهادات وبطولة".

زر الذهاب إلى الأعلى