[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتمامات

خطورة غياب المثقف الشعبي

د. لمياء الكندي تكتب: خطورة غياب المثقف الشعبي


يقترن دور المثقف اليوم بالسلبية الطاغية على كافة المظاهر في مجتمعنا، منذ أن انحسر دور المثقف في ذاته قبل مجتمعه وتخليه عن مهمته التنويرية والتصحيحية.

حدثت هذه الفوضى في البنى الاجتماعية والسياسة التي أصبحت تتداعى أمام فوضى الأمر الواقع، وهي إحدى المهمات التي نجح أعداء الوطنية فيها، وشل الحركة الثقافية المصحوبة بدور تنويري طليعي، وتحديد مساحة صغيرة جدا لهم، يتفاعلون مع أشباههم، يكتبون ويحاضرون، يتساءلون ويناقشون نفس الجماعة المثقفة، ويستنتجون ويحللون فيما بينهم رؤاهم وأفكارهم، بحيث بقيت هذه الثقافة وهذا الدور محصورا بتجاربهم ولا يتحاوز تأثيرها محيطهم الثقافي الضيق.
وهذا التراجع في الدور الطبيعي للمثقف كان السر في موجة التردي الثقافي الاجتماعي، مما جعلهم كائنات منفصلة عن واقعها.
لقد لعبت الأيديولوجيا الحزبية والسياسية دورها في إضعاف دور المثقف، وقننت أنشطته وازاحت تأثيره الطبيعي في المجتمع، لصالح النخبة السياسية الحاكمة أو المتطلعة للحكم أو المشاركة فيه.
إن الأدوار والمعارف المنوطة بالمثقف، جميعها مسؤولية المثقف ومن صلب واجباته، وهي مسؤولية جماعية تمتد حقولها وعلومها وتجاربها في أكثر من مجال تسخر فيه جهودها لصالح المجتمع الذي يمكن الدولة الانطلاق في أدوارها الطبيعية الراعية والحامية لكافة أنشطة المجتمع التي يفترض أن تكون داعمة ومتكاملة معها.
ويعتبر تخلي المثقف لدوره هذا خيانة لنفسه ووطنه وأمته وخيانة لذاته، فمنذ أن تخلى المثقفون عن دورهم التنويري الرافض لمعطيات الأمر الواقع، الذي تكيفوا معه بكل ما فيه من انهزامية، سهل على بقية الفئات الاستكانة فحل الهوان وتعرضت الهوية لأعنف تهديد في تاريخها وتقطعت أوصال البلاد وتردت معيشة الناس إلى وحل الفاقة والمهانة والمذلة.
وبطبيعة الحال، لا يمكن تحميل المثقفين وحدهم نتائج هذه الردة والتراجع حيث أن دور المثقف ايضا يظل مرتبطا بدرجة ما، بدور الدولة الوطنية التي يفترض أن تكون حاضنة لتوجهاته وأنشطته، ودور الفئات والمكونات الحزبية والسياسية التي حاولت ولا زالت تحاول اختزاله في دائرة ضيقه، من المساومات والمناكفات الحزبية التي وضعته على هامش القرار والفعل، وقيدته بتوجهاتها مهما كانت خاطئة، ومتى ما تم تقبل حالة الانزواء والاحتكار للمثقفين في دائرة هذه الأحزاب فإن ذلك يفقد المثقف حريته وجموح أفكاره وجهوده لصالح التنافس الحزبي الذي غيبت عنه المشاريع الوطنية.
عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى