[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

استشهاد العليي: مأرب سور الجمهورية الذي لا يعرف السقوط

محمد دبوان المياحي يكتب عن استشهاد العليي: مأرب سور الجمهورية الذي لا يعرف السقوط

الشيخ ربيش العليي كان حارسًا لشرف بلدته، وسقط كي تظل رؤوس قومه شامخة.

سقط على طريقة الأبطال الكبار، ما الذي كان يبحث عنه هذا الشيخ والبرلماني الجليل في ميدان القتال، لماذا فضَّل الحياة في خطوط النار بدلاً من أن يقضي سنواته الأخيرة في منزله الوثير؟ هل كان يبحث عن مكسب، عن راتب ورتبة، ما قيمة المكاسب كلها حين تغدو حياتك مهددة بالموت في أي لحظة؟

لا بد أن ثمة قيمة أعلى كان يحرسها ببندقيته في أرض سبأ، كان يدافع عن حق اليمني في العيش ملكًا على أرضه، كان يطلق النار؛ كي لا يشعر أحفاده من بعده بالعار حين يكبرون ويجدون أنفسهم رهينة لحكم السلالة.

كان يحرس القيم الكبرى للنضال: الحرية، الجمهورية، الكرامة، وإرادة الناس.. وسقط كي تظل القيمة حية والأرض موفورة الشرف.

رحل الشيخ ربيش، في باكورة سبتمبر، ولا أظنه توقيتًا حدث بالصدفة، لقد اختاره الموت في توقيت يهب رحيله معنى وقيمة، توقيت يضعه في موكب أبطال الجمهورية، حيث أدى ركعته الأخيرة في شهر ميلادها الكبير ورحل ملفوفًا بمجد الأبطال العظام.

ليس الموت دائمًا نقيض الحياة، أحيانًا كثيرة يكون الموت دليلًا ساطعًا على قدسية الحياة، يحدث ذلك حين تتعرض فكرة الحياة ذاتها لمهدد يفقدها قيمتها، في حالة كهذه يكون الموت انتصار لفكرة الحياة. تمامًا كموت هذا الشيخ الكبير.

هذا هو الموت الشاهد على قيمة الحياة، إنه ليس عبثاً بالأرواح في معركة بلا غاية، بل كرم يعلي من قيمة العيش، وإعلان صريح أن الحياة، بكل قداستها، فاقدة للقيمة حين يُسلب منها شرط الحرية، هكذا يغدو الموت دليلاً صاخبًا على قداسة الحياة، الموت على طريقة هذا الشيخ المهيب.

لم يكن الشيخ ربيش قاتلاً ذهب ليذل الناس في ديارهم، لم يكن غازياً للمدن ومتسلطاً على رقاب الآخرين، كان يقف في حواف مأرب ويدافع عن حق المدينة في أن يحكمها أبناؤها وحق أبنائها في الدفاع عن جمهوريتهم المستلبة ودولتهم المخطوفة.

كان حارسًا لشرف بلدته، وسقط؛ كي تظل رؤوس قومه شامخة من بعده، ويواصل رفاقه درب النضال حتى يُعاد للحياة قيمتها وتعود للناس جمهوريتهم.

إن مأرب هي سور الجمهورية، وإن سوراً يحرسه الشيوخ قبل الشباب لهو سور لا يعرف السقوط.

زر الذهاب إلى الأعلى